هي حربٌ قائمة بكلّ مفاعيلها، وإن كانت حتّى الساعة، محصورة ببقع جغرافية محدّدة فأضرارها ماثلة، ودخولها في فصل جديد من التصعيد والتحريض على المدنيين اللبنانيين لا يعني أنّها باتت شاملة أو موسّعة كما يحلو للبعض تسميتها، وقد خرق مقال نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية رتابة المشهد اللبناني عندما تحدثت عن استخدام مطار رفيق الحريري الدولي لتخزين الأسلحة من قبل المقاومة، فسارع وزير النقل والأشغال العامة علي حمية إلى نفي افتراءات الصحيفة، داعياً جميع السفراء المعتمدين في لبنان أو من يمثّلهم إلى جولة على مختلف مرافق المطار "دحضاً لكلّ الافتراءات"، على أن تبدأ الجولة من قاعة صالون الشرف صباح اليوم الإثنين.

وقال حمية خلال مؤتمر صحافي مباشر من المطار: " إضافة للزيارة إلى المطار، نحن نريد تحميل السفراء رسالة إلى بلدانهم للعمل على وقف انتهاكات العدو فوق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت"، خاتماً: "نحن في طور إعداد دعوى قضائية بحقّ "التلغراف" لأن البيان الذي صدر عنها يشوه سمعة المطار من دون الاستناد إلى أية حقيقة".

توازياً، وضع الخبير العسكري اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني عبد الرحمن شحيتلي مقال "التلغراف" في خانة الحرب الإعلامية، خصوصاً بعد التصعيد الكلامي الذي بدأه العدو الإسرائيلي، والذي جاء على لسان قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين، ومفاده أنّ قواته أكملت مطلع الشهر الحالي الاستعداد العام للهجوم في الشمال، وهذا ما دفع بالمقاومة إلى الرد بنشر مقاطع مصورة من مسيرة الـ"هدهد" ومن ثم استئناف الجيش الإسرائيلي حربه الكلامية بأكثر من تصريح، فكان رد المقاومة بإحداثيات عبر مسيرة أخرى أول من أمس للمطارات ووزارة الأمن والمرافق العسكرية الإسرائيلية الحيوية.

حزيران وتموز لن يشهدا تصعيداً عسكرياً كبيراً

وأضاف اللواء شحيتلي: "لا شكّ أنّ للعدو الإسرائيلي تأثيره الكبير على الصحافة العالمية، فجاء مقال "التلغراف" بمثابة الرد بتهديد مطار بيروت كونه هدفاً إذ سيؤثر حكماً على حركة الطائرات الأجنبية"، نافياً أن يكون للمطار قدرة على ضمّ مخازن كبرى مؤهلة لتخزين اأاسلحة أو أنّ طائرات شحن كبيرة استطاعت نقل كميات من الأسلحة، كما تحدث المقال، من دون أن تثير الشبهات في بلد مثل لبنان.

وختم: "أعتقد أنّ حزيران الجاري وتموز المقبل لن يشهدا تصعيداً عسكرياً كبيراً، أمّا في آب وما بعده فسننتظر كيف تكون قد اتجهت الأمور ميدانياً".

على خط موازٍ، رأت مصادر صحافية مواكبة أنّ التطورات الأخيرة غاية في الخطورة على أكثر من صعيد، ووضعتها في إطار التصعيد الكبير الذي لطالما بادرت إسرائيل إلى الخوض فيه، وهذا ما يصنفها بحسب المصادر نفسها في خانة "غير محسوبة"، لأنّ الحرب على غزة كانت خير دليل على أنّ أحداً لم يتوقّع ما يدور في العقل الإجرامي الإسرائيلي واستمرار مسارها حتى اليوم.

وبحسب المصادر،"فإن زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين الأخيرة إلى لبنان كانت الغاية منها تخفيف التوتر عن الجبهة الشمالية (جنوب لبنان - شمال فلسطين المحتلة) وفصلها قدر الإمكان عن غزة، وقد كانت الإجابة التي حملها من رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تل أبيب هي أنّ تخفيف التوتر يبدأ بقرار من حكومة بنيامين نتنياهو"، مشددةً على أنّ ما يتعرص له في لبنان هو حرب كاملة الأوصاف والخشية اليوم هي من توسع هذه الحرب.

وسألت المصادر بشأن ما نشرته صحيفة "التلغراف"، أمس: "متى كانت إسرائيل بحاجة إلى حجة كتلك التي نشرتها الصحيفة البريطانية لقصف مطار بيروت؟" مستشهدةً بحادثتين للاعتداء على المطار، الأولى عام 1968 والثانية مع بداية حرب تموز 2006.

ومن هذا المنطلق، تستبعد المصادر نشوب الحرب الموسعة على لبنان، لأنّ تكاليفها على إسرائيل ستكون أكبر بكثير من تلك التي من الممكن أن يدفعها لبنان أو حزب الله على وجه التحديد، وقد جاءت المقاطع المصورة التي نشرتها المقاومة أخيراً حول الإحداثيات في إطار العمل الردعي المحذر للعدو الاسرائيلي، لا التصعيدي. 

وكان وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري وفي تغريدة له أمس على موقع أكس (تويتر سابقاً) قد دعا وسائل الإعلام كافة وتمنى عليها عدم الاكتفاء بالتنديد بالمقال، بل فضح الأهداف من وراء نشره في هذا الظرف تحديداً. وشجّع على الحضور إلى مطار بيروت في العاشرة والنصف قبل ظهر غد تلبية لدعوة الوزير حميه للتحقّق بأمّ العين من زيف المزاعم الواردة في جريدة التلغراف.


كما نبّه مكاري من الأخبار الكاذبة


اتحاد النقل الجوي: التلغراف تتحمّل كامل المسؤولية عن سلامتنا

نفى اتحاد النقل الجوي في لبنان الـ"UTA"، في بيان، أمس الأحد، ما زعمته "التلغراف"، مضيفاً "طالعتنا صحيفة "التلغراف" بخبر عن وجود أسلحة وصواريخ في مطار بيروت، من دون تقديم أيّ دليل أو برهان، بل مجرد أكاذيب هدفها تعريض مطار بيروت والعاملين فيه، والعابرين منه وإليه، وكلهم مدنيون، للخطر".

وتابع البيان: "نحمل هذه الوسيلة الإعلامية، ومن ينقل عنها، كامل المسؤولية عن سلامتنا (العاملون في مطار بيروت بكامل منشآته، بدءاً بمحطة الركاب مغادرة ووصول بلوغاً إلى ساحة الطائرات والصيانة والشحن الجوي المدني).

وختم: " ندعو وسائل الإعلام كافة لبنانية وعربية وأجنبية إلى الحضور إلى مطار بيروت مع طواقم التصوير، والتأكد بأنفسهم".

مراسلة "التلغراف" تتبرأ من المقال.. "مجهول الكاتب"

في موازاة ذلك، كتبت مراسلة "التلغراف" السابقة في بيروت "Abbie Cheeseman"، في تدوينة عبر حسابها على منصة "إكس": "آمل أن يكون الأمر بديهياً، لكن يجب أن أوضح علناً، أنني بالطبع لست وراء ذلك المقال المجهول الكاتب في صحيفة "التلغراف" حول مطار بيروت".

وأضافت: "فصلاً عن ذلك: توقفت عن العمل في صحيفة "التلغراف" الشهر الفائت، ولم يكن لدي أيّ علم مسبق بهذه القصة غير المسؤولة إلى حد كبير حتى ظهرت اليوم".

تصعيد ميداني على أرض الجنوب 

ميدانياً، استهدف العدو الإسرائيلي بالقصف الفوسفوري الأحراج في بلدة كفركلا، ممّا تسبب باندلاع النيران فيها، في حين قام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه البلدة من موقعه في المطلة.

وأفيد عن غارة إسرائيلية استهدفت أطراف بلدة راميا، وسجل قصف مدفعي لأطراف بلدة الضهيرة في القطاع الغربي، كما تعرضت بلدة الخيام لقصف معادٍ مدفعي وفوسفوري استهدف الحي الشرقي، ومحيط مدرسة المبرات، ومنطقة الشاليهات، وسهل مرجعيون.

في المقابل، أعلنت المقاومة في بيان "بعد مراقبة دقيقة لقوات ‏‏العدو الإسرائيلي في موقع المطلة، وعند رصد آلية عسكرية تتحرك في محيط الموقع وبعد وصولها إلى نقطة المكمن، ‏استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية بالصواريخ الموجّهة وأصابوها إصابة مباشرة، فأدى ذلك إلى تدميرها ‏وإيقاع من فيها بين قتيل ‏وجريح".

وفي سياق متصل، ردت المقاومة على الاغتيال الذي نفّذه العدو الإسرائيلي في بلدة الخيارة، بشَنّ هجوم جوي بمسيرة انقضاضية على مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل، مُستهدفةً أماكن تموضع ضباطها وجنودها، وأصابتها إصابةً مباشرة وأوقعت قتلى وجرحى".

وجاء في بيان آخر: "رداً على الاغتيال الذي قام به العدو الإسرائيلي في بلدة الخيارة، شَنَّ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بِسربٍ من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في أييلت هشاحر (شمال شرقي صفد)، مُستهدفةً أماكن تموضع ضباطها وجنودها وأصابتها إصابةً مباشرة وأوقعت قتلى وجرخى".

كذلك استهدفت بعد ظهر أمس موقع الرمثا في تلال كفرشوبا وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابة مباشرة".

إلى ذلك، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ "حزب الله" نفّذ 3 هجمات بالمسيّرات تجاه شمال إسرائيل، وإن الجيش اعترض الأحد جسماً مشبوهاً أطلق من جنوب لبنان واستهدف منشأة أمنية عسكرية “حساسة” تابعة لمجمع الصناعات الأمنية “رافائيل” بمنطقة الشاغور في الجليل الأسفل شمال إسرائيل.

أما المتحدث باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، فقد اعلن عبر حسابه على "اكس" ما يلي "أغارت طائرات حربية في الساعات الأخيرة على مبنى عسكري ونقطة مراقبة تابعة لمنظمة حزب الله في منطقة الخيام".

وأضاف أدرعي: "في وقت سابق، اليوم، أغارت الطائرات الحربية على مبنى عسكري لحزب الله في منطقة رامية بجنوب لبنان".

وختم: "كما قصفت قوات جيش الدفاع بالمدفعية منطقة علما الشعب في جنوب لبنان".