القصرُ شبهُ مهجور،

السَّرايا مبنًى تراثيٌّ جميل،

المجلس طاولة مستديرة،

مقرُّ مجلس الوزراء أنشئ، ثم غادر مقرَّه ولم يعد،

الرِّئاسة الخالية... مالئة الدُّنيا وشاغلة النَّاس،

الحكومة... كلُّ وزير فيها حكومة قائمة بذاتها،

النُّوَّاب، إلَّا قلَّة منهم، عاطلون من العمل،

مجلس الوزراء مثل المهجَّر يرثي لحاله جميعُ المهجرين، فيهبونه من مساعداته الكثيرة السَّابقة لهم ما يقيه الجوع والعطش والبرد.

***

الطَّريق إلى القصر عريضة فسيحة،

معبَّدة بالتَّمنِّيات والكوابيس والإشاعات،

مزدحمة بالنُّفوس الطَّامحة والقلوب المتوثِّبة... والشَّاحنات،

لكن واحدًا أحدًا سيسلكها إليه،

وما إن يصل حتَّى يتبعَه الآخرون مهنِّئين، ولو مُكرهين.

واحد لن يُكشفَ اسمُه إلَّا بعد انتخابه.

***

الطَّريق إلى السَّرايا تمرُّ بقلب بيروت،

وقلبُ بيروت لا يمرُّ بالسَّرايا.

قلبها على أولادها، وقلبُ أولادها... عليها.

أمَّا الحجرُ فبات له، هو الآخر، قلب،

وقلبه على ولدِه،

وقلب ولده على الحجر.

***

الطَّريق إلى المجلس تحتسي القهوة،

ترشف من فناجين روَّاد المقاهي المنتشرة من حوله،

كلَّ حواراتهم،

لتُغنيَ بها حِوارًا واحدًا.

***

الطَّريق إلى مجلس الوزراء،

تبحث على طاولته،

وبين بنوده المتراكمة،

عن مشروع قانون علاه الغبار،

لتعبيدها...

***


إعلانات مبوَّبة:

مطلوب مرشَّحون لا يضلُّون أيًّا من الطُّرق التي ورد ذكرها أعلاه.

مطلوب مرشَّحون ذاكرتهم حيَّة، بعكس ضمائرهم، وصبرهم طويل بعكس ألسنتهم.

مطلوب مرشَّحون يميزون بين الفاعل ونائب الفاعل، وإن كان الإثنان مرفوعين، وبين فاعل الخير... والخير لقدَّام، ولو فاض الخير على الناس، في زمانهم.

مطلوب كَراسٍ لجميع المرشَّحين، غير الكرسيِّ الأوَّل...

مطلوب مرشَّحون لكلِّ الكراسي... غير شاغليها.

مطلوب أن يبدأ الشِّعر الحديث عصره السِّياسي اللبناني،   

ومطلوب، أخيرًا، أن تنتهي "القصيدة" بثلاث نقاط وعلامة تعجب...!

***

قراءات:

هذا الكون، مكتوبه يُقرأ من توازنه.

هذه الأرض، مكتوبها يُقرأ من إنسانها.

ذاك الطِّفل، مكتوبه يُقرأ من حَبْوِه.

تلك الجميلة، مكتوبها يُقرأ من... عينيها.

ذلك الفلاح، مكتوبُه يُقرأ من رائحة الأرض على ثيابه.

تلك الأمُّ، مكتوبها يقرأ من حليبها.

القائد، كالشَّرف، يُقرأ من رفعة جبينه.

القصيدة، كالمرأة، تُقرأ بالقلب... والشَّفتين.

***

كلمة من تأليف "تأبَّط شرًّا":

ورد في قاموس السِّياسة اللُّبنانية عن الحوار المعاني الآتية:

كلمة يتمنَّاها الجميع، ولكن ليس كلُّ ما يتمنَّى المرء يدركه، إذا لم يكن راغبًا في إدراكه.

كلمة اعتراضية بين فصل سياسيٍّ وآخر.

كلمة لا محلَّ لها من الإعراب.

كلمة تقع في باب "لزوم ما لا يلزم".

كلمة من تأليف "تأبَّط شرًّا".

 كلمة تصلح عنوانًا لبرنامج "توك شو" لبناني، يحاور فيه مقدمُّه نفسَه، فيما الضُّيوف الكرام المدعوُّون ليسوا سوى جزء من الديكور.

كلمة فقدت عقلها وهامت على وجهها من فرطِ ما أسيء استخدامها. فمن يعرف عنها شيئًا، نرجو منه أن يدلَّ المغالين في التلفُّظ بها صبح مساء، وليل نهار، من دون أن يعنوها... إلى جادَّة الصَّواب. وأجره عند ربِّه كبير عظيم.

كلمة عكسها: شارع أو محور... وشرٌّ مستطير.

كلمة تنتظر، في مكان حبيب، أحبَّاء فارقوها من زمان، ولم يسألوا عنها. وما زالت تنتظر عودتهم، وتحبُّهم جميعًا بلا استثناء، لتعانقهم من كلِّ حروفها.   

كلمة ليست كالكلمات.

***

أفكار مبعثرة:     

زياد الرحباني (وكالة الصحافة الفرنسية)

حتَّى الأغنياء الميليارديريون يرتدون "الجينز"، مثلنا نحن عامَّة الشَّعب. نِعم المساواة. رأيت، أخيرًا، أحد هؤلاء الأغنياء في سروال رعاة البقر الشَّهير، فعجبتُ للمفارقة. وما انفككت أسأل، في نفسي، هل يتساوى جينزانا سعرًا؟. بئس المساواة!

نهش هرٌّ من فصيلة النَّمر وجه رضيعة. ماتت الرَّضيعة في المستشفى، بعد يومين، تحت وطأتين: الألم الشديد، والفقر. لو كان ذووها يملكون المال، لتغلَّبت على النَّمر وكلِّ أنواع الوحوش...

استوقفني، ذات يوم، في زياد رحباني، وهو اليساريُّ الملتزم، المتضلِّع من هذا الفكر، استخدامه تعبير "اليسار الخلاسي" لوصف بعض يساريِّي اليوم. مدهش الوصف، مثلما هو زياد في معظم ما صنع... مدهش.

في تعريف مفهوم الأمَّة، إلى ارتضاء شعبٍ ما على أرض ما في زمن واحد العيش معًا تحكمه آمال مشتركة، أن الآلام المشتركة هي أيضًا عنصر أساس في تكوين هذه الأمَّة. نحن شعب الجراح والخطر، مذ كان لبنان. ولكل فئة لبنانية جرح، إن لم يكن لكل فرد. فلنتقاسم، نحن اللُّبنانيين، أفراحنا والأتراح، فنفسح في أجسادنا أمكنة لجراح جديدة، وفي صدورنا زوايا لرحمة بسيطة، كي نستحق لبنان أمَّة، وإلَّا...!!!   

وأخيرًا، والختام يجب أن يكون مسكًا... المكان الذي تحبُّ... لا يمكنك أن تغادرَه إلى آخر، ولو عنه رحلت. لأنَّه هو الذي يغادرُك إليك، أينما حللت.