مصادر في حركة فتح، قالت لـ"الصفا نيوز"، "نحن في الأمن الوطني كان دورنا تسليم مُفتعل الإشكال وعلى هذا الأساس تحرّك قائد الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي ... ولكنه تعرّض لكمين محكم من قبل بقايا التنظيمات الإسلامية الأصولية المتشدّدة...
إشكال عين الحلوة الذي بدأ فردياً وتطوّر لاحقاً إلى اشتباكات مسلحة خلّفت 6 قتلى وعشرات الجرحى، عكّر "استجمام" المُقيمين والمغتربين الزائرين جنوباً. أمّا "استجمام" أهل السياسة فقد تكفّل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بالتّصويب عليه من أعالي الديمان حيث المقرّ الصيفي للبطريركية، فأصابت صليات رشقاته بعيدة المدى، صميم المجلس النيابي ونوّابه أولاً، والأسرة الدّولية الداعمة لبقاء النازحين السوريين ثانياً.
ولأنّه يحمل شعاراً زاده الشرف والتضحية والوفاء، نال الجيش اللبناني نصيباً من الأحداث الدائرة في مخيم عين الحلوة - صيدا إذ أصيب عدد من عسكرييه بجروح، ما دفعه إلى التحذير بلهجةٍ شديدة من مغبة تعريض مراكزه وعناصره للخطر أيّاً كانت الأسباب، مؤكّداً أنّه لن يتوانى بالرّد على مصادر النيران بالمثل، في حين تفصل لبنان عن شغور سدّة حاكمية البنك المركزي ساعات معدودات لا تتجاوز الـ 24 حيث تنتهي ولاية رياض سلامة، وبات من المؤكّد أنّ نائبه الأوّل وسيم منصوري سيستلم مهامه بمعاونة 3 من زملائه (نواب الحاكم) بعد أن يشرحوا في مؤتمر صحافي مشترك، الواقع المالي والنّقدي للبلاد بعد أسابيع من تلويحهم بالاستقالة التي ما لبث أن تراجع منصوري عنها بعد تقديم الضمانات له من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والتي ستشكّل لمنصوري وأعوانه أوكسيجيناً ينعش الشّهور القليلة المقبلة بـ"الدولار الفرش" على أمل انتهاء الأزمة الرئاسية قريباً وانصلاح الأحوال المترافقة.
تحذيرات تجّار الدولارات في السوق الموازية: لا تحملوا إلّا الدولار
من جهتها، أطلقت "مجموعات" مواقع التواصل الإجتماعي التي يستخدمها تجار السوق الموازية في عمليات تصريف الدولارات، تحذيرات من مخاطر حمل الليرة اللبنانية! وبينما شهدت أوساطهم ترقّباً شديداً، تراجع سعر صرف الدولار ووصل تقريباً إلى 88600 ليرة لبنانية مقابل كلّ دولار أميركي.
الراعي: لماذا لا يلتئم المجلس النيابي في جلسات متتالية بدوراتها لانتخاب رئيس للجمهورية؟
وأشار الراعي خلال عظة الأحد، إلى أنّنا "نشهد اليوم وبكلّ أسف فساداً على كلّ صعيد: فساداً سياسيّاً، فساداً أخلاقيّاً، فساداً إداريّاً، فساداً قضائيّاً، فساداً تجارياً"، سائلاً: "هل من أحد يشرح لنا لماذا لا يلتئم المجلس النيابي في جلسات متتالية بدوراتها لانتخاب رئيس للجمهورية بحسب المادة 49 من الدستور، ويوجد مرشحان أساسيان كفؤان (المرشّح المتقاطع عليه من قبل الأحزاب المسيحية الكبرى الوزير الأسبق جهاد أزعور مقابل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المدعوم من قبل الثنائي الشيعي)، كما ظهر في جلسة 14 حزيران الماضي؟ فإمّا ينجح واحد منهما وإمّا لا أحد، ولكن بعد ثلاث دورات متتالية على الأكثر، يُصار إلى الاتّفاق على ثالث بحوار مسؤول".
وأضاف: "هل من يقول لنا لماذا أُبطل النصاب في تلك الجلسة التي كادت ان تكون حاسمة؟ وهل من يشرح لنا الغاية من ترحيل هذا الاستحقاق الأساسي لقيام مؤسسات الدولة إلى شهر أيلول (موعد عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان)؟ أهي عطلة شهر آب للسادة النوّاب، للاستجمام بحراً وجبلاً وسفراً، فيما الشعب يموت جوعاً، والدولة في حال الفوضى الدائرة، والنازحون السوريون يحتلّون البلاد بدعم من الأسرة الدولية، ونحن مغفّلون، وهم متناسون أرضهم ووطنهم وتاريخهم وثقافتهم".
وتابع، "فلو أنّ المسؤولين في الدولة يعتنون بجمع أموالها من فواتير الكهرباء والماء من الجميع، ولو أنّهم يضبطون مداخيلها من الجمارك في المطار والمرافئ والمؤسسات الإدارية وسائر الدوائر التابعة لها، ولو ضبطت الخوّات لدى موظفيها، ولو أوقفت التهريب خروجاً ودخولاً عبر مداخلها الشرعية وغير الشرعية، ولو وضعت حداً للسرقات المالية، لوفّرت المال اللازم والكافي لدفع أجور موظّفي القطاع العام ورواتبهم، من دون المسّ بالإحتياط وبأموال المودعين في البنك المركزي"، موضحاً "أنّ القطاع السياحي شكّل خشبة الخلاص للاقتصاد المنهار، فبلغ عبر السنوات حوالي 25 بالمئة من الدخل القومي؟".
عين الحلوة: إشكال قديم يعود تاريخه إلى شهر رمضان الفائت
في عين الحلوة، بدأ الإشكال أمس الأول بطابع فردي بحت بين مجموعتي شباب، الأولى من حيّ الصفصاف، والثانية من منطقة البركسات، وعلى الأثر قُتل شاب فلسطيني وبعدها سادت أجواء من التوتر داخل أحياء المخيم وظلت محدودة إلى حين اجتماع هيئة العمل قبل ظهر أمس، حيث اتّخذت قراراً بتسليم الفاعل بعد إدانة الجريمة في ظلّ استمرار التوتّرات.
مصادر في حركة فتح، قالت لـ"الصفا نيوز"، "نحن في الأمن الوطني كان دورنا تسليم مُفتعل الإشكال وعلى هذا الأساس تحرّك قائد الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي من مقرّ قوات الأمن الوطني في منطقة بستان اليهود باتجاه حي البركسات من أجل تثبيت الأمن هناك، والعمل على تسليم الفاعل للجيش اللبناني، وأثناء وصول العرموشي تعرّض لكمين محكم من قبل بقايا التنظيمات الإسلامية الأصولية المتشدّدة في المخيم (بقايا عصبة الأنصار وبقايا جند الشام) الذين تسللوا إلى منطقة تجمع المدارس التابعة لمنظمة "الأنروا" واستطاعوا الدخول إليها والتحصّن داخل الصفوف المدرسية وأطلقوا النار عليه ما أدّى إلى مقتله و4 من مرافقيه على الفور".
وأضافت المصادر نفسها: "مُفتعل الإشكال أمس من آل زبيدات كان منذ أشهر منضوياً تحت جناح الأمن الوطني ولأسباب تنظيمية تمّ فصله"، مشدّدةً على أنّ حركة فتح اليوم تتعامل مع الموضوع بكثير من الحكمة وليس بردّ فعل لأنّ الهدف هو جرّ المخيم إلى حرب تدميرية تؤدّي الى تهجير أهله.وأشارت إلى أنّ "ما سُمع داخل المخيم بعدها هو بمثابة ردّ فعل على اغتيال العرموشي أكبر هرم تنظيمي موجود في منطقة صيدا"، متوعّدةً الفاعلين بالقصاص.
في المقابل، يروي أحد قاطني مخيم عين الحلوة لـ"الصفا نيوز"، روايةً أُخرى أكثر تسلسلية للأحداث، قائلاً: "خلال شهر رمضان الفائت قُتل عنصر من الأمن الوطني الفلسطيني يدعى محمود زبيدات، وحينها نجح العاملون على خط التهدئة بتسليم القاتل، خالد علاء الدين الملقب بـ"الخميني" فيما نجى المتسبب الفعلي للإشكال والذي يدعى أبو قتادة ( محمود خليل وهو ناشط إسلامي تتراوح تبعيته بين عصبة الأنصار وجند الشام)، وأمس الأول وأثناء عودة "ابو قتادة" برفقة شاب يدعى "عبد فرهود" من الصفصاف حيث كانا يمارسان هواية السباحة أقدم الشاب محمد زبيدات الملقّب بالـ"صومالي" (شقيق القتيل محمود زبيدات)، بإطلاق النّار عليهما ما أدى إلى مقتل فرهود، ونجاة ابو قتادة.
وأشار إلى أنّ العرموشي قد "اغتيل في طريق العودة من حي آل زبيدات، لافتاً إلى أنّ اغتياله شكّل صدمة كبيرة لأهالي مخيم عين الحلوة كونه شخصية معروفة ومحبوبة داخل المخيم"، فيما لم يستبعد فرضية أن يكونوا آل زبيدات أنفسهم هم من تسببوا باغتياله".
الجيش: سنردّ على مصادر النيران بالمثل
وفي وقت لاحق، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان التالي: "بتاريخ 30 / 7 / 2023، وعلى أثر وقوع اشتباكات داخل مخيم عين الحلوة - صيدا، سقطت قذيفة في أحد المراكز العسكرية كما تعرّضت مراكز ونقاط مراقبة تابعة للجيش لإطلاق نار، ما أدّى إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح.
تحذّر قيادة الجيش من مغبة تعريض المراكز العسكرية وعناصرها للخطر مهما كانت الأسباب، وتؤكّد أنّ الجيش سيردّ على مصادر النيران بالمثل".
بتوجيه من بري أمل تدخل على خط التهدئة وميقاتي: توقيت الاشتباكات مشبوه
ما حصل في عين الحلوة استدعى تدخلاً من قيادة حركة أمل بتوجيه من الرئيس نبيه بري، والعمل على خطّ تهدئة الاشتباكات، حيث عقدت اجتماعاً في مكتبها في حارة صيدا مع وفد من هيئة العمل الفلسطيني المشترك للبحث في سبل تطويق الاشتباكات ومعالجة ذيولها، في حين رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ "توقيت الاشتباكات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة، في الظّرف الإقليمي والدولي الراهن، مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين، كما أنّ تزامن هذه الاشتباكات مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية، هو في سياق الرسائل التي تستخدم الساحة اللبنانية منطلقاً لها".
وأضاف: "إن هذه الاشتباكات مرفوضة لعدّة اسباب، أولها أنّها تكرّس المخيم بؤرة خارجة عن سيطرة الدولة وهذا أمر مرفوض بالمطلق ويتطلّب قراراً صارماً من القيادات الفلسطينية باحترام السيادة اللبنانية والقوانين ذات الصلة وأصول الضيافة. أيضاً فإنّ هذه الاشتباكات تُشكّل ضربة في صميم القضية الفلسطينية التي سقط من أجلها الاف الشهداء وقدم لأجلها الشعب الفلسطيني التضحيات الجسام في الوطن والشتات".
وتابع: "إننا نطالب القيادات الفلسطينية بالتعاون مع الجيش لضبط الوضع الامني وتسليم العابثين بالأمن إلى السلطات اللبنانية، وهذا هو المدخل الطبيعي لإعادة بسط الأمن والاستقرار داخل المخيم وفي محيطه، كما في سائر المخيّمات الفلسطينية في لبنان. كما نطلب من الجيش والأجهزة الأمنية ضبط الوضع في المخيم لما فيه مصلحة لبنان واللاجئين الفلسطينيين على حدّ سواء".
وختم ميقاتي: "إنّ الحكومة جاهدة لتحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطيينين في لبنان عبر إقرار الاستراتيجية الوطنية للاجئين الفلسطينين، إلّا أنّه على الجهات الفلسطينية المعنية كافّة أن تنهي ظاهرة الإشتباكات المتكررة".