في 17 أيار 2012 رحلتِ الفنانةُ الكبيرةُ وردة الجزائريّة عن عالمِنا تاركةً خلفَها إرثاً فنياً عظيماً، وفي قلوبِ الجمهور العربي، رسمتْ محبةً لا تنضبُ. 

بدأتْ وردة مشوارَها الفني منذُ كانت طفلةً صغيرةً، وعاشتِ التّرحال. ولِدَتْ في فرنسا من أبٍ جزائري وأُمٍ لبنانيّة، وتنقّلتْ بينَ عواصم عديدة أبرزها القاهرة، لكن بقيتْ دوماً تحملُ لقبَ "الجزائريّة". تحوّلتْ لإحدى أشهر أيقونات الجزائر، فصوتُها قلّ نظيرهُ، مترافقاً مع شخصيّةٍ فنيةٍ متميّزة، كما أثبتتْ حضورَها وتجدّدَها في كلِ زمانٍ ومكانٍ تحلُ فيهما.

قدّمتْ الأيقونة الجزائريّة خلالَ مسيرتِها عشرات الأُغنيات البارزة، مثل "في يوم وليلة" و"أوقاتي بتحلو" و"اسمعوني" و"حنين" و"يا سَيّدي" و"بتونس بيك" و"نار الغيرة" و"حَرَّمت أحبك" و"على عيني" و"حكايتي مع الزمان" و"العيون السود" و"اشتروني" و"ليالينا". كما غنّتْ بالفرنسيّة، وأدّتْ الكثير من الأعمالَ الوطنيّة والدّينية، وكانَ لها مشاركات سينمائيّة.

أيام

حينَ بلغتْ وردة عمرَ الثانية والسّبعين اختارتْ أن تستريح بعدما أنهكها المرَض، وبعدَ رحيلِها بعامٍ، أُطلقَتْ أُغنيتُها العاطفيّة الأبرز باللهجة اللبنانيّة "أيام". 

اختارتْ وردة أن تُضيف للمكتبة الموسيقيّة اللبنانيةً عملاً استثنائياً، كتبهُ منير بوعساف ولحّنهُ بلال الزين، أمّا الفيديو كليب، فقد خطَّ تفاصيلَهُ المخرج مؤنس خمّار، مُستحضراً وردة بعدَ رحيلها، كأنّها بطلةَ العمل. ويتحدثُ الفيديو كليب عن حكايات الكثيرين منّا، يُحبون ويُفارقون وقد يندمون، "لكن يا خسارة الحياة بتمرق ما فينا نردها".

تقولُ كلمات "أيام": "أيام منعدها ولو فينا نردها، كنّا ردّينا أوقات صارت هلق ذكريات لكن يا خسارة الحياة بتمرق ما فينا نردها. كنّا رجّعنا أحباب فارقناهم كنّا صالحنا أصحاب زّعلناهم كنّا سامحنا يلي جارحنا كنا إللي مرّة جرحناه رحنا نقلّه سامحنا. يا سنين لو فينا نعيد ماضينا حتّى كل دمعة بكيناها كنّا بالضّحكة محيناها حرام نضيّع أيام تمرق ما فينا نردها".

أدّت وردة الجزائريّة "أيام" بمنتهى الإحساس، امرأة سبعينيّة خبّأت بينَ الكلمة واللّحن مشوارَ سنين وأيام. كانت "أيام" آخر أُغنياتِها بلهجةِ بلدِ أُمها لبنان، فاختُتمَ مشوارُ العبير في بيروت.