علي شكر

كفة الميزان لم تعد "طابشة"، هو سلوك جديد في البيع يحاول أصحاب محال الخضار الصغيرة التأقلم معه، خلافاً لما اعتادوا عليه سابقاً، فالحرص هذه الأيام بات أكثر من ضرورة حتى لا "تقع الخسارة، لأن غرام الخضار اليوم بمصاري".

ويكاد الواحد منهم لا يصدق ما تنطق شفتاه، عقب سؤاله عن سعر كيلو الخيار مثلاً، والذي تجاوز سعره الـ50,000 ليرة لبنانية، ثم يدرك حجم الأزمة ومدى ارتباطه بواقع دولار السوق الموازية، الذي أصبح من أبطال القفز السريع بعدما لامس الـ76 الف ليرة لبنانية حتى لحظة كتابة هذا الموضوع.

واقع محال بيع الخضار 

أحد بائعي الخضار في واحدة من قرى البقاع، يشرح لـ الصفا نيوز" كيف بات يخجل من الإجابة بعد سؤاله على خضار ذابل، لا بل يتلعثم بلفظ أسعار بعض الأصناف، خصوصاً اذا كان السائل من ذوي الدخل المحدود الذين باتوا أقرب إلى الفقراء ولكن بلباس أنيق وفق تعبيره.

ويشير العم أبو علي في حديثه معنا، إلى أن الآتي أعظم من حيث الأسعار، قائلاً: "هذا ما يُحكى في "سوق الجملة"، فمع اقتراب بداية شهر الصيام عند إخواننا المسيحيين الأسبوع المقبل (20 شباط الحالي)، ستشهد أسعار الخضار ارتفاعاً جنونياً، سائلاً: كيف إذا ترافق صوم المسيحيين وصومنا (بدء شهر رمضان عند المسلمين في 20 آذار المقبل) في فترة زمنية واحدة؟

كذلك، يوضح أبو علي، أن الاقبال على شراء الخضار لم يتراجع، إنما الكميات المباعة باتت قليلة، فمن اعتاد على شراء "الشرحات" (الصناديق) سابقاً، بات اليوم "زبون الكيلو"، أما ذوي الدخل المحدود فبات استهلاكهم مُقنّن نوعاً ما، يصل إلى حد الشراء بالـ"حبة" قبل أواخر الشهر، نعم الـ"حبة"، حتى وإن لم ينطقوا بذلك، فما نصف كيلو البندورة سوى "حبتين اثنتين" أو "3 حبات".

كذلك، كشف أنه يُواجه بعض الصعوبات التي ربما تدفعه إلى الإقفال قريباً، لأن مقوّمات الصمود باتت ضيقة ومحدودة، نظراً لتقلص هامش الأرباح بالنسبة لسعر صرف الدولار، وأسعار المحروقات التي باتت مرتفعة جداً، وحاجته المُلحّة إليها من أجل النّقل والتدفئة.

قصة البصل أكبر من دولار

خلال الأيام القليلة الفائتة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة كمية من البصل كُتب على ورقة صغير تحتها 70,000. الصورة التي أثارت موجة عارمة من الغضب، استدعت ردود أفعال من بعض المعنيين في القطاع الزراعي، اذ ظهر نقيب المزارعين في البقاع ابراهيم ترشيشي بمقطع فيديو يوضح أسباب ارتفاع السعر، قائلاً "تاجر كبير أقدم على شراء كميات كبيرة من البصل من أجل تصديرها إلى ليبيا وعدد من الدول العربية التي تعاني من شحٍ في هذا المنتوج الزراعي".

بدوره، يوضح أحد كبار المزارعين في زحلة في حديث لـ"الصفا نيوز"، أن مردّ أزمة البصل تحديداً، لا يعود إلى تصديرها من قبل أحد التجار إلى ليبيا وبعض الدول العربية، إنما تقدير خاطئ من وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال "عباس الحاج حسن"، الذي سمح للبصل المصري الدخول إلى السوق اللبناني خلال الفترة القليلة السابقة، ما دفع بالمزارعين إلى المسارعة في التخلص من "الموسم"، عبر تصديره خوفاً من كساده ومن ثم إتلافه، مشيراً إلى أن كلفة تخزين البصل عالية وقد سبق أن شهد سوق البقاع هذا النوع من الأزمات ما دفع بالمزارعين إلى إتلافه بكميات كبيرة.

ويكشف المزارع نفسه، أن إرتفاع أسعار الخضار في هذا الوقت من السنة يمكن اعتباره طبيعياً بعض الشئ، نظراً لما يتعرض له القطاع من عوائق مثل، "الصقيع" الذي يتلف بعض المنتوجات بسبب تدني درجات الحرارة، ثم كلفة النقل المتأثرة بأسعار النفط المرتفعة وفق سعر صرف السوق الموازية، فضلاً عن توقف الزراعة في المناطق الباردة كثيراً والإعتماد على محاصيل المناطق الدافئة (القريبة من الساحل)، ما يجعل الطلب أكبر بكثير من العرض، ما يدفع بعض التجار إلى الإستيراد بكلفة مرتفعة.

"خضرجي العاصمة"  

في غضون ذلك، جالت كاميرا "الصفا نيوز" في أحياء العاصمة بيروت وتنقلت بين "خضرجي" وآخر، سائلة عن الأسعار وأحوال القطاع فضلاً عن إقبال الناس على الشراء، فكانت الأجوبة متشابهة إلى حدّ كبير نختصرها لكم في هذا المقطع المصور:

https://www.youtube.com/watch?v=KVqUMINym9c