سنة 1985 أي قبلَ حوالي أربعينَ عاماً، خرجتْ فتاةٌ جنوبيّةُ الأصل (جوليا بطرس) وغنّتْ "غابت شمس الحق"، كلمات الشّاعر نبيل أبو عبدو وألحان زياد بطرس، حينَها لم يكنْ عمرُ جوليا قد تجاوزَ السَّبعةَ عشرَ عاماً.
بدأتْ "بطرس" الغناءَ بالفرنسيّة عام 1982، ثمّ انتقلتْ لتقديمِ اللهجةِ اللبنانيّة، وتحوّلتْ بسرعةِ البرقِ لأيقونةٍ في مجالِ الأُغنيات الوطنيّة، بالإضافةِ إلى أعمالِها العاطفيّة الجميلة.
"ما تخاف يا جنوب من غدرِ الزّمان من وَيل الحروب من لَوعة الحِرمان"، هنا تحاورُ الابنةُ الجنوبيّةُ جنوبَها، وتجمعُ الأُغنيةُ بينَ الإصرار والعزيمة والحزنَ والإنكسار بسببِ ويلاتِ الحرب.
اليوم مُجدداً تتكررُ مشاهدُ "غابت شمس الحق"، تماماً كما في عقودِ القرنِ الماضي وكما حصلَ عام 2006 خلالَ "حرب تموز"، لكن "مع كل إللي صار رح تبقى إلنا الدّار ويرجع شجر الغار".
دوماً ما يقاومُ الجنوب
العنوان الثّاني لـ "غابت شمس الحق" هوَ "منرفض نحنا نموت"، حكايةُ أرضٍ وشعبٍ يقاومُ، حكايةُ شجرِ زيتونٍ وبيوتٍ صامدة وطرقاتٍ مَشى عليها ملايينُ الجنوبيين، ولكل منهُ حكاية.
مع نبيل أبو عبدو شاعراً وزياد بطرس ملحناً وجوليا بطرس غناءً، صارت "غابت شمس الحق" أُغنيةً أيقونيّةً لا وقتَ لها، فالجنوب دوماً في حالةِ مقاومة مستمرة، وصمودهُ ملحمةٌ تُروى لأجيالٍ ستأتي. دوماً تعيشُ القُرى الجنوبيّة إمّا صامدةً في وجهِ الطّمعِ أو مُقاومةً بالنّارِ والدمِ كما يحصلُ الآن.
اليوم بيوتُ الجنوب موحشة، وحيدة، الكثيرُ من أهلها هُجّر منها، وبقيَ مَن يرزحُ تحتَ خطر أن يَوقِع العدو السّقفَ فوقَ رأسِهِ. وفي الجنوب أيضاً شبابٌ مُرابطٌ لحمايتهِ كي "تُزهّر كرامةِ" أرضِ الجنوب مجدداً.
لا يقتصرُ ترديد "غابت شمس الحق" على الجنوبيين فقط، فالجنوب يختصرُ حكايةَ صمودِ وطنٍ برمّته وشعبٍ يُكرّرُ دوماً: "رح نبقى". كما تكسبُ جوليا الرهانَ دائماً لصوتٍ وإحساسٍ بطَلَين في كلِ مُناسبة.