أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنّ قتل نائب رئيس المكتب السياسي في حماس الشيخ صالح العاروري لن يكون بلا ردّ أو عقاب والقرار اليوم هو بيد الميدان وهو آت حتماً، مفضّلاً عدم الدخول في النقاش السياسي اللبناني المتعلّق برئاسة الجمهورية.
وقال السيد نصرالله أثناء الحفل التأبيني في ذكرى مرور أسبوع على رحيل النائب السابق محمد حسن ياغي: "على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد عن 90 يوماً تم استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات رداً على الاعتداءات على المدنيين". موضحاً:" لم يبق موقع حدودي إلّا واستهدف مرّات عدّة. وتمّ استهداف التجهيزات الفنّية والاستخبارية في كلّ المواقع المعادية. وهذه الاستهدافات من قبل المقاومة تقدّر بمئات ملايين الدولارات. وفي المرحلة الثانية هرب جنود العدو إلى المستعمرات الخالية من السكّان وإلى محيط المواقع خوفاً من فصائل المقاومة وهجومها على بعض المواقع".
وشدّد "السيد" على أنّ الحزب يحصل على معلومات جيدة ودقيقة وصور وأفلام بخصوص تموضعات وتجمّعات العدو، حيث تمّ تدمير عدد كبير من الدبّابات والآليات التابعة للعدو، واليوم الضباط والجنود مختبئون. لافتاً إلى أنّ العدوّ حاول الاستعاضة عن خسائره الفنية بالمسيّرات وطائراته الاستطلاعية.
ولفت نصرالله إلى أنّ "العدو مارس تكتّما إعلامياً شديداً إزاء قتلاه وجرحاه على الجبهة الشمالية، إلّا أنّ الخبراء في كيان العدو يقولون إنّ عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه جيش الاحتلال". وقال :"الإحصاء بحسب مصادر وزارة الصحة الإسرائيلية حتّى الآن ما يزيد عن 2000 إصابة في جبهة الشمال".
وتوجه نصرالله إلى من يسأل عن جدوى المواجهة جنوباً: "لو كنتم تعرفون حجم الخسائر البشرية لدى العدو وآلياته لما سمحتم لأنفسكم بالحديث عن جدوى القتال في الجبهة الشمالية".
وأوضح السيد نصر الله "كنّا نستهدف أهدافاً عسكرية وضباطاً وجنوداً وإذا ضربنا بيوتاً فردّاً على استهداف المدنيين عندنا"، وقال :"ما يجري عند الحدود الجنوبية وصفه أحد وزراء الحرب الإسرائيليين بأنّه إذلال لإسرائيل"، مضيفاً : "إنّ التهجير والتشريد سوف سيشكّل ضغطاً سياسياً وأمنياً على حكومة العدو".
وجدّد التأكيد أنّ "هدف الجبهة من لبنان وسوريا والعراق واليمن هو الضغط على حكومة العدو واستنزافه وإيلامه من أجل وقف العدوان على غزّة، والهدف الثاني للجبهة اللبنانية الجنوبية هو تخفيف الضغط عن الوضع الميداني في غزّة".وقال :"عندما اضطرّ العدوّ إلى سحب الفرق في الأعياد جاء بفرق من غزّة وليس من الجبهة الشمالية".
وأسف أنّ "بعض السياسيين في لبنان إمّا جهلة أو يتجاهلون أو لم يقرأوا التاريخ منذ عام 1948. وذكر أنّه منذ عام 1948 "إسرائيل" هي التي تهاجم في جنوب لبنان وتعتدي على الناس وعلى الجيش اللبناني وترتكب المجازر. ودائماً أهل الجنوب كانوا يُهجّرون واليوم المحتلً الإسرائيلي هو الذي يُهجّر".
بعض السياسيين في لبنان إمّا جهلة أو يتجاهلون أو لم يقرأوا التاريخ منذ عام 1948
أضاف نصرالله :"أقول للمستعمرين وللمستوطنين الذين يصرخون كلّ يوم ويخافون ويطالبون حكومتهم بالحزم العسكري مع لبنان هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم وأول من سيدفع الثمن هو أنتم ومستوطنات الشمال".
وعلّق السيد نصر الله على كلام لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بشأن "خيمة المقاومة" الشهيرة عند الحدود، وقال لنتنياهو "حدثني عن 48 موقعًا حدوديًا يدمّر، و11 موقعاً خلفياً يدمّر و17 مستوطنة هوجمت وعن 50 نقطة حدودية، وعن جنودك المختبئين كالفئران، هل المقاومة التي تقوم بهذا الحجم من العمليات كلّ يوم هي مقاومة مردوعة؟ الخيمة باتت من الماضي اليوم هناك حرب حقيقية على الحدود".
وقال :"نحن أمام فرصة تاريخية الآن للتحرير الكامل لكلّ شبر من أرضنا ولتثبيت معادلة تمنع العدو من اختراق سيادة بلدنا وهذه الفرصة فتحتها الجبهة اللبنانية من جديد".
ثم تحدّث السيد نصر الله عن اغتيال الشيخ صالح العاروري، معتبراً أنّه "خرق كبير وخطير". وقال :"قتل الشيخ صالح العاروري قطعاً لن يكون بلا ردّ أو عقاب والقرار اليوم هو بيد الميدان وهو آت حتماً ولا نستطيع أن نسكت على خرق بهذا المستوى من الخطورة وهذا يعني أنّ لبنان سيصبح مكشوفا" معلنا أنّ الردّ آت لا محال".
ولفت نصر الله إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية "أمام هزيمة استراتيجية كبرى في أوكرانيا.
وعن العمليات العسكرية للمقاومة العراقية، قال:"السبب الحقيقي هو إسناد غزّة والإدارة الأميركية قلقة منها". واعتبر أنّ من بركات قيام المقاومة الإسلامية في العراق في فتح جبهتها نصرة لغزة "أنّ العراق أمام فرصة حقيقية للتخلّص من المحتلّ الأميركي". وأضاف: "اليوم هناك فرصة تاريخية أمام الحكومة العراقية ومجلس النواب والشعب العراقي ليغادر المحتلّون والقتلة الذين سفكوا دماء العراقيين والإيرانيين وشعوب المنطقة. والعراق لا يحتاج إلى الأميركيين لقتال "داعش".
وسأل "من الذي يرعى اليوم داعش في سوريا؟ فتشوا عن القوات الأميركية". وقال: "القاعدة عملت على تسخيف كلّ ما قام به محور المقاومة إسنادا لغزة تغطية لتخاذلهم".
ورأى أنّ من "يقلّل من شأن أعمال محور المقاومة اليوم هم الذين لم يقدموا شيئاً منذ بدء العدوان على غزة"، معتبراً "أنّ الجهاد يجلب العز والقعود عنه يجلب الذل، ومن يتخلّف عن الجهاد ألبسه الله ثوب الذلّ".
ورأى نصر الله "أنّ اليمن يزداد عزّاً في العالمين العربي والإسلامي وفي عيون أصدقائه وأعدائه من خلال اتخاذ موقفه من غزة"، مشيراً إلى أنّ "الموقف اليمني جعل الكثير من الشرائح تعيد النظر في موقفها الداخلي من أنصار الله، وسقطت الأقنعة في حرب السنوات التي فرضت على اليمنيين وكانت حربًا أميركية تنفّذها أنظمة عربية... اليوم ثبتت اليمن في المعادلات الإقليمية والدولية التي يقف أمامها العالم على رجل ونصف. وفضحت الإسرائيلي والأميركي"، متسائلا "أين هو سلاح الجو الإسرائيلي من اليمن اليوم؟ هذا هو الردع اليمني".
وتابع "اليوم خرج الشعب اليمني في تظاهرات وجّه رسالة يجب أن يفهمها بايدن وبلينكن ووزير الحرب وكلّ الإدارة الأميركية وكلّ من يهددون اليمن، رسالة اليمن اليوم هي رسالة لأميركا أنّكم لا تواجهون حكومة ولا دولة ولا جيش إسمه أنصار الله، بل تواجهون عشرات الملايين من الشعب اليمني الذي كلّ تاريخه إلحاق الهزائم بالمحتلّين، وهذا ما يجب أن يفهمه بايدن وحكومته وأن تعرف ماذا تفعل، ولن يتوقّف ولن يتردّد اليمنيون.اليمن اليوم يزداد عزّاً في العالم العربي والإسلامي وعزّاً في عيون أصدقائه وأعدائه".
وفي الختام توجّه السيد نصر الله إلى عوائل شهداء المقاومة الإسلامية: "لولا ظروفي الأمنية، جلّ ما أتمنّاه وأرجوه هو أن أقف إلى جانبكم وأن أقبّل أيديكم وجباهكم".
وإلى الصّامدين في القرى الأمامية وللبيئة التي تدفع الثمن المباشر ببيوتها وأرزاقها، قال: "هذه بيئة صابرة محتسبة وصابرة وصاحبة بصيرة وتعلم ماذا تعني هذه المعركة".
وتوجّه إلى "أهلنا في الجنوب" وقال : "لو كان قدّر للعدو أن يهزم المقاومة في غزّة ويهجّر أهلها لكانت النوبة بعد غزّة في جنوب لبنان، وتحديداً في جنوب الليطاني فأنتم الذين كسرتم أطماعه".
وإلى المقاتلين الشجعان "عشّاق الشهادة"، قال نصر الله: "تصلني من الجبهة رسائل عن حوادث معنوية وروحية". مضيفاً: "المقاتلون يقاتلون في منطقة باردة وتحت المطر وتحت القذائف ويتقدّمون ويهاجمون مواقع وتجمّعات العدو وهم الذين سيردّون على خرق الضاحية الخطير".
وتوجه إلى المقاتلين "بالتحية والتقدير والتكريم والدعاء لهم بالثبات والنّصر وأن يسدّد الله رميتهم وكلّ رمياتهم وأن يوفّقهم ليصنعوا بحقّ ودمائهم وسهر الليالي وتعب الأيام هذا النّصر للبنان وفلسطين وكلّ الأمّة".