تظهر الطبقات الوسطى كعلامة سياسية بارزة لرئيس الوزراء الجديد، غابرييل أتال. فخلال حفل تسليم السلطة على درج ماتينيون بجوار إليزابيث بورن، ركّز أتال في خطابه على الطبقات الوسطى التي تعاني في فرنسا: هم الفرنسيون الذين يستيقظون باكرًا ويكسبون لقمة عيشهم من خلال جهدهم... وهذه الطبقات الوسطى ترافق غابرييل أتال منذ تولّيه المناصب الوزارية الأولى: "الطبقات الوسطى" تشمل جميع الفرنسيين الذين يستيقظون باكرًا، يدفعون ضرائبهم، ويتوقّعون بحقّ عوائدًا على استثمارهم من الدولة، وخاصّة في ميدان الخدمات العامّة... ليسوا الوحيدين، ولكن لديهم الإحساس بأنّ ضرائبهم تتلاشى في رمال الإسراف الحكومي. كان أتال ومن خلال "خطته المارشال" قد وضع في صدارة اهتمامه "العيش بشكل أفضل من خلال العمل" عندما كان وزيرًا للحسابات العامّة في بيرسي. وخلال بضعة أشهر في وزارة التربية الوطنية، جعلها هي أيضًا محور استراتيجيته. رغم التسويق القوي، يظلّ إرثه ضعيفًا، حيث لا يبقى في المناصب لفترة كافية لتقييم أدائه!
إحصائيًا، يندرج زوج يعملان معًا ضمن الطبقة الوسطى، عندما يتراوح دخلهما بين 2200 و4000 يورو شهريًا. تعاني هذه الفئة الوسطى بشكل حاد من أزمة الإسكان وارتفاع التضخم، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف الكهرباء المتوقّعة للزيادة بنسبة 20% في الأول من شباط 2024، لأنّها عمومًا لا تحصل على أيّ دعم مالي من الدولة، فهي بمثابة الفئة التي تتداخل مع الحدود... يعمل أفرادها بجدّ، ولكنهم لا يحتجّون في الشوارع، ويسكنون أحيانًا خارج المراكز الحضرية، ويعيشون بصمت ويعانون. يعلن غابرييل أتال رغبته في التفرغ لهذه الـ “فرنسا الوسطى" النائية التي ارتدت لون "الأصفر" خلال التظاهرات الكبيرة في عام 2019... سيتمّ الحكم على رئيس الوزراء الجديد استنادًا إلى أفعاله وليس إلى تواصله. أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة CSA في يوم تعيينه في ماتينون أنّ 48% من الفرنسيين يثقون بغابرييل أتال مقابل 53% لإليزابيث بورن في وقت تعيينها... إذا كان هناك شك بين الفرنسيين، فسيبقى لديهم بانتظاررؤية أتال في عمله!
غالبًا ما قد أدركت الطبقة السياسية مشاعر الطبقات الوسطى بالتدهور دون تقديم حلول دائمة لهذه القضية. إنّها مسألة محورية تمتدّ على فترة طويلة، حيث كتبت ميشيل آليو ماري كتاباً عنوانه "رهبة الطبقات الوسطى"، وفي وقت لاحق نشر موريس ليفي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة بوبليسيس، كتيّبًا صغيرًا بعنوان "افتحوا عيونكم"، الذي يناقش التحدّيات التي تواجه الطبقات الوسطى، والتي تعيش في حالة من الشك، وتشعر بالقلق إزاء مستقبل أطفالها، وتنخرها مخاوف الانحدار الاقتصادي والثقافي الكبير...
يسعى غابرييل أتال إلى التفرّغ لشؤون الطبقات الوسطى وإعادة الأمل إليها، من خلال زيادة القدرة الشرائية (مع خفض ضرائب تصل إلى 2 مليار يورو والتي لا تزال في جدول الأعمال)، وتعزيز الأمان في حياتهم اليومية. هل يستطيع تحقيق ذلك؟ تحدّي مقبول! لذلك، يضع أتال هذا الهدف في صدارة أولوياته! وعندما يقوم رئيس الحكومة بزياراته الميدانية، يحدّد أولويات جديدة بشكل مستمر: الصحة، والتعليم، والأمان... إلّا أنّه، بفعل تسليط الضوء بشكل متكرر على العديد من الأولويات، يواجه رئيس الحكومة خطر فقدانها كلّها!