علي شكر
سنة واحدة وربما أقلّ، هي الفترة الزمنية التي تفصل هذه البلاد عن البدء بعمليات التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من المياه الإقليمية اللبنانية، وفي إطار ما هو متوقع فعام 2024، سيكون عام دخول لبنان نادي الدول النفطية من أوسع أبوابه. وبغض النظر عما يمكن أن تحققه الدولة من إزدهار اقتصادي، إلا أن هنالك جانب لا يقل أهمية عن الإستفادة المادية التي يمكن تحقيقها، يتمثل بالأثر البيئي المترتب عن تلك العمليات، خصوصاً وأنه يندرج في إطار التنمية البشرية المستدامة وما سينجم عنه تأثيرات سلبية إن حصلت، فلن تقتصر على الثروة البحرية اللبنانية وحسب، إنما قد تطال التنوّع البيولوجي للثروة السمكية لكلّ الدول الإقليمية المجاورة وربما أكثر
ولأنّ التجاوزات البيئية في لبنان لا تُعد سابقة في بلد تقع مكبات نفاياته على تخوم شواطئه منذ سنوات طويلة بلا معالجة، يُمسي الخوف مضاعفاً، خصوصاً وأن كُبريات الدول التي تستخرج النفط من بحارها قد وقعت في محظور المخالفات البيئية من تسربات نفطية وغيرها.
ورغم إقرار البرلمان اللبناني عام 2019، قوانين تتضمن مواداً لتقييم الأثر البيئي المترتب عن عمليات التنقيب والإستخراج، فقد يُلقى على الدولة مسؤولية رقابية ليست بالسهلة ولا يمكن غضّ النظر عنها منذ لحظة استخراج أول برميل نفط.
وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين يؤكّد في مقابلة خاصة مع الـ"صفا نيوز"، أهمية إجراء دراسة للأثر البيئي من قِبل الشركات التي ستعمل على استخراج النفط، فضلاً عن وضع خطط "إدارة بيئية" في عدة مجالات مثل التسرب النفطي والمحافظة على التنوع البيولوجي وإدارة النفايات التي تنتج من عمليات التنقيب والإستخراج.
وأضاف ياسين: "نعمل مع توتال ووزارة الطاقة لإجراء دراسة لطبيعة البلوك النفطي الذي سيبدأ العمل به في الربيع المقبل"، متابعاً: "من الممكن حصول أي خلل بيئي أو حوادث، لذلك نحن متيَّقظون لهذا الأمر ونضع إجراءات مشددة".
ولفت إلى أنَّ وزارة الطاقة قد أنشأت لجنة مؤلفة من خُبراء ومستشارين للمتابعة مع هيئة إدارة البترول من أجل تفادي أي خلل.
https://youtu.be/B4iqYsKu4-Eعون
من جهتها، تؤكَّد عضو لجنة البيئة النيابية، النائب نجاة عون أن القوانين الموجودة مثل: قانون جودة المياه 192/2020 وقانون جودة الهواء 78/2018 وقانون حماية البيئة 444، بالاضافة للمعاهدات الدولية ولا سيما معاهدات المحافظة على نظافة البحر الأبيض المتوسط، كلها تلحظ الجوانب البيئية التي يمكن أن تنجم من عمليات التنقيب واستخراج النفط من المياه اللبنانية.
وشددت عون على أن القوانين تقوم على ثلاث ركائز: أولها تقديم مشروع القانون وثانيها إقرار القانون وتطبيقه وأخيراً متابعة القوانين وآلية تطبيقها، وذلك من أجل كشف الثغرات فيها والعمل على تطويرها.
وأوضحت أن القوانين البيئية غالباً ما تكون بلا يدين، مشددةً على أهمية وجود الحرس البيئي والشرطة البيئية لكي تكون بمثابة الرادع لأي مخالفة من المحتمل أن تحصل مستقبلاً.
وختمت عون: "سيبقى صوتي مرتفعاً داخل مجلس النواب وخارجه، وعلى جهوزية تامة لمراقبة أي خرق بيئي يمكن أن يحصل خلال عمليات التنقيب والاستخراج على حد سواء".
قديح
الخبير البيئي ناجي قديح، يُشدد عبر الـ"صفا نيوز"، على أهمية الدور الرقابي الذي يُمكن أن يلعبه المجتمع اللبناني لمواكبة عمليات الإستخراج والتنقيب عن النفط.
ويكشف قديح في تصريح مُقتضب، أن تقييّم الأثر البيئي المُترتب عن عمليات الإستخراج والتنقيب لا يمكن إختصاره لأنه يشمل أنشطة مواكبة، مثل انشاء موانع ومحطات وأماكن تخزين للنفط، موضحاً أن ذلك بحاجة إلى دراسة مُعمّقة لإتمامه بطريقة أكاديمية.
ولفت إلى أهمية إتباع الخطوات التي لحظتها الدراسات التي أُعدت بهذا الخصوص منذ بدء الحديث عن الثروة النفطية في لبنان.
"دراسة تقييم الأثر البيئي لأنشطة الاستكشاف في الرقعة رقم 4 في المياه البحرية الاقليمية اللبنانية"، والتي أجريت بالتعاون مع الوزارات المعنية (وزارة الطاقة والمياه ووزارة البيئة)، تلحظ الأثار السلبية لعمليات الاستخراج والتنقيب، كما تنشر توصيات يمكن اتباعها لتفادي الحوادث البيئية.
للإطلاع على الجانب البيئي من الدراسة التي أعدتها شركة "توتال عبر الإستشاري الدولي شركة "RSK" والإستشاري المحلي شركة دار الهندسة مع مراعاة القوانين اللبنانية، انقر على هذا الرابط: https://www.lpa.gov.lb/english/sector-operations/exploration-activities/hse-management