على مدى أكثر من 3 سنوات لم تنجح السّلطات المعنية في لبنان بإنشاء بديل من مبنى إهراءات القمح الوحيد الذي تهدّم بفعل انفجار 4 آب 2020 وبينما سبق انهيار المبنى أزمة إقتصادية ومالية منذ 2019 وهي مستمرّة حتى يومنا هذا، لحقت بها أزمة أخرى عالمية في شباط 2022، اثر إندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، ما وضع دول الشرق الأوسط وأفريقيا وغيرها أمام تهديد غذائي حقيقي، نظراً للمكانة الأوكرانية على صعيد الغذاء العالمي باعتبارها رابع أكبر دولة مصدّرة للقمح.
المبنى الذي كان له الفضل الكبير على جنوب - غرب العاصمة بيروت، حيث ردّ عنها نسبة تقدر بـ20 في المئة من عصف الانفجار وفق إجماع الخبراء، بقي مصيره مجهولاً حتى الساعة بين الهدم لتشييد بدلاً منه (هذا الخيار يعارضه أهالي شهداء المرفأ قبل انتهاء التحقيقات) والتدعيم ليبقى الشاهد على كارثة 4 آب 2020، في حين أبدت دولة الكويت الشقيقة عبر سفيرها "عبد العال القناعي" استعدادها لبناء مبنى الإهراءات، خصوصاً وأنّ المبنى المتضرّر كان قد أُنشئ بقرض كويتي (بين الـ1968 الى 1970)، حيث أعطى في ذلك الحين صورة عن نهضة عمرانية وإقتصادية تفرّدت بها بيروت بين المدن المطلّة على البحر الأبيض المتوسط.
سرور: لا أزمة قمح أو طحين أو خبز حالية
وعلى الرّغم من الأصوات التى رفعتها نقابة المخابز والأفران لوضع خطة عمل سريعة لبناء مبنى جديد للإهراءات، إلّا أنّ ذلك لم يلق آذاناً صاغية من قبل المعنيين، إذ يؤكّد رئيس النقابة ناصر سرور في حديث لـ"الصفا نيوز"، أن لا أزمة قمح أو طحين أو خبز حالية، وحتّى مستقبلاً لا مشكلة لطالما حركة الإستيراد متوفّرة عبر البحر الأسود.
وأوضح سرور أنّ التخزين اليوم يقتصر على القطاع الخاص فقط (مخازن ومطاحن)، والذي لا تتجاوز قدرته الإستيعابية لأكثر من شهرين اثنين أو ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، مشدداً على أنّ بناء إهراءات في أكثر من مدينة ساحلية قرب البحر يُوفر للبنان مخزون قمح استراتيجي يكفيه سنة كاملة وربما أكثر، وهذا ما قد يحميه من أيّ طارئ دولى أو إقليمي أكان على شكل حرب أم كارثة طبيعية.
وفي وقت سابق، لم تتوانَ النقابة عن إصدار البيانات لمناشدة القوى السياسية والأحزاب الفاعلة وحتّى الدول الصديقة للبنان من أجل بناء مبنى للإهراءات، ليتمكّن لبنان من تأمين استقرار في الأمن الغذائي الخاص به.
ما هي اتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا
وبالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية في شباط 2022، أغلقت القوّات البحرية الروسية عدداً من الموانئ على البحر الأسود، ما أدّى إلى توقّف تصدير أكثر من 20 مليون طن من القمح الأوكراني إلى مختلف دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وإلى ارتفاع بأسعار الغذاء عالمياً.
وخلال العام الفائت، نجحت كلّ من تركيا والولايات المتحدة الأميركية، بالتوّسط بين كلّ من روسيا وأوكرانياً لابرام اتفاقية تُمكّن السّفن المحمّلة بالحبوب الأوكرانية من عبور البحر الأسود الواقع تحت السيطرة الروسية، إلّا أنّ موسكو كانت قد أبلغت المعنيين بالاتفاقية منتصف الشهر الفائت أنّها لن تجدّد الاتفاقية التي سمحت لأوكرانيا بتصدير كمّيات كبيرة من الحبوب عبر البحر الأسود، والسبب عدم استيفاء شروط الاتفاق من قبل أوكرانيا وفق تعبير موسكو.
شروط موسكو للعودة الى الإتفاق
وفي وقت سابق كان قد حدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شروط موسكو للعودة الى الإتفاق والتي تتمثل:
- إعادة ربط البنوك والمؤسسات المالية الروسية بنظام "سويفت" المصرفي الدولي الذي حُرمت منه بعد الحرب.
- استئناف تشغيل خطّ الأنابيب العملاق الذي يربط مدينة توغلياتي الروسية بميناء أوديسا الأوكراني المستخدم لتصدير الأمونيا.
- إزالة العقبات أمام المصارف الرّوسية والمؤسسات المالية التي تخدم توريدات الأغذية والأسمدة
- إعفاء توريدات الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية من العقوبات، واستئناف توريدات المكونات وقطع الغيار للمعدات الزراعية.
- ضرورة حلّ كافّة القضايا المتعلّقة بتأمين السفن والصادرات الروسية واستئناف كافّة العمليات اللوجستية وضمان توريدات الأسمدة من روسيا دون أي عائق.
وأمس الخميس أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بأنّ موسكو ستعود إلى اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود إذا نفّذ الغرب التزاماته معها (شروطها).
أمين سلام كاد أن يشعل أزمة ديبلوماسية بين لبنان والكويت بسبب الإهراءات
وفي وقت سابق، كاد تصريح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام أن يشعل أزمة ديبلوماسية بين لبنان والكويت عقب قوله إنَّ الكويت تستطيع أن تبني الإهراءات بـ"شحطة قلم" ما دفع الكويت للتعبير عن استنكارها لأنّ ذلك "يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية" وفق تعبيرها ما دفع بسلام الى توضيح الموضوع في مؤتمر صحافي حيث أكّد عمق علاقة الأخوّة بين بيروت والكويت.