بقدرة قادر اختفى نحو 25 في المئة من مدينة "درنة" الواقعة في شرق ليبيا، بالإضافة إلى مدنٍ أخرى مساء أمس الإثنين، التقديرات الأوّلية لعدد الضحايا تتجاوز الـ3000 قتيل وأضعافهم من المفقودين. أمّا السبب فهو عاصفة كانت قد ضربت اليونان منذ أيام وتحركت نحو دول البحر الأبيض المتوسط (ليبيا تحديداً) في ظاهرة نادرة جداً من حيث حجم وغزارة المتساقطات التي فاقت كلّ التوقعات.


والعاصفة التي أطلق عليها اسم "دانيال"، ضربت مدن الساحل الشرقي الليبي بسرعة رياح بلغت 70 كيلومتراً في الساعة (درنة والبيضاء وتكنس والمرج وأجزاء من بنغازي، وما يحيط بهذه المدن من قرى ومناطق)، ولكن كان لـ"درنة" الحصة الأكبر من الدمار وفق ما أعلنت السلطات الليبية، كما كشفت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي عن حجم الكارثة التي حلَّت بالمدينة، حيث مُسحت أحياء كاملة ودُمرت الطرق وتناثرت جثث القتلى في الشوارع.

مقابر جماعية في درنة المنكوبة... 4000 جثة 

وكالة روسيا اليوم للأنباء، أفادت نقلاً عن مراسلها في ليبيا بأنّه تم دفن ما يقارب 4000 جثة من ضحايا السيول في مدينة درنة المنكوبة، منها 3650 في مقابر جماعية.

من جهته، أعلن وزير الصحة الليبي، عثمان عبد الجليل، مقتل 3 آلاف شخص بسبب ​العاصفة، مشيراً إلى أنّ "الأوضاع في مدينة درنة تزداد مأساوية، ولا توجد إحصائيات نهائية لأعداد الضحايا".


السبب الحقيقي  وراء الكارثة

ويشقّ مدينة درنة الجبلية وادٍ يسمى "وادي درنة"، وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا، وعندما ضرب الإعصار، تجمعت الأمطار الغزيرة في الوادي، الذي يبلغ طوله نحو 50 كيلومتراً، وارتفع منسوب مياهه، مما شكّل ضغطاً على السدّين المائيين اللذين يحجزان المياه في الوادي، فانهارا ليجرف الطوفان الأحياء الواقعة بين الوادي والبحر، هذا الأمر جعل حجم الدمار هائلاً وعدد الضحايا أكبر من المتوقع.

وفي وقت سابق، صرّح المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري خلال مؤتمر صحافي أنَّ الكارثة أتت بعد انهيار السدود فوق درنة، لتجرف أحياء بأكملها وبسكانها إلى البحر.

كذلك، أكَّد المتحدث باسم جهاز الإسعاف الليبي أنَّ عدم صيانة السدود في درنة كان له تأثير واضح في حدوث الفيضانات، فيما نقلت شبكة "سي إن إن" عن المتحدث باسم هيئة الطوارئ الليبية أسامة علي قوله إنَّ المنازل والطرق دمّرت بعد انهيار سديّ درنة تحت ضغط مياه الأمطار الغزيرة.

وأضاف المتحدث "كلّ المياه اتجهت إلى منطقة قريبة من درنة، وهي منطقة ساحلية جبلية"، متابعاً: أنّ "المنازل في الوديان التي كانت على خط الفيضان جرفتها تيارات المياه الموحلة القوية التي حملت المركبات والحطام".


كل دقيقة تمرّ من دون دعم جوي تؤدّي إلى وفاة جديدة

في غضون ذلك، نقلت وكالة رويترز عن وزير الطيران المدني الليبي "هشام شكيوات"، قوله: "إنَّ فرق الإنقاذ انتشلت أكثر من ألف جثة في مدينة درنة، مشيراً إلى أنّ الوقوف على الحصيلة الإجمالية للضحايا غير ممكن الآن، لكنّ العدد سيكون كبيراً للغاية".

وأضاف شكيوات "لا أبالغ عندما أقول إن 25 في المئة من المدينة قد اختفى. فقد انهار العديد من المباني"، متابعاً: "لقد عدت من درنة. كان الوضع كارثياً للغاية. الجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الوديان، تحت المباني".

في السياق أفاد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بأنّ أعداد ضحايا الفيضانات في ليبيا قد تصل إلى آلاف، في حين حذَّر المتحدّث باسم جهاز الإسعاف الليبي  في حديث لقناة الجزيرة من أنَّ كلّ دقيقة تمرّ من دون دعم جوي للبحث عن المفقودين تؤدي إلى وفاة جديدة.