غادر سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري بيروت متوجهاً إلى الرياض، وقد أفاد أكثر من مصدر مواكب للزيارة المقرّرة سلفاً، بأنّها ستتضمن إجتماعاً من المفترض أنّه عقد في الرياض، أمس الأربعاء، بين المستشار الملكي الموكل إليه بحث الملف الرئاسي اللبناني نزار العلولا والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، مرجحةً أن ينضم إليه الموفد القطري لبحث الأزمة الرئاسية اللبنانية. 

اشتعلت جبهة التصريحات المتبادلة على أرفع مستويات المتاريس الرئاسية، معكّرة صفوة "فترة الركود" التي سادت طوال الفترة الماضية منذ ما بعد مغادرة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، والتي انسحبت إلى فترة حضور الموفد القطري ابو فهد جاسم آل ثاني، فرئيس مجلس النواب نبيه برّي اعتبر أنّ مبادرته الحوارية التي أطلقها في 31 آب الفائت، "فرصة العمر". في حين لم يتردّد النائب السابق وليد جنبلاط بالعزف على وتر برّي نفسه، محمّلاً كلّاً من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ مسؤولية إفشال مبادرة برّي التي ينظر إليها زعيم الدروز على أنّها الحلّ الوحيد في الوقت الحالي. 

انتقلنا من مرحلة تمرير الوقت إلى مرحلة وضع الأوراق فوق الطاولة

تزامناً، غادر سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري بيروت متوجهاً إلى الرياض، وقد أفاد أكثر من مصدر مواكب للزيارة المقرّرة سلفاً، بأنّها ستتضمن إجتماعاً من المفترض أنّه عقد في الرياض، أمس الأربعاء، بين المستشار الملكي الموكل إليه بحث الملف الرئاسي اللبناني نزار العلولا والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، مرجحةً أن ينضم إليه الموفد القطري لبحث الأزمة الرئاسية اللبنانية. 

كذلك، أوضحت مصادر مواكبة أنّ ما سيصدر عن الاجتماع رسمياً أو عبر قنوات إعلامية يمكن من خلاله استشراف المرحلة المقبلة، وما إذا كانت الأزمة اللبنانية وضعت على نار حامية، معتبرةً أنّ مجرد انخراط الرياض أكثر بالملف اللبناني دليل على أنّ الحل بات أقرب من أي وقت مضى، وأننا انتقلنا من مرحلة تمرير الوقت إلى مرحلة التفاوض الجدّي أو أقلّه وضع الأوراق فوق الطاولة ونزع القفازات.

بري: منتشكّركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب مش لتسمولنا اللي بدّنا ننتخبه

وبدوره، كان قد أكَّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أنّه لم يكن يوماً "إلاّ متعاوناً مع أيّ مبادرة خارجية، وأنّ مجموعة أسماء يطرحها القطري وليست محصورة باسم معين".

وقال بري في حديث صحافي: "اللي عنده بديل عن الحوار يتفضّل، عطيناهن فرصة العمر وما تجاوبوا، حدا يقللي أيّ رئيس جمهورية وصل بلا حوار؟"، معتبراً أنّ "كلام لودريان عن الخيار الثالث هو قيمة الحوار"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّه لن يدعو إلى أيّ جلسة "إلّا إذا كانت ذات جدوى، فأيّ جلسة غير مسبوقة بحوار لا جدوى منها".

وأضاف: "تعاونت مع الفرنسي وسهّلت مهمّته وأتعاون الآن مع القطري وأتمنّى له النجاح، ودائماً كنت أقول منتشكركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب مش لتسمّولنا اللي بدنا ننتخبه"، مجدّداً تمسكه بمرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية "وحتّى الآن ما في plan B، وأنا أعطيت حوار لمدّة أقصاها سبعة ايام إذا لقينا بعد يومين ما في توافق منروح مباشرة على دورات مفتوحة، تبيّن إنّو ما بهمن الكنيسة القريبة، بكرا إذا أيّ طرف خارجي إشّرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار، بيجوا متل الشاطرين".

جنبلاط يحمّل القوّات والتيار مسؤولية تطيير حوار برّي

في السياق نفسه، أسف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط، للتفريط بالحوار، نتيجة الشروط المستحيلة من قِبل معراب وميرنا الشالوحي، مؤكّداً في حديث صحافي أنّ بري بذل أقصى جهده لإطلاق حوار رئاسي يفتح أبواب قصر بعبدا الموصدة، لكنّ الشروط المستحيلة للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ عطّلت مبادرته وأجهضت فرصة الحوار".

واعتبر جنبلاط "أنّ الفيتو أو التخبّط الخارجي الذي نشأ نتيجة انقسام أعضاء المجموعة الخماسية قد زاد من تعقيد الأوضاع بدلاً من تعزيز جهود الحل، لافتاً إلى أنّه "ينبغي على هذه المجموعة منح زخماً لمساعي الحل وتعزيزها، لأنّ أفق التسوية الرئاسية يبدو، وللأسف، مسدوداً حتى إشعار آخر وأنّ تمسك حزب الله بفرنجية لن يكون مفيداً أيضاً".

القوات تسأل الـ"بيك": هل يريد استمرار التدهور والوضع الحالي لستّ سنوات إضافية؟

كلام جنبلاط استدعى ردّاً قواتياً، إذ صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" بيان يستغرب تحميل جنبلاط للقوات مسؤوليّة إجهاض الانتخابات الرئاسية ومبادرة بري، فيما "لا يُخفى على وليد بيك مَن عطّل جلسات الانتخاب بخروجه كلّ مرة منها، ومَن لا يدعو إلى جلسة بدورات متتالية، ومَن عطّل مبادرة البيك ولودريان والآن القطريين باتجاه خيار ثالث".

وذكّرت القوات جنبلاط "أنّ الانتخابات الرئاسيّة تحصل عن طريق جلسة بدورات متتالية بعد حوار وتواصل ثنائي أو أكثر على غرار التقاطع الذي تبنّى ترشيح جهاد أزعور، ولا يوجد أيّ مسار رئاسي آخر، ولن نقبل بتكريس عرف جديد لا دستوري يلغي دور مجلس النواب والانتخابات النيابية".

وتابع البيان: "ليست القوات، مَن أجهض فرصة انتخاب رئيس للجمهورية، إنّما مَن أجهض هذه الفرصة هو الذي يتمسّك بمرشحه على رغم عدم قدرته على انتخابه، ومَن يعطِّل كلّ الآليات الدستورية الانتخابية، ومَن يصرّ على حوار ملهاة يحمِّل من خلاله كلّ مَن يشارك في الحوار مسؤولية الشغور، فيما مَن يتحمّل هذه المسؤولية هو الفريق الذي يخرج من الجلسات ويعطّلها ولا يقبل باللعبة الديموقراطية الدستورية".

وختم: "نسأل وليد بيك: هل يريد استمرار التدهور والوضع الحالي لستّ سنوات إضافية؟ وألا يوجد شيء اسمه مصلحة لبنان العليا؟ وهل إدارة البلد تكون من خلال "كولسات" فوقية بعيدة جداً من آلام الناس ومعاناتهم ومآسيهم؟ نأسف أن يحمٍّل وليد بيك "القوات" مسؤولية هي براء منها، بل سعت منذ ما قبل الدخول في المهلة الدستورية إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي وحضور كلّ الجلسات ومحاولة إحياء الدورات المتتالية والانتقال من مرشّح إلى آخر وكلّه في محاولة لمنع الشغور الذي دخلت فيه البلاد بسبب إصرار فريق سياسي على فرض شروطه على اللبنانيّين خلافًا لإرادتهم، وخلافًا لرغبتهم بالإنقاذ".

حوار برّي قد يكون المخرج الوحيد للجميع للنزول عن الشجرة

في أيّ حال فإنّ البعض لا يستبعد أن تتحوّل مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الحوارية في اللحظة السياسية المناسبة، المخرج الوحيد لجميع الأفرقاء الداخليين للنزول عن الشجرة العالية التي صعدوا إليها، والذهاب إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد. كذلك يمكن أن تشكّل هذه المبادرة مخرجاً للمجموعة الخماسية المنقسمة على نفسها والتي تهرب من الأمر أو تمارس التعمية عليه بنفض يدها من الاستحقاق الرئاسي عبر دعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى إنجازه بمعزل عن أيّ تدخّل خارجي.

لكنّ هذا البعض يعود إلى الاجتماع الخماسي النيويوركي الأخير وانعقاده على مستوى الموظفين لا وزراء الخارجية، وعدم صدور بيان ختامي عنه، ليؤكّد أنّ ما حصل يعكس أمرين:

إمّا أنّ الاتفاق الكبير قد حصل بين أركان الخماسية الكبار أصحاب القرار في انتظار أن يحدّدوا هم أنفسهم السّاعة صفر لإصداره وصيرورته إلى التنفيذ، وفي هذه الحال ينعقد الحوار الذي دعا بري إليه، وينتهي بجلسة نيابية مفتوحة ينتخب فيها "الرئيس المتّفق عليه" بين أركان الفريق الخماسي، أو يتم تنافس بين مرشحين أو أكثر.

وإمّا أنّ الخلاف مستحكم بشدّة بين أركان الخماسية حول مقاربة الملف اللبناني وحول اسم الرئيس العتيد، ما دفعهم إلى استئخار إضافي لحسم خيارهم النّهائي في انتظار تذليل هذا الخلاف الذي يستبطن أنّ بعض هؤلاء الأركان ينتظرون معطيات ما قبل أن يتّخذوا القرار النهائي، وهذا الأمر ينطبق تحديداً على الولايات المتّحدة الأميركية في مفاوضاتها مع إيران، وكذلك ينطبق على المملكة العربية السعودية في مفاوضاتها مع إيران في ما يتعلق بقضايا المنطقة، وخصوصاً في شأن اليمن والعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان.

على خط آخر، وأثناء قيام جرافة لبنانية بإزالة خرق في وادي فشكول بالقرب من خط الانسحاب، أقدمت قوات العدو على إطلاق ثلاث قنابل دخانية بالقرب من الجرافة، على الأثر ردّ الجيش اللبناني بإطلاق ست قنابل دخانية بإتجاه جنود قوات العدو، ما أدّى إلى حال من التوتّر على جانبي الحدود.