تتأهب فنزويلا لولاية رئاسية ثالثة للرئيس نيكولاس مادورو واحتمال مواجهة جديدة مع الولايات المتحدة الأميركية. فقد أجريت الانتخابات الرئاسية وفاز بنتيجتها الرئيس مادورو من الدورة الأولى بعد حصوله على 51.5 بالمئة من الأصوات.
وخلال مؤتمر صحافي عقده رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغز الذي يترأس أيضاً الحملة الانتخابية لمادورو، أعلن عن فوز الرئيس مادورو، فيما كان محاطاً بنائبة الرئيس ديلسي رودريغيز ونائب الرئيس السابق ديوسدادو كابيلو. وعقب الإعلان عن النتائج تعهد الرئيس نيكولاس مادورو في كلمة ألقاها في مناصريه توفير "السلام والاستقرار والعدالة". ولفت خلال احتفال أنصاره قبالة القصر الرئاسي في كراكاس إلى أنّه "سيكون ثمة سلام واستقرار وعدالة. السلام واحترام القانون. أنا رجل سلام وحوار".
والجدير ذكره أنّ مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس حصل على 44 بالمئة من الأصوات. وهو رفض نتائج الانتخابات، وأعلن على حسابه على موقع "إكس" فوزه بمنصب الرئاسة، فتبنّته المعارضة الفنزويلية التي أعلنت "فوز مرشّحها إدموندو غونزاليس أوروتيا في الانتخابات الرئاسية بحصوله على 70 بالمئة من أصوات المقترعين". رافضةً بذلك الاعتراف بإعلان المجلس الوطني الانتخابي فوز نيكولاس مادورو بولاية ثالثة. كما أنّ زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو أعلنت، في تصريحات صحافية، أنّه بات "لفنزويلا رئيس جديد منتخب هو إدموندو غونزاليس أوروتيا".
وقد تبنّت الولايات المتحدة الأميركية، على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، موقف المعارضة الفنزويلية إذ أعرب بلينكن عن أنّ لدى واشنطن "مخاوف جدّية من أنّ الفوز المعلن للرئيس نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية في فنزويلا، لا يعكس الإرادة الشعبية في عملية الاقتراع".
مع العلم أنّ إدموندو غونزاليس أوروتيا ولد في 29 آب 1949 في لا فيكتوريا، أراغوا. وقد حصل على إجازة في الدراسات الدولية من الجامعة المركزية في فنزويلا وماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في كاراكاس في العام 1981، وبدأ حياته العملية ديبلوماسياً في وزارة الخارجية الفنزويلية حيث عمل في مناصب مختلفة في السلفادور وبلجيكا قبل تعيينه سكرتيراً أول للسفير الفنزويلي في واشنطن في العام 1978، وهو التاريخ الذي يشير فيه أنصار مادورو إلى بدء علاقة غونزاليس بدوائر القرار في الولايات المتحدة. وبين العامين 1991 و1993 شغل غونزاليس منصب السفير الفنزيولي في الجزائر، ثم تولّى منصب المدير العام للسياسة الدولية في وزارة الخارجية الفنزويلية بين العامين 1994 و 1999 قبل تعيينه سفيراً لفنزويلا في الأرجنتين حتى العام 2002. وعقب تقاعده انضمّ إلى المعارضة الفنزويلية متولّياً منصب الممثل الدولي للتحالف السياسي للمعارضة. وترشّح للانتخابات الرئاسية عقب الإعلان عن عدم أهلية زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو لتولّي منصب سياسي في فنزويلا.
فنزويلا تستعد لعاصفة جديدة في مواجهة الولايات المتحدة والغرب
وتحدثت معلومات عن دعم منظمات فاشية في فنزويلا لغونزاليس، ومنها منظمة "فرق الموت" المؤلفة من عناصر يمينية لمكافحة الحركات اليسارية. والجدير ذكره أنّ هذه المنظمة تعمل في عدد كبير من بلدان أميركا اللاتينية، ويقدّر عدد أفرادها بنحو ستين ألفاً، غالبيتهم ممن كانوا في جهاز الشرطة أو الجيش في بعض دول أميركا اللاتينية. وظهرت هذه الفرق نتيجة جهد بذله "معهد نصف الكرة الغربي للتعاون الأمني"، المعروف سابقًا باسم مدرسة الأميركيتين، وهي مدرسة تابعة إلى وزارة الدفاع الأميركية، تقع في فورت مور في كولومبوس في ولاية جورجيا، وأعيدت تسميتها في قانون تفويض الدفاع الوطني للعام 2001. وأُسس المعهد في العام 1946. وفي العام 2000، كان نحو 60 ألفاً من أفراد الجيش ومنفذي القانون والأمن في أميركا اللاتينية قد التحقوا بالمدرسة. واستمرّت المدرسة التي تقع في منطقة قناة بنما في عملها إلى أن طردها الرئيس البانامي السابق مانويل نورييغا في العام 1984.
وترجح مصادر أن يرفض غونزاليس نتائج الانتخابات ويختار المنفى، ليعلن من هناك عن حكومته تماماً كما حصل مع السياسي الفنزويلي السابق خوان غوايدو، الذي سبق أن تولّى منصب رئيس الجمعية الوطنية لفنزويلا بين العامين 2019 و2021، وأعلن نفسه في العام 2019 رئيساً لفنزويلا بالوكالة بعدما رفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسر فيها أمام الرئيس مادورو. وقد تلقّى غوايدو آنذاك اعترافاً رسمياً برئاسته من قبل نحو 60 حكومة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والعديد من البلدان الأوروبية والأميركية اللاتينية وأيضاً من المؤتمر الكنسي الفنزويلي. لكن في 6 كانون الثاني من العام 2021 سحب الاتحاد الأوروبي اعترافه بغوايدو. وفي كانون الأول من العام نفسه لم يكن غوايدو قد تمكن من إطاحة مادورو من السلطة، وبقي مادورو يسيطر على الجيش ومؤسسات الحكومة ومشاريع الدولة. ومنعت إدارته غوايدو من مغادرة البلاد وجمّدت أصوله الفنزويلية وبدأت بتحقيق جنائي يتهم غوايدو بتدخّل أجنبي.
يبدو أنّ فنزويلا تستعد لعاصفة جديدة في مواجهة الولايات المتحدة والغرب، خصوصاً مع احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، علماً أنّ الجمهوريين الذين يمثلهم ترامب يتّخذون موقفاً أكثر تشدّداً من الديمقراطيين تجاه فنزويلا.
*استندت هذه المقالة إلى معلومات وفّرها البروفيسور رودولف القارح ورئيسة القسم الإسباني في "الميادين" السيدة وفيقة إبراهيم.