أسئلة كثيرة تطرح حول سبل الاستفادة من هذا القرض. وشروط التقدّم بطلب والأوراق المطلوبة والفئة التي ستستفيد من هذه القروض، وهل اسعار الشّقق المعروضة للبيع تتناسب مع المبالغ المرصودة للقروض؟ وماذا عن سبل إيفاء القرض؟ وهل الرواتب الحاليّة تلبّي المطالب المطروحة؟

في نهاية العام 2017 توقّف مصرف الإسكان والمؤسسة العامّة للإسكان عن تقديم قروض مدعومة للرّاغبين بشراء منزل. في حينها كانت لاتزال "الليرة بألف خير" وظنّ البعض أنّ وقف القروض سيكون مؤقّتاً على أن تعود الأمور إلى طبيعتها بعد فترةٍ وجيزة، ولكن قلّة أدركت أنّ توقف قروض الإسكان سيكون له تأثيرٌ بالغ الأهمية في الاقتصاد اللبناني وبالفعل لو قرأ اللبنانيون بواقعية مفاعيل توقّف قروض الإسكان لربما كانوا قد استشعروا الأزمة التي حلّت بهم بعد نحو عامين.

الشباب اللبناني ينتظر عودة قروض الاسكان لتقيهم شرّ الإيجارات المدولرة

في التاسع من آب أعلن المدير العام لمصرف الإسكان انطوان حبيب من السراي الحكومي حيث مقرّ مجلس الوزراء تبلّغه من الصندوق العربي الموافقة النهائية على القرض العربي بقيمة 50 مليار دينار كويتي، أي ما يعادل 165 مليون دولار لمصرف الإسكان، ومعها عاد الحديث عن قروض الإسكان ما يعطي أملًا ولو ضئيلًا بأنّ هذه المبادرة يمكن أن تطبّق على أرض الواقع.

ولكنّ أسئلة كثيرة تطرح حول سبل الاستفادة من هذا القرض. وشروط التقدّم بطلب والأوراق المطلوبة والفئة التي ستستفيد من هذه القروض، وهل اسعار الشّقق المعروضة للبيع تتناسب مع المبالغ المرصودة للقروض؟ وماذا عن سبل إيفاء القرض؟ وهل الرواتب الحاليّة تلبّي المطالب المطروحة؟

المدير العام لمصرف الإسكان انطوان حبيب يشرح عبر موقع "الصفا نيوز"، أنّ هذا الاتفاق مع الصندوق العربي حصل في العام 2019، لكنّه لم ينفّذ بعد، ومنذ شهرين زار وفد من الصندوق لبنان وبحث ملفّ القروض العالقة.

وفد الصندوق العربي تجاوب مع المطالب، واتّفق المجتمعون على أن تكون عملة القرض بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، وتتراوح قيمة القرض للشخص الواحد بين 40 ألف دولار لمحدودي الدخل و50 ألف دولار لأصحاب الدخل المتوسط.

وبينما أقرّ مجلس الوزراء مرسوماً لتعديل الاتّفاق ليصبح بالدّولار عوض الليرة اللبنانية، يؤكّد حبيب أنّ كلّ الشروط أصبحت متوافرة والعمل جار على الانتهاء من بعض النّقاط اللوجستية وتحديد نسبة الفائدة بموافقة مجلس إدارة المصرف ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار.

ويوضح حبيب أنّ عملية تقديم الطلبات ستحصل حصراً عبر الموقع الرّسمي للمصرف منعاً لحصول أيّ تدخّل أو وساطات، مضيفاً: "باستطاعة الراغبين بالحصول على الأوراق المطلوبة لتقديم الطّلب، زيارة الموقع نفسه".

واللافت في ما يقوله حبيب إنَّ هذه القروض ليست سوى البداية وأنّ عدداً من المؤسسات الدولية فاتحه بإمكان تقديم قروض إضافية للمصرف، ويطالب حبيب المصارف اللبنانية أن تُعيد تفعيل القروض.

المدير العام لمصرف الإسكان انطوان حبيب

القروض ستشمل 6000 شخص

حبيب يلفت إلى أنّ أول 6000 شخص هم الذين سيستفيدون من هذا القرض وحين استنفاذ المبلغ بكامله والذي تبلغ قيمته 50 مليار دينار كويتي تتوقّف القروض، فيما "بيت القصيد" بما قاله حبيب إنَّ الحد الأدنى لدخل العائلة التي ستقدّم الطلب يجب أن يكون 1500 $ والحدّ الأقصى 2500 معتبراً أنّ من الممكن إيجاد شقق في الضّواحي والقرى تتراوح أسعارها بين 40 و 50 ألف دولار.

مَن مِن اللبنانيين قادر على الاستفادة من هذه القروض؟

"الصفا نيوز" حمل هذه الارقام إلى الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين لمعرفة ما إذا كانت هذه الشروط قابلة للتنفيذ وما نسبة اللبنانيين القادرين على الاستفادة.

شمس الدين بدوره يقول أنّه "في الفترة الأخيرة أصبح من الصعب الحصول على أرقام واضحة برواتب الموظفين في لبنان على اعتبار أنّ معظم الشركات تعمد الى إعطاء زيادات ماليّة لا تدخل في أساس الرّاتب ولا يُصرَّح عنها. وبعضهم يعطي بعض المساعدات بالدولار".

لكن في قراءةٍ اولية يشير شمس الدين إلى "أنّ قرابة الـ 12% من اللبنانيين فقط تتراوح رواتبهم بين 1500و2500$ ومعظمهم يعمل مع المؤسسات الدّولية غير الحكومية". ويضيف شمس الدين "حتّى القاضي أو الأستاذ الجامعي في الجامعة اللبنانية لا تتخطّى رواتبهم الـ 50 مليون ليرة أي 500 $ أميركي. أمّا إذا احتسبنا الدّخل العام للعائلة والمساعدات المادّية التي تأتي من الخارج فتصل نسبة القادرين على الاستفادة من القرض الـ 30%".

وفي إطار آخر يشير  شمس الدين بحسب إحصاءات الدولية للمعلومات إلى أنّه "قبل توقّف المؤسسة ومصرف الإسكان والمصارف الخاصّة عن تقديم قروض الإسكان كان عدد الشقق المباعة في العام الواحد يصل إلى 27 ألف شقّة، وهذا الرقم انخفض راهنًا إلى 3000. مع العلم أنّ أسعار الشقق قد انخفضت بنسبة 50%".

الـ 50 الف دولار لا تكفي

صحيح أنّ مصرف الاسكان يؤمّن 80% كحد ٍ أقصى من سعر الشقّة وعلى المقترض أن يدفع على الأقلّ 20% من سعرها. إلّا أنّ نقيب المقاولين في لبنان مروان حلو يستصعب في حوار مع "الصفا نيوز" إيجاد شقق بمبالغ تقارب الـ 70 إلى 80 الف دولار. ويعتبر حلو "إنّ هذا القرض يساعد ولكن لا يشكّل 80% من سعر الشقّة خصوصًا أن الاسعار تتراوح بشكل كبير بين منطقة وأخرى، وفي حال وُجدت هذه الشّقق ستكون في مناطق بعيدة جدًا عن بيروت مستبعدًا أن تشكّل هذه الخطوة نهضة عقارية.

ويلفت حلو إلى أنّ شقّة الـ 100 متر يصل سعرها أقلّه إلى 100 ألف دولار. خصوصاً أنّ كلفة البناء أصبحت مرتفعة جدًا وهذا القرض بالنّسبة لحلو قد يساعد من يريد إكمال بناء منزله أو إعادة ترميمه.

انتظر الشباب اللبناني هذه المبادرة منذ أكثر من خمس سنوات، بعضهم أرجأ موعد عقد قرانه إلى حين تأمين مكانٍ يسكنه والبعض الآخر لجأ إلى الاستئجار بمبالغ ترتفع يومًا تلو الآخر.

إلّا أنّ فرحة الشباب اللبناني بعودة قروض الإسكان قد لا تكتمل في ظلّ المعوقات التي تواجه تطبيق القرض على أرض الواقع.