"إذا غنّيت لوناً جديداً، يقولون أينَ نجوى؟ وإذا عُدتُ إلى لوني القديم يقولون إنّي أُكرّر نفسي"، هذا ما صرّحت به "شمس الأغنية اللبنانية" نجوى كرم خلال لقاء تلفزيوني سبّقت فيه على أي انتقاد قد يتعرّض له ألبومها الأخير "كاريزما".

والغريب، في أنّه غالباً ما تكون الانتقادات الموجهة لنجوى غير مبنية على أسس مهنيّة، فبعضها يتجاوز الحدود ويقارب التنمّر، فكيف لصوت نجوى أن يبقى على ما هو عليه، وهل عليها الاعتزال إن لم يحافظ الصوت على جوهره السابق، طالما أنّها قادرة على الاستمرار؟

ثمّ يأتي بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الذين ما لبثوا أن تمايلوا على أغاني "هاي السمرة" و"بنت الجيران"، مهاجمين استخدام الإيقاعات في أغنيات نجوى، وكأنّ الإيقاع الشعبي واللونين "البدوي" و"البلدي" مُعيبين؟! فكيف نستمع إلى هذا اللون بإصدارات حديثة وهجينة، بعضها دون المستوى، ولا نستسيغها إن كانت بقالب فنّي جميل ومع صوت أعطى لهذا اللون الكثير ووضعه على سكّته الصحيحة في الأغنية المعاصرة؟

ينتقد البعض الألبوم قبل الاستماع لكلّ أغنياته! أمّا القول، إنّ نجوى لم تتوفّق باختياراتها من ملحنين وكتّاب لبنانيين، فذلك مجحف بحق الفنانين اللبنانيين والعرب الذين تعاونت معهم... ثمّ هل يجب على الفنان أن يتعامل مع كلّ الملحنين على قاعدة الفنان الناجح عليه التعاون مع الملحن الذي يصنع "هيتات"؟ وهل تصحّ المقاربة بهذه الطريقة؟ من الممكن أن يكون ذلك الشاعر أو ذاك الملحّن ليس لديه ما يقدّمه للفنان ولا يكون اللقاء الفنّي اليوم، وقد يحصل في الغد!

الاستماع لأغنيات الألبوم الأخير "كاريزما" يدفعك للدفاع عنه، ليس حبًّا بنجوى فقط، أو لأننا تربّينا على أغنياتها، إنّما إحقاقًا لجمال الأعمال التي قدّمتها فيه. وفي "كاريزما" نستمع إلى سبع أغنيات، تنتهي جميعها بـ"القفلة" نفسها بصوت نجوى بلا موسيقى، ثمّ تطالعك المواضيع وهي جميعها "حب وغرام"... فيما الألبوم تحت إشراف الملحن جورج ماردورسيان وتعاملت نجوى مع كل من وسام الأمير وعلي حسون والشاب سامر لحنًا، ووسام الأمير وإميل فهد وعامر لاوند وإلكسي قسطنطين ككلمات، أمّا التوزيع فكانت حصة الأسد فيه لفادي جيجي بـ5 أغنيات ولعلي حسون في أغنيتين.

سُباعيّة نجوى في الألبوم، تبدأ مع "كاريزما" الأغنية المعاصرة، ثمّ تأتي "شغّل موسيقى" التي تقدّم نمطًا غنائياً جميلاً يألفه المستمع مع صورة جديدة لـِ "دان حدّاد" كإخراج، أمّا "عشر دقايق" فحلاوتها بالرّقة التي تُعيدنا بالفعل إلى حقبة سابقة من نجاحات نجوى والملفت انتقاد "عشر دقايق" على أنها تقليد لنمط جوليا بطرس، فكيف يكون ذلك وأيهما أقدم في هذا اللون "جحا أم ابنه"؟



وتكون بلوّرة عودة نجوى لقديمها أكثر فأكثر في أغنية "مغرومة بحالي"، ثمّ تحجز "زعلك صعب" مكانتها في الألبوم، فيما تأتي جرعة الحب الأكبر في "بحبك حب" وأخيراً من أبرز هيتّات العمل "واني اشتقتله" التي تشترك مع "شغّل موسيقى" لناحية اللهجة البيضاء، أمّا بقية الأغنيات فباللهجة اللبنانيّة مئة بالمئة.



تقول نجوى: "أنا فنانة ألبومات ولستُ فنانة أغنيات منفردة"، فوعدت جمهورها بتقديم ألبومٍ كلَّ عام... والوعد هنا قد لا يتخطى "الأمنية" في ظل الظروف الانتاجيّة الصعبة!

صحيح أن نجوى لم تعد في العشرينات من عمرها، لكنها اختارت الاستمرار في الغناء وصوتها لا يزال يلبّيها، لا بل إنّها تؤدي أفضل بكثير من نجمات أصغر منها بكثير، إنها الموهبة التي صقلتها الخبرة، فكم هو جميل أن تستمع لها وهي تجيد توظيف طاقات صوتها ببراعة فائقة اكتسبتها خلال رحلتها الفنية. في جلسات التصوير التي أطلّت عبرها في الفيديوهات القصيرة المرافقة للأغنيات، فقد اختارت فيها الإبهار، فنجوى على صعيد الصّورة تبتعد أحياناً عن البساطة والقرويّة، وتلك توليفة ملفتة فهي "بلديّة وجدعة" في الأغنيات وفي الصور "مودرن وستايل"!