يستخدم الناس، التكنولوجيا اليوم للتأقلم مع مجتمع رقمي لا يرتبطون به جسدياً، ولكن عقلياً. تعمل كل منصة وسائط اجتماعية كمنزل رقمي للأفراد، مما يسمح للناس بالتعبير عن أنفسهم من خلال القرية العالمية.

على الشبكة العنكبوتية، تعدّ المسافة الفعلية أقلّ تأثيراً أمام الأنشطة التواصلية في الوقت الفعلي للأشخاص. يتم توسيع المجالات الاجتماعية للأفراد بشكل كبير من خلال العالم الواسع للإنترنت والسهولة التي يمكن للأشخاص من خلالها البحث عن المجتمعات التي تشبههم وبالتالي التفاعل مع الآخرين الذين يشاركونهم نفس الاهتمامات والتوجهات.

عالم الميتافيرس

تم استخدام مصطلح ميتافيرس (metaverse) لأول مرة في رواية الخيال العلمي لنيل ستيفنسون سنو كراش (Snow Crash) في عام 1992. وتم آنذاك اعتبار ميتافيرس مجرد مفهوم خيال علمي يستخدم في الأفلام أو الألعاب أو الكتب، إذ لم يكن لها أي استخدام في العالم الحقيقي. ومع ذلك، لقد ذهبنا أبعد من ذلك بكثير في السنوات الأخيرة، فلم يعد مفهوما كتابياً، بل هو الآن نظام بيئي للواقع الممتد الشبكي (XR) الذي تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر، ويمكن أن يكون أسلوب حياة جديد أو مجتمع جديد وحتى قرية عالمية جديدة.

منذ أعلن فايسبوك عن إنشاء هذا الكون الرقمي الجديد الشامل، تبيّن أن ميتافيرس سيكون المستقبل الرقمي.  مستقبل يقضي فيه الناس أوقات فراغهم في متابعة التجارب الرقمية في محاكاة العالم الحقيقي. سيكونون قادرين على إنشاء عوالمهم الخاصة والمشاركة في أنشطة غير محدودة عبر الإنترنت والعيش جنبا إلى جنب مع ملايين الأشخاص، ولكن رقمياً.

ومع ذلك، فإن هذا المفهوم ليس فقط للمستخدمين الفرديين، بل ينظر إلى ميتافيرس الآن بأنه يوّفر عالماً غير متناه من الفرص التكنولوجية المستقبلية، ولكن الأهم من ذلك كلّه أنه عالم جديد يجب التعرف عليه.

تبلغ القيمة السوقية الحالية لميتافيرس 47.48 مليار دولار. ومع ذلك، فإن معدل النمو المتوقع له حتى نهاية العقد يبلغ حوالي 40٪، مع توقعات أن تصل إيراداته إلى 678.8 مليار دولار بحلول عام 2030.

ولكن ما هو الميتافيرس؟

 ميتافيرس ليس مكاناً أو شركة أو خدمة.  أنه ببساطة مساحة رقمية جديدة، تماماً مثل الإنترنت، ولكن مع تفاعل أعلى وفرص أكبر وحدود أقل.

 عالم رقمي ثلاثي الأبعاد متكامل وجديد تماما.  يحاكي ميتافيرس العالم الحقيقي حيث يتفاعل الناس مع بعضهم البعض على منصات متعددة باستخدام الواقع المعزز والواقع الافتراضي في وقت واحد، ويمكن لهم استخدام الصور الرمزية للتفاعل مع الآخرين وشراء سلع افتراضية.

الناس "يعيشون" في الميتافيرس

يمكن لمستخدمي ميتافيرس الانخراط في عالم بديل عبر الإنترنت يحاكي ويعزز وينوع جميع تجارب الحياة الواقعية. وبالتالي، يمكن للناس الذهاب للتسوق وحضور الفعاليات والتعرف على أشخاص جدد وتكوين صداقات والسفر، كما يمكنهم الذهاب في مغامرات ومهام - كل ذلك في مساحة افتراضية وهم جالسين في منازلهم.

لذلك، بناء على ما نعرفه حتى الآن، نلخص ميزات ميتافيرس الرئيسية بالتالي:

  1. تجربة آنية في الوقت الحقيقي
  2. خدمة على مدار الساعة. لا توقف مؤقت أو انقطاع
  3. إبداع لا حدود له: عالم جديد بالكامل
  4. المحتوى ينشئه المستخدمون: يمكن للمستخدمين تشكيل العالم من حولهم
  5. سهولة الوصول.

لا نعرف للآن سوى بعض التقنيات المطلوبة لبناء ميتافرس، يتلخص بعضها بـ:

  • الواقع الافتراضي
  • السحابة
  • الواقع المعزز
  • بلوكشين والعملات المشفرة
  • الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي: الواقع المختلط
  • تقنية الجيل الخامس وتقنية الجيل السادس للمراقبة
  • إنترنت الأشياء.

 ميتافيرس وعالم الأعمال

 ميتافيرس هو الشيء الجديد الكبير التالي الذي لديه القدرة على إعادة تشكيل السوق وكل شيء فيه. وبالتالي، فلا عجب أن معظم الشركات قد بدأت تفكر بجدية بفرص ومزايا ميتافيرس خصوصاً في الألعاب والتجارة الإلكترونية والتعليم والاتصالات واللياقة البدنية والرياضة والفن الرقمي وعالم الترفيه.

 يمكن لهذه الشركات، من بين شركات أخرى، الاستفادة من المشاركة العالية وطرق الإعلان الجديدة والمدفوعات الافتراضية وتجارب التسوق المحسنة والمبيعات الافتراضية، بالإضافة إلى بناء مجتمعاتها الخاصة.

ربما يكون السؤال المتبقي بشأن ميتافيرس هو حول كيفية دخول الشركات إلى هذا العالم؟ يعتمد ذلك على أهداف مؤسستك وعملك وميزانياتك وتوقعاتك من هذا العالم.

سيكون للميتافيرس تأثير عميق ودائم على الصناعة والأعمال حتى قبل أن يصل إلى إمكاناته وطاقته الكاملة.  إنها منصة رقمية جديدة مبتكرة ومثيرة مع إمكانات غير محدودة للمستخدمين والشركات.

مع ميتافيرس أصبحت الثورة الصناعية الرابعة جاهزة للتحسين والوصول إلى المستوى التالي من الابتكار. البيع بالتجزئة لا يزال يتطور مع ميتافرس، صناعة السيارات ستصل لحدود جديدة، الترفيه والإعلام كصناعة أصبح الوصول إليها أكثر سهولة بدلاً من السفر لمسافات طويلة. يمكن للأفراد الجلوس في بيئة مريحة في منازلهم ومع ذلك يكونون قادرين على الحصول على رعاية صحية، خاصة بالنسبة لأولئك المتواجدين في المناطق التي يتعذر الوصول إليها. الخدمات المصرفية والمالية، خصوصاً وأن سلسلة الكتل والعملات المشفرة تتمتع بوجود ملحوظ في ميتافيرس. سيؤدي هذا إلى تغيير الطريقة التي يتعامل بها الأشخاص مع أموالهم ويتفاعلون معها تماما، كما يمكن تطوير العقارات مع خصائص ميتافيرس أو حتى بيعها وتأجيرها.

الخصائص الرئيسية للميتافيرس

نظرا إلى أن ميتافيرس افتراضي، فهو نشط باستمرار، وتشمل عوامله الرئيسية الأخرى ما يلي:

  • المحتوى الذي ينشئه المستخدم
  • عملي بالكامل ومكتف ذاتياً
  • عالم افتراضي وواقعي
  • استخدام تقنيات التعرف على الهوية البينية البشرية
  • عالم مفتوح ومشترك من خلال اللامركزية
  • اقتصاد يعمل بكامل طاقته مع العملة الرقمية أو السندات الافتراضية أو العملة المشفرة.

السؤال الأساسي الذي يجب طرحه الآن هو:

كيف سيغيّر ميتافيرس حياتنا بمجرد أن يصل إلى طاقته الكاملة؟ هل سيتجاوز مفاهيم وسائل التواصل الاجتماعي اليوم؟ هل سيحّول الوجه التقليدي للتجارة؟ هل سيحدث ثورة في عالم الترفيه ويخلق عوالم افتراضية متقنة لنا للتفاعل معها؟

ربما يقوم ميتافيرس بكل هذه الأشياء بمرور الوقت، ولكن هناك شيء واحد مؤكد حتى الآن: سيغيّر الطريقة التي نعمل بها إلى غير رجعة.

ما هي قيود الميتافيرس الحالية؟

على الرغم من أن ميتافيرس يبدو واعداً ورائعاً للغاية، إلّا أنه لا يزال غامضاً إلى حد كبير، أكثر من مجرد كونه تقنية حقيقية جاهزة للاستخدام على نطاق واسع. منذ تقديمه للجمهور، تساءل الكثيرون: هل الميتافيرس هو حاضر أم مستقبل التكنولوجيا؟ تقنية قريبة سنعتمد عليها أو يلزمنا سنوات عدة للاستفادة من مقدراتها؟

على الأرجح الجواب سيكون مزيجا من الإثنين على حد سواء. في حين أن النماذج الأولية المبكرة من ميتافيرس موجودة بالفعل للاختبار، فإن متغيراتها الأكثر تعقيداً لن تكون متاحة قريباً، خاصة في ما يتعلق بفيديو ميتا (Meta).