يتساءل الكثيرون عن العلاقة بين الأمم المتحدة واللاجئين الفلسطينيين، والإجابة على هذا السؤال هي الأونروا. لكن ما هي الأونروا وما هو تأثيرها على هؤلاء اللاجئين؟ لكي نتمكّن من الإجابة يجب أن نبدأ بالعودة إلى النكبة في العام 1948.
الترجمة الحرفية لكلمة النكبة بالعربية هي كارثة، وهي بالفعل بداية كارثة أدّت إلى سنوات من الحروب العربية الإسرائيلية في الشرق الأوسط التي ما زال العرب يعانون منها حتّى يومنا هذا. في عام 1948، بدأت القوات الصهيونية احتلالها لفلسطين، ممّا أدى إلى تشريد ونفي ما بين 700,000 إلى 900,000 فلسطيني. بعد تأمين دعم الحكومة البريطانية لبناء دولة يهودية في فلسطين في عام 1917 وفقًا لوعد بلفور، أُعلنت دولة إسرائيل في 14 أيار 1948، مع انتهاء الانتداب البريطاني، ممّا أدى إلى بدء الحرب العربية الإسرائيلية الأولى.
قبل تقديم الأونروا، يجب أن نبدأ بتعريف الأمم المتحدة ككيان. ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تأسست الأمم المتحدة في عام 1945 كوسيلة لتخفيف التوترات الدولية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتقليل خطر الحروب الكبيرة في المستقبل. تضم الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن، العديد من الصناديق والبرامج والمنظمات المتخصصة، كل منها له مجال عمله وقيادته وميزانيته الخاصة. يتم دعم البرامج والصناديق الستة بالتبرعات الطوعية بدلاً من الدفعات المقدرة. تعتبر المنظمات الدولية المتخصصة الـ15 كيانات دولية مستقلّة يدعمها كلّ من التبرعات الطوعية والمساهمات. تنظم الأمم المتحدة عملياتها مع 9 مؤسسات في نظام الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا، التي تتعاون مع المنظمة لمساعدتها في تحقيق أهدافها.
مع فرار عدد كبير من الفلسطينيين من أراضيهم إلى الدول المجاورة، تأسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) كعضو فرعي للجمعية العامة للأمم المتحدة وبدأت عملياتها في 1 أيار 1950. منذ تأسيسها قبل أكثر من 70 عامًا، لعبت الوكالة دورًا حاسمًا في تقديم الخدمات الأساسية لرفاهية وتنمية الإنسان وحماية اللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن تقليل معاناتهم، حتّى التوصل إلى حلّ عادل لمعضلة اللاجئين الفلسطينيين.
الغرض من الأونروا هو مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في الوصول إلى المستوى الأفضل للتنمية البشرية على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشون فيها، وفقًا للأهداف والمعايير الدولية المعتمدة. لتحقيق هذه الغاية، تقدم الوكالة مجموعة واسعة من الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، كل ذلك في إطار المعايير الدولية. تعتبر الأونروا غير عادية بين كيانات الأمم المتحدة لأنّها تقدم الخدمات مباشرةً للعملاء. مهمّة الوكالة هي تقديم التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية والتمويل الصغير والمساعدات الطارئة والحماية وخدمات البنية التحتية وتحسين المخيمات للاجئين. تُقدم خدمات الأونروا وفقًا لمبادئ الإنسانية والحياد والعدالة والاستقلال التشغيلي التي وضعتها الأمم المتحدة.
تقدم الأونروا خدماتها في 12 مخيمًا للاجئين في لبنان، و8 في قطاع غزة، و19 في الضفة الغربية، و12 في سوريا بالإضافة إلى 10 في الأردن.
في مجال مساعدة هؤلاء اللاجئين، تقدم الأونروا دعمها من خلال المدارس والمرافق الصحية الأولية وشبكة الأمان الاجتماعية التي تتكون من المساعدات الغذائية والتحويلات النقدية. عندما يتعلق الأمر بالمدارس والمرافق الصحية، لدى الأونروا 64 مدرسة و27 مرفقًا صحيًا أوليًا في لبنان، و183 مدرسة و22 مرفقًا صحيًا في قطاع غزة، و96 مدرسة و43 مرفقًا صحيًا في الضفة الغربية، و102 مدرسة و23 مرفقًا صحيًا في سوريا و169 مدرسة و25 مرفقًا صحيًا في الأردن.
تقلّبات التمويل ليست بعقبة جديدة أمام الأونروا
في تقرير الأونروا لعام 2021 بشأن تمويلها، حصلت على دعم سخي من دول الأمم المتحدة الأعضاء، بما في ذلك الحكومات الإقليمية والاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، تغيّرت الأمور بعد السابع من تشرين أول 2023. حيث قرّر المجلس الوطني للبرلمان السويسري قطع المساعدات للأونروا، التي تعتبر فاعلاً إنسانيًا رئيسيًا في غزة والمنطقة. يحاول قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي دفع الأمور للتراجع عن المساعدات للأونروا. تقف دول أخرى إلى جانب الفلسطينيين وقد زادت مساعداتها للأونروا. تعهدت إندونيسيا بثلاثة أضعاف مساهماتها لوكالة الإغاثة الأممية لفلسطين وتعزيز التضامن العالمي مع الفلسطينيين، وقدم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 15 مليون دولار أميركي لدعم الأونروا في قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا المزيد من التخفيضات وزيادة في المساعدات من قبل المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة الأخرى.
منذ السابع من تشربين الثاني، قُتل أكثر من 130 من موظفي الأونروا، ومعظمهم مع عائلاتهم، في القصف الإسرائيلي وتعرضت أكثر من 80 منشأة للأمم المتحدة في قطاع غزة للهجوم.
صرح المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة للإغاثة والأعمال للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، بأنّ "إسرائيل" تساهم في نزوح كبير لسكان قطاع غزة نحو مصر عبر الحدود. حيث قال "إن التطورات التي نشهدها تشير إلى محاولات لنقل الفلسطينيين إلى مصر، بغضّ النظر عما إذا كانوا يقيمون هناك أو يتم إعادة توطينهم في مكان آخر".
وحث ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة المجتمع الدولي على وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، قائلاً: "يجب على المجتمع الدولي، الذي يمول الأونروا بسخاء، تعليق الميزانيات المخصصة للوكالة فورًا".