بالأمس كانَ اللبانيون يتابعون مشهدين متناقضين لبيروت، ليسا بجديدين على لبنان في الأشهر المُنصرمة. الفارق الوحيد، أنهُ حينَ كانت الفعاليات الفنية تجري في العاصمة، يحدثُ القصف الإسرائيلي للجنوب اللبناني، بينما في الأمس، المسافة كانت قريبة جداً.

على بعدِ كيلومترات قليلة من مكان استهداف "حارة حريك" في الضاحية الجنوبية لبيروت، جزءٌ آخرٌ من اللبنانيين، وبشكلٍ خاص من فئة الشباب، كانوا على موعدٍ مع حفلٍ ساهرٍ للفنان السّوري "الشامي" الذي يشغلُ الدنيا بأغنياته مؤخراً. لم يكنْ متوقعاً أن يتم إلغاء الحفل، بشكلٍ خاص أنّ "الضّربة" حدثت مع بدءِ توافد "جمهور الشامي" إلى ختام مهرجانات "أعياد بيروت"، لكنّ المشهد ككل كانَ غريباً، وفي آن لا يمكن تحميل "الشامي" مسؤولية ما حصلَ من توقيتٍ طرحَ التناقضات، بين دمارٍ وشهداءٍ وأصواتِ صراخ أطفال خائفة وحفلٍ صاخبٍ وموسيقى وصرخات المُعجبين والمُعجبات!

وكانت هذه الازدواجية موضع انتقاد من البعض فيما دافع عنها البعض ووضعها في خانة تحدي الموت والتمسك بالحياة بل ومحاولة التصدي لما يريده العدو من خلال إظهار أننا شعب بعرف كيف يعيش إن كان يجهل كيف سيموت. 

ورغم كل ما جرى تشير المعلومات إلى أن العديد من الحفلات التي كان قد أعلن عنها بتواريخ ستبقة لم يتم تأجيلها بعد ولم يعلن عن إلغائها. ويرد لبعض السبب إلى أن لبنان عاش ويعيش ظروف الحرب منذ عشرات السنين وأصبحت المسألة أمراً اعتيادياً يمكن رصده حتى في جنوب لبنان حيث يمارس الناس حياتهم بشكل طبيعي فيما تُسمع أصوات الانفجارات ويتصاعد الدخان يتصاعد من أمكنة ليست ببعيدة عنهم.