سجّل لبنان معدّل بدانة (تجمع النسبة بين الصغار والكبار) يقارب الـ 31 % فيما يصل معدّل الزيادة في الوزن (الذين تُراوح كتلة مؤشر الجسم لديهم ما بين 25 و30) إلى 67,9%. 

يواجه لبنان عبئاً مزدوجاً من سوء التغذية بين الأطفال من هم تحت سنّ الخمس سنوات. وتّم التوصّل إلى أنّ انتشار السّمنة وزيادة الوزن لدى الأطفال تبلغ نسبة 9 ٪ وهي أعلى من النّسبة العالميّة والتي تبلغ ٪6.7. وعلاوة على ذلك، يبلغ معدّل وقف النموّ 7.3 ٪، و1.1 ٪ للهزال و1.6 ٪ لنقص الوزن. بالإضافة إلى ذلك وجد أنّ معدّل انتشار فقر الدّم يصل إلى 41.1% وهو مصنّف على أنّه شديد بناءً على تقرير منظمة الصحة العالمية في العام 2021. وتؤدّي الآثار الاجتماعية والنفسية والجسدية السلبية لسوء التغذية لدى الأطفال إلى نتائج صحّية سلبيّة كبيرة مثل تأخّر النمو وضعف جهاز المناعة ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والوفاة المبكر في مرحلة البلوغ، بحسب التقرير نفسه.

مخاطر الوزن الزائد

وقد سجّل لبنان معدّل بدانة (تجمع النسبة بين الصغار والكبار) يقارب الـ 31 % فيما يصل معدّل الزيادة في الوزن (الذين تُراوح كتلة مؤشر الجسم لديهم ما بين 25 و30) إلى 67,9%. وذلك وفق آخر الإحصائيات الصادرة في عام 2016 عن معهد القياسات الصحية العالمي (IHME). علماً أنّ نسبة البدانة مع بداية الألفية كانت بحدود 23%، فيما الوزن الزائد كان بحدود 60%. ما يعني أنّ نسب البدانة في المجتمع اللبناني إلى تزايد وبوتيرة تصاعديّة سريعة.

وكان الوزن الزائد، بحسب الدراسات، هو واحد من أخطر العوامل التي فاقمت حالات المصابين بفيروس كورونا، خصوصاً بعدما بيّنت التقارير الطبّية أنّ أكثر الأشخاص الذين توفوا، أو الذين أُدخلوا إلى العناية الفائقة في حينه كانوا من الأشخاص الذين عانوا من الوزن الزائد.

كما يعتبر الوزن الزائد، السبب الثاني بعد التدخين، في تقصير عمر الإنسان من 8 إلى 16 سنة، وسبب ثالث في جعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بأمراضٍ مزمنة وزيادة احتمالية إصابته بـ15 نوعاً من الأمراض الخبيثة بمعدّل أكثر من ضعفين، وسبب خامس للوفاة عالمياً.

معدّل البدانة لدى الأطفال وصل إلى 26% في الـ2023

وبحسب خبيرة علوم الغذاء في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة مهى حطيط، في حديثها لموقع "الصفا نيوز"، "وصلت تداعيات الأزمات الغذائيّة المتلاحقة إلى الأطفال ما دون الـ5 سنوات، واليافعين (10-19 سنة). حيث تبيّن أنّ معدّل نقص الوزن والتقزّم والهزال وزيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال بلغ مستوياته القياسية. حيث ارتفع معدل التقزم من 9.7 في المئة (ما بين عامي 2004 و2021) إلى 12 في المئة هذا العام. فيما ارتفع معدل البدانة وزيادة الوزن لدى أطفال لبنان، من 18.9 في المئة (بين عامي 2004 2021 ) إلى 26 في المئة في العام 2023. وهو رقم كبير جداً لا سيّما وأنّ المعدّل العالمي للبدانة عند الأطفال يتراوح ما بين 5.7 و9 في المئة، ما يشير إلى أنّنا في مرحلة خطيرة، كونه يعني عدم حصول الأطفال على الفيتامينات والمعادن التي يحتاجونها لنموّهم السليم، وهذا ما يعرف بالجوع الخفي".

الشهر الوطني للتوعية عن سمنة الأطفال

وعليه أصبحت مشكلة السّمنة في لبنان ودول العالم تشكّل خطراً حقيقياً على الأطفال والمراهقين على حدّ سواء. ما يستدعي تدخّل الجهّات الرسميّة في جميع الدول لأخذ سياسات للحدّ من انتشار هذه الظاهرة، وحماية الأطفال من مخاطر هذا المرض.

ولأجل هذه الغاية كان الشهر الوطني للتوعية عن سمنة الأطفال في يلول، والذي يسعى إلى زيادة الوعي حيال مشكلة سمنة الأطفال والترويج لاستراتيجيات الوقاية.

وفي هذا الإطار تقول خبيرة التغذية بتول اللو في حديثها لموقع "الصفا نيوز" إنّ "شهر أيلول هو الشهر الوطني للسمنة لدى الأطفال. ويأتي برعاية قسم التغذية والنشاط البدني والسمنة التابع لمركز السيطرة على الأمراض Centers for Disease Control and Prevention، وتوفّر هذه المناسبة فرصة للتوعية".

أسباب السمنة لدى الأطفال

وتشرح اللو أنّ هناك عدة أسباب تساهم في السمنة لدى الأطفال منها:

1- الوراثة: أظهرت الأبحاث أنّ الأطفال الذين لديهم آباء يعانون من السمنة هم أكثر عرضة لزيادة الوزن أو السمنة من خلال تحديد العديد من الجينات المرتبطة بالسمنة.

2- العوامل البيئية والسلوكيّة: مثل سياسات المدرسة والتركيبة السكانية ومتطّلبات عمل الوالدين، تؤثّر بشكل أكبر على سلوكيات الأكل والنشاط البدني لدى الأطفال. وتشمل العوامل البيئية التي تساهم في السمنة لدى الأطفال:

أ) البيئة الغذائية غير الصحّية: انتشار مطاعم الوجبات السريعة، وآلات البيع غير الصحية في المدارس، وتسويق الأطعمة غير الصحية التي تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية والسكر والدهون، تشجّع عمليّة استهلاك الأطعمة غير الصحيّة.

ب) نمط الحياة المستقرّ: الأنشطة المستقرة مثل مشاهدة التلفزيون وألعاب الفيديو والوقت المفرط أمام الشاشات أدّت إلى انخفاض مستويات النشاط البدني بين الأطفال. كل ساعة إضافية من مشاهدة التلفزيون يومياً تزيد من انتشار السمنة بنسبة 2%.

ج) الحالة الاجتماعية والاقتصادية: قد تدفع القيود الاقتصادية العائلات إلى الاعتماد على خيارات غذائية أرخص، ولكن أقلّ تغذية بسبب محدودية فرص الوصول إلى خيارات الغذاء الصحي.

د) تأثير الوالدين: إنّ الخيارات الغذائية السيئة، وقلّة النشاط البدني لدى الأهل، والسلوكيات المستقرة كلّها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على خطر إصابة الطفل بالسمنة.

3- العوامل النفسية: يلجأ الأطفال إلى الطعام من أجل الراحة أو كآليّة للتعامل مع التوتّر أو الملل وهذا ما يعرف بالأكل العاطفي، ويمكن أن يؤدّي هذا إلى الإفراط في تناول السعرات الحرارية وزيادة الوزن.

4-الحالات الطبّية: يمكن أن تؤثّر الاضطرابات الهرمونية مثل قصور الغدة الدرقية ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS) على عملية التمثيل الغذائي وتؤدي إلى زيادة الوزن. بالإضافة إلى الأدوية مثل مضادات الاكتئاب، قد يكون لها أيضاً آثار جانبية تساهم في زيادة الوزن.

5-العوامل المتعلقة بوسائل الإعلام: يوصى بتقليل تسويق الأطعمة غير الصحية، وكذلك الدعوة الإعلامية للترويج للأكل الصحي. وذلك يمكن أن يساعد على توعية الطفل.

6- العوامل الاجتماعية والثقافية: يميل مجتمعنا إلى استخدام الطعام كمكافأة، ووسيلة للسيطرة على الآخرين، وكجزء من التنشئة الاجتماعية. هذه الاستخدامات للطعام يمكن أن تشجّع على تطوير علاقات غير صحية مع الطعام، مما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة.

كيف يمكن كيف يمكن تقليل خطر الإصابة بالسمنة؟


وقدّمت اللو بعض الإرشادات التي تساهم في تقليل خطر الإصابة بالسمنة ومنها:

1- الابتعاد عن السكّر والدّهون غير الصحّية والأطعمة المصنّعة، وفرض الآباء أسلوب حياة أكثر صحّة في المنزل إلى جانب تناول نظام غذائي صحّي متوازن غني بالأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية.

2- انتظام النوم لدى الأطفال يساعد على تنظيم الهرمونات، مما يؤدّي إلى انخفاض الشهية وزيادة استهلاك الطاقة.

3- تنظيم وقت تناول الوجبات أمراً مهماً مع العائلة، والتحدّث مع طفلك عن أهمية الخيارات الصحّية ومنحه الكثير من الدعم في حال كان يعاني من الاكتئاب أو تدنّي احترام الذات.

4- زيادة الإدراك الإيجابي لدى الطفل حول الأطعمة الصحّية وتناول الطعام الصحّي من خلال تحديد الأطعمة المقدّمة، والسماح للطفل بالاختيار، وتوفير الأساس المنطقي للخيارات الصحية.

5- الابتعاد عن فرض القيود الاستبدادية على "الوجبات السريعة" لأنّها ترتبط بزيادة الرغبة في تناول طعام غير صحي وزيادة الوزن.

6- الالتزام بممارسة التمارين الرياضية بانتظام أو المشاركة في الألعاب الرياضية المنظمة من خلال تشجيع الأطفال على ممارسة الأنشطة البدنية مثل الرياضة والرقص وغيرها من أشكال التمارين الرياضية.