إنّ آخر ظهور للممثّلة السّوريّة القديرة سامية الجزائري على الشّاشة الصّغيرة، كانَ في "صالون زهرة 2" و"الكندوش 2" وكضيفة شرف في "حوازيق"، وذلك عام 2022. ومنذُ ذلك الحين، يختفي وجهُها البَشوش السّاخر عن الشّاشة. لا يمكن الجزم إن كانَ سبب الغياب، عدم تلقّي العروض الكافية على الصّعيدِ المادّي أو تأجيلِ مشاريع تشاركُ فيها، لكن في المقابل فإنّها تحتجبُ مع شبهِ غيابِ الكوميديا التي تشتهرُ فيها، رغمَ براعتها في التراجيديا أيضاً.
استطاعتْ سامية الجزائري أن تكون الممثلة السّوريّة والعربيّة الأولى التي تحافظُ على مكانتِها الكوميديّة المتقدّمة لأعوامٍ في سلسلة "عيلة 5 و6 و7 و8 نجوم"، وكانت في كلِّ مرة مع أبطالِ العمل، تبدعُ بتقديمِ شخصيتِها بإتقانٍ عالٍ لا يشوبهُ أيُ شك بتفانيها في الأداء.
سامية الجزائري كرّستْ لنفسِها مدرسةً خاصةً في الكوميديا وخطاً مميّزاً قد يتقاطعُ مع ما قدّمتهُ سهير البابلي وإسعاد يونس وعبلة كامل في مصر، لكنّها في آن رسمتْ خصوصيةً كبيرةً، جعلتْ من مشاهدها "تراند" قبلَ اختراع التراند وبعده. ولم تمرّ مشاركتها مرورَ الكرام في "جميل وهناء" بجزئيه، بل تركتْ بصمةً جعلتِ البعض يناديها باسمِ الشّخصيّة "أم محمود".
تجمعُ الجزائري بينَ كوميديا الموقف والإضحاك عن طريق استخدام المصطلحات النّافرة. هي ربّةُ المنزل في "عيلة 5 نجوم" التي تسعى دوماً لقطفِ الفرصة الأنسب من أجلِ تحسينِ وضعها الاقتصادي والاجتماعي، حتّى لو لجأت لـ "تهريب البضائع" أو عرضِ منزلها الذي تستأجره لاستقطابِ المستأجرين الأجانب. عكستْ حقبةً من التاريخ الاجتماعي والسّياسي في سوريا، كانَ يسعى فيها البعض لهذه الأشياء، على قاعدة "الشاطر ما يموت". طبعاً كل مَن تعاونت معهُ الجزائري ككاتب أو مخرج أبدعَ في نسجِ الحكايات معها، لكنّها في آن تُعرَفُ بارتجالها وهو ما يُحسَب لسيدةٍ تغيبُ اليوم عن الشّاشةِ مع غيابِ "الضحكة السّوريّة" في دراما التّشويق البصري واختلافِ الحكايات التي تتسابقُ على المنصّات المدفوعة والمجانيّة، من أجل أن تحجز لنفسها مكانةً في السّباق الرمضاني.
مهما غابتِ الجزائري ولو احتجبتْ عن الشّاشة دوماً، لكنّ أعمالها ستبقى خالدةً في ذاكرةِ التّلفزيون، فلا يمكن أن يُحجبُ اسمٌ من ذاكرةِ المشاهدين الذين يحبونها على اتساعِ الوطنِ العربي، مقابل "تراند" الدراما الجديدة. سيبقى مكانها خالياً في الكوميديا حتّى لو كانَ في سوريا نجمات يُعرفنَ بأدائهن الكوميدي المميّز، كأمل عرفة وشكران مرتجى، لكن لسامية حكاية أُخرى تُحكى منذُ أجيال!