أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، صباح الإثنين، وفاة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في حادث تحطّم المروحيّة التي كانت تقلّه عند الحدود مع أذربيجان برفقة وزير خارجيته، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من المسؤولين الإيرانيين.
وكان الرئيس الإيراني ووفد مرافق له قد توجّهوا إلى المنطقة الحدودية مع أذربيجان لافتتاح سدّ عند الحدود بين البلدين. وبعدما انتهت مراسم الافتتاح استقلّ رئيسي والوفد المرافق له ثلاث مروحيات للعودة إلى طهران في ظلّ ظروف مناخية عاصفة. ووفقاً للبيانات الرسمية فقد تعرّضت المروحية التي كانت تقلّ الرئيس ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان لعطل أدّى إلى تحطّمها في منطقة جبلية وعرة ليس فيها طرق، وهذا ما صعّب عمليات البحث والإنقاذ.
دوافع إسرائيلية؟
هذا الحادث جاء في ظلّ ظروف إقليمية متوتّرة، وهو ما جعل التكهّنات تكثر حول خلفيّات الحادث وحقيقته مسبّباته. وقد اتّجهت أنظار الكثيرين إلى القادة الصهاينة ملمّحة إلى دور إسرائيلي في الحادث. وما عزّز هذه التكهّنات هو التوتّر الذي ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة الغارة التي كانت قد شنّتها الطائرات الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان، والتي أودت بحياة عدد من القادة في الحرس الثوري الإيراني، وما تلاها من ردّ إيراني بعد عشرة أيام عبر هجوم بمئات المسيّرات والصواريخ ضدّ قواعد عسكرية إسرائيلية تكتّمت تل أبيب عن حجم الخسائر التي نتجت منها.
وكان الكثيرون ينتظرون ردّاً ثأرياً إسرائيلياً على الردّ الإيراني، خصوصاً بعد العملية الهزيلة التي شنّتها مسيّرات إسرائيلية، والتي وضعت في خانة الاستعراض بسبب عدم إيقاعها أيّ خسائر في صفوف الإيرانيين. هذا جعل مراقبين يعتقدون أنّ إسرائيل ستقدم على ردّ آخر واعتبروا أنّ سقوط المروحية التي كانت تقلّ الرئيس الإيراني شكّلت الردّ الإسرائيلي. وكان لافتاً مسارعة إسرائيل إلى الإعلان عن عدم مسؤوليتها عن الحادث.
شبهات حول أذربيجان والولايات المتحدة؟
وممّا زاد من شكوك البعض في إمكان تورّط إسرائيل في الحادث الذي أدّى إلى مقتل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته وعدد من مرافقيهما، هو العلاقة الوثيقة التي تجمع إسرائيل وأذربيجان، خصوصاً على صعيد التعاون الاستخباراتي، في ظّل وجود محطّة تجسّس إسرائيلية في أذربيجان تهدف إلى التجسس على إيران وإدارة أعمال تخريبية فيها، عدا التعاون العسكري الوطيد بينهما. وهذا يعزّز هواجس البعض من احتمال أن تكون إسرائيل قد استغلّت هذه العلاقة للحصول على بيانات استخباراتية حول حركة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته للتسبب بالحادث. وما زاد من هذه الشكوك هو الأنباء عن رفض السلطات الآذرية السماح للقوات الإيرانية باستخدام أجوائها في عمليات البحث، وهذا ما تسبّب بتكهّنات بأنّ باكو كانت تريد التستّر على معطيات قد تساهم في الكشف عن أسباب الحادث وما إذا كانت هنالك يد تخريبية ساهمت في سقوط الطائرة.
بعض المراقبين توجه بنظره إلى الولايات المتحدة متّهماً إيّاها بالتسبّب بالحادث، مشيراً إلى تزامن إقلاع مروحية الرئيس الإيراني مع إقلاع طائرة شحن أميركية من طراز سي 130 في الوقت نفسه، وهذا ما أدى إلى تأويلات مختصرها أن تكون الطائرة جزءًا من عملية استخباراتية معقّدة. وقد حمّل وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، الولايات المتحدة مسؤولية مقتل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ومرافقيه، بسبب العقوبات التي فرضتها على صناعة الطيران في إيران. وشدّد على أنّ "هذه العقوبات ستُسجّل جريمة الولايات المتحدة في أذهان الشعب والتاريخ الإيراني".
من سيخلف ابراهيم رئيسي؟
وكانت أنباء قد أفادت بأنّ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية الإمام علي الخامنئي قد دعا إلى اجتماع طارىء لمجلس الأمن القومي للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة الشغور الطارىء بمنصب الرئاسة وانتخاب رئيس جديد للبلاد. ووفقاً للدستور الإيراني، فإنّ النائب الأول لرئيس الجمهورية يتولّى منصب الرئاسة بموافقة قائد الثورة الإسلامية لفترة انتقالية يجري خلالها التحضير لانتخاب رئيس جديد. بناء على ذلك، يخلف الرئيس الراحل في منصب الرئاسة النائب الأول للرئيس الإيراني اليوم محمد مخبر، الذي عيّنه رئيسي في هذا المنصب منذ تولّيه منصب الرئاسة عام 2021.
وتنص المادة 131 من الدستور على أنّه "في حالة وفاة رئيس الجمهورية، أو عزله، أو استقالته، أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية نتيجة وجود بعض العقبات أو أمور أخرى من هذا القبيل، يتولّى النائب الأول للرئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتّع بصلاحياته بموافقة قائد الثورة الإسلامية".
وتؤكّد المادة 131 أيضاً على أنّه يجب على هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول لرئيس الجمهورية أن يعملوا على اتخاذ الترتيبات اللازمة ليتمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال 50 يوماً على أقصى تقدير بعد وفاة الرئيس.
وسبق أن واجهت إيران فراغاً رئاسياً في حزيران 1981 عندما قرّر مجلس الشورى عزل الرئيس ابو الحسن بني صدر لعدم أهليته. وكانت المرة الثانية بعد أشهر قليلة من اغتيال الرئيس محمد علي رجائي بتفجير حقيبة مفخخة.