بعد يوم نيابي طويل، لم يخلُ من السجالات التي وصلت حدّ المشادّة الكلامية، رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة مناقشة الموازنة إلى الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الخميسً. وإذ شدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على أنّه لا يمكن الموازنة أن تقرّ باقتراح قانون بل بمشروع قانون من الحكومة، أعرب عن عدم ممانعته اعتماد التحسينات التي قامت بها لجنة المال على مشروع الموازنة.
ولفت ميقاتي في تصريح من مجلس النواب إلى أنّ "الحكومة أوقفت الانهيار منذ تسلمت مهماتها ومرحلة التعافي بدأت، وأتمنّى أن تكبر بمساعدة النواب، والأهم الوصول إلى الهدف".
بين برّي وباسيل الملائكة حاضرة
وكانت الجلسة قد شهدت سجالاً حادّاً بين برّي والنائب ملحم خلف الذي دعا بالنظام الى انتخاب رئيس للجمهورية، فقاطعه بري قائلاً: "إنّ جلسة الانتخاب عندما تبدأ تكون حكمية". وعندما تابع خلف الكلام، توجّه إليه برّي: "ما رح أعملك بطل وطلّعك برّا القاعة".
في غضون ذلك، تدخّل النائب فراس حمدان، قائلاً: "ما حد بطلّع حدا"، ليردّ عليه النائب جهاد الصمد: “عندما ينتهي تقرير اللجنة نتحدث”.
ومن ثم قال النائب قبلان قبلان: "لسنا في جلسة حكمية، وأيّ كلام آخر هو خلاف للدستور". فاستفزّ ذلك النائب بولا يعقوبيان ودفعها إلى القول: "حق النواب الحديث بالنظام، وليس كما تريدون تفسّرون الدستور والنظام غبّ الطلب". وتوجهّت الى النائب علي حسن خليل الذي كان قد قال: "انكم قرطة مافيا"، بالقول: "مطلوب للعدالة وعم تحكي عن مافيات؟".
وردّ بعد ذلك قبلان: "لا أحد يأخذنا بنصوص دستورية على مزاجه. الجلسة الحكمية تبدأ عندما تبدأ العملية الانتخابية". ولمّا حاول خلف متابعة الكلام، تدخّل خليل ثانية: "لا نريد مسرحيات”. فردّ حمدان: “صرلك 30 سنة بتعمل مسرحيات". وللحال علت الأصوات وحصل هرج ومرج، وتدخّل عدد من النواب لتهدئة الأجواء.
أمّا الجلسة المسائية فقد شهدت أخذاً وردّاً كلامياً بين برّي ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي أشار في كلمته إلى ضرورة إقرار قوانين أساسية وتشريع الضرورة. فقال بري: "تكتّل لبنان القوي هو من عطّل جلسة تشريع ضرورة"، ليردّ باسيل: "لأن فيها 119 بنداً"، ثمّ علق برّي مجدّداً: "لا يوجد أيّ جلسة فيها 119 بند"، فلفت باسيل إلى أنّ "هناك قوانين إصلاحية مهمّة لم يتمّ إقرارها"، وهذا ما دفع برّي إلى الإضافة: "هذه القوانين لم تصل إلى الهيئة العامة وأكثر هذه القوانين في لجانكم"، وردّ باسيل عليه: "ملائكتك حاضرة في كل مكان".
وكان باسيل قد أكّد أنّ إقرار الموازنة هو من أساس العمل التشريعي، والحكومة أقرّت موازنة كارثية من دون رؤية وبرنامج إصلاحي، وشدّد على أن "لا خلاف على مبدأ إقرار الموازنة بالصيغة التي طرحتها لجنة المال والموازنة"، معتبراً أنّ "هناك فوضى دستورية تجعل حكومة تصريف الأعمال تستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية".
وسأل: "ما المقصود من عدم انتخاب رئيس جمهورية والتعايش مع الفراغ، في ظلّ العوامل المفجّرة للوضع في لبنان من النازحين إلى نهب ودائع اللبنانيين والحرب في الجنوب والحروب المتنقّلة في المنطقة وانهيار هيكلة الدولة"، واصفاً ذلك بـ"هدم اتفاق الطائف وضرب الشراكة الوطنية وتهديم الدولة".
كنعان نفض الموازنة: واردات الدولة ارتفعت أكثر من 40 ألف مليار
في سياق متصل، لفت رئيس رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في كلمته، بمستهل الجلسة، إلى غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها، وتدنّي نسبة الاعتمادات المخصّصة للنفقات الاستثمارية وتميّزه بالعشوائية في استحداث الضرائب والرسوم وفي بعض الاعتمادات".
وأوضح كنعان أنّ "لجنة المال ألغت موادَّ متعلّقة بتعديلات ضريبية واستحداث ضرائب ورسوم جديدة لمخالفتها الدستور، وهدف الحكومة تأمين إيرادات إضافية للخزينة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقدرة الاقتصاد على التمويل وقدرة المواطنين على التحمّل"، مؤكّدا أنّ " الحكومة تجهل ما حصّلته من إيرادات تفصيلية خلال العامين 2022 و 2023، وتجهل ما حقّقته دولرة بعض الرسوم خلال العام 2022 ولا سيما رسوم المطارات والمرفأ، وتجهل أيضاً ما يمكن أن يوفّره من إيرادات كلّ تعديل أجرته بموجب مواد مشروع الموازنة".
ورأى أنّ "غياب الرؤية يتلازم مع غياب وحدة المعايير في التعديلات المقترحة على الرسوم القائمة، فبعض الرسوم رفعت قيمتها 10 أضعاف كرسوم السير، ورفعت قيمة سواها 40 ضعفاً كبعض رسوم الطابع المالي، ورُفع البعض الآخر 180 مرّة كالرسوم على المواد الكحولية المنتجة محلياً".
وأضاف: "نفضنا الموازنة كما أتت من الحكومة وقمنا بإصلاحات جوهرية على صعيد المالية العامّة"، لافتاً إلى أنّ "الواردات، بحسب كتاب رسمي من وزارة المال، ارتفعت من 277 ألف مليار إلى 320 ألفاً أي بفرق يناهز الـ40 ألف مليار".
سوء الأحوال الجوية لم يؤثّر في همجية العدو
ميدانياً، لم يؤثّر سوء الأحوال الجوية في همجية العدو الذي استهدف أطراف بلدات يارون، ومارون الراس، وعيترون، وعلما الشعب، وطير حرفا، وأطراف بلدة الناقورة، بقصف مدفعي متقطع. وبينما أطلق على بلدات كفركلا والعديسة عدداً من القذائف الفوسفورية، نفّذت المقاتلات الإسرائيلية سلسلة غارات استهدفت حرج بلدة يارون في قضاء بنت جبيل.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنّه إذا لم تتراجع قوات حزب الله اللبناني إلى جنوب نهر الليطاني، فسيدفع لبنان الثمن". مضيفاً: “إسرائيل لن تتردّد في العمل العسكري ضد إيران ووكلائها في المنطقة”.
في المقابل، استهدفت المقاومة الإسلامية موقعي بركة ريشا والسماقة في مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة بالأسلحة الصاروخية، بالإضافة إلى موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة.
إيطاليا تساند لبنان
تزامناً، استقبل ميقاتي عصر أمس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الإيطالية أنطونيو تاياني في السرايا، في زيارة رسمية.
وخلال الاجتماع، أكّد ميقاتي أنّ "لبنان يؤيّد الحلّ السلمي في المنطقة"، وقال: "لإيطاليا وأوروبا دور أساسي في الدفع إلى هذا الاتجاه"، مشدّداً على أنّ "لبنان مع تطبيق القرارات الدولية بحرفيتها، خصوصاً القرار 1701 واستمرار التعاون بين الجيش واليونيفيل".
أمّا الوزير الإيطالي فأشار إلى أنّه "سيقوم بجولة في لبنان ودول المنطقة للدفع باتجاه التهدئة وإحلال السلام"، قائلاً: "إنّ إيطاليا تساند لبنان في مواقفه وتستمر في المساعدة لبسط التهدئة في الجنوب".