لا تخلو النقاشات داخل الأحزاب عن طول أمد الشغور الرئاسي، لدوافع داخلية لبنانية يُسهب البعض في تشريحها وخارجية يتحدثون عنها بكثير من الرجاء.
هي حلقة مفرغة يدور فيها النقاش المتعلق بالشغور الرئاسي، فعلى الرغم من حرارة طقس تموز المرتفعة إلّا أنّها لم تنعكس على الأجواء الرئاسية، إذ بات الجميع مُسلّماً بأنّ الحلول الداخلية انقطعت بانتظار حلول الخارج التي مسّها هي الأخرى شيئاً من البرود، فالموفد الرئاسي الفرنسي جان - ايف لودريان الذي كان متحمّساً للعودة بمقترحات حوارية إلى بيروت عقب مغادرته قبل أيام، يُفضل القيام بجولة إقليمية قبل عودته في القسم الأخير من الشهر الحالي، بينما يتزامن ذلك كلّه مع ما شهدته فرنسا من أحداث وضعتها ووضعت أوروبا كلها تحت المجهر الدولي.
تقاطع مسيحي من نوع جديد لمقاطعة ما بات يسمّى بـ "تعيين الضرورة"
من جهتها تؤكَّد مصادر مواكبة للأحداث الداخلية، انسداد الأفق، إذ لا تخلو النقاشات داخل الأحزاب عن طول أمد الشغور الرئاسي، لدوافع داخلية لبنانية يُسهب البعض في تشريحها، وخارجية يتحدثون عنها بكثير من الرجاء أملاً بأن تكون على قدر تطلعاتهم وتمركزهم المحوري - الإقليمي والدولي. ولأنّ مفاعيل الاتفاق السعودي - الايراني والسعودي - السوري لم تمسّ الوضع اللبناني جدّياً بعد، فكلّ ما يدور داخلياً يُعدّ "تقطيعاً" للوقت و"نقار" داخلي حسب مقاس الأحداث، وآخرها جاء على هيئة غضب مسيحي انصبّ على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حول الصلاحيات وفصل السلطات عقب الاجراءات التي ترافقت مع حادثة القرنة السوداء، وتحديداً مسألة استقلال السّلطة القضائية، اذ اعتبر حزب القوات اللبنانية أنَّ قرار ميقاتي تشكيل لجنة وزارية موسعة للنظر في ملف الإشكالات العقارية والمائية بمثابة التعدي على الصلاحيات.
وتوضح المصادر نفسها أنَّ الخلاف عاد إلى مربّعه الأول الذي انطلق منه عقب الدعوة لأوّل جلسة حكومية بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (مسيحي - مسلم)، وأنّ ما يحصل هو بمثابة تقاطع مسيحي من نوع جديد لمقاطعة ما بات يسمّى بـ "تعيين الضرورة" والذي يسوّق له عبر الإعلام، فيما تشير المصادر إلى أنَّ كثرة الحديث عن قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أواخر الشهر الحالي لا تعدو أن تكون تمهيداً لتعيين نائب الحاكم الأول وسيم منصوري بديلاً منه، خصوصاً وأنّ الأخير قد عاد أخيراً من واشنطن في زيارة استمرت لنحو أسبوع شملت وزارة الخزانة وعدداً من المؤسسات المعنية كما عقد الكثير من الاجتماعات، ما تُرجم على أنّه رضىً أميركياً عليه، مع العلم أنّ المرجعيات السياسية الحاكمة ترغب في أن يبقى سلامة حاكم الظلّ خلال الفترة الحالية، تخوفاً من انهيار اقتصادي أكبر من ذاك الذي نعيشه اليوم.
وبدوره، كشف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، في كلمة ألقاها أمس، أنّه "طالب بمؤتمر دولي للبنان بعدما هرب السياسيون اللبنانيون من الحوار لأنهم مرتهنون لمصالحهم الخاصة"، معتبراً أنّ "المسؤولين يهربون من الحوار لأنّ لدى كلّ واحد منهم مصلحته الخاصة ولا يريد التضحية بها".
وفي وجه آخر من الأزمة ومع تواتر الحديث عن نوايا الثنائي الوطني بتغيير النظام اللبناني وفق معادلة جديدة قوامها المثالثة (مسيحي - سني - شيعي) بدلاً من المناصفة الحالية، جاء ردّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أمس، عن تمسّك حزب الله باتفاق الطائف من دون تعديل أي حرف فيه، معتبراً أنّ الحزب يمارس كلّ الأساليب الهادئة من أجل مصلحة البلد، في حين يعاني الآخرون من "توتر" نجهل أسبابه.
وترأس رئيس مجلس النواب ورئيس حركة امل نبيه بري، اجتماعاً استثنائياً للمجلس المركزي في الحركة لمناسبة الخامس من تموز، يوم شهيد "أمل"، قدّم خلاله شرحاً للأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة وموقف الحركة منها.
وقد أوضحت مصادر مواكبة للاجتماع، أنّ برّي كرّر على مسامع المجتمعين أسباب تمسّك الثنائي بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، عارضاً في الوقت نفسه للأحداث التي شهدها لبنان على مرّ السنوات القليلة الماضية.