[caption id="attachment_2627" align="aligncenter" width="712"] رحلة الإعلام هل وصلت إلى نهايتها؟[/caption]

كانت المرة الأولى التي اسمع بها عن مارشال ماكلوهان عندما كنت في الجامعة في عام 1990.  كفيلسوف ومعلم في عالم الإعلام، صاغ ماكلوهان تعبير "الوسيط هو الرسالة"، لكن نظريته الأكثر إثارة للجدل في ستينيات القرن الماضي كانت حول "العالم كقرية عالمية"، وتنبؤه بشبكة الويب العالمية قبل 30 عاما تقريباً من بدء استخدام الكلمة.

القراءة عن ماكلوهان تجعلني أفكر دوما في أغنية لجون لينون: "قد أكون حالماً، لكنني لست الوحيد".

كان ينظر إلى ماكلوهان على أنه شخصية مثيرة للجدل في الأوساط الأكاديمية، ومع وصول الإنترنت والشبكة العالمية، تجدد الاهتمام بعمله ومنظوره.

بدأت العمل كمتدرب في الصحافة في عام 1988، وبعد 33 عاما بالكاد أتذكر كيف اعتدنا إرسال مقالاتنا وصورنا إلى ناشرينا بدون الإنترنت. كملاحظة جانبية، استخدمنا في عملنا الآلات الكاتبة ذات الطراز القديم التي تعتبرها ابنتي الآن أثرية، تراثية ورائعة لدرجة أنها عادت مرة أخرى إلى الموضة - وغني عن القول إنها تعتبرني أثري (بمعنى قديم الطراز) أيضاً، لكن للأسف، لا تنظر لي بالروعة عينها التي تنظر بها إلى الطابعة القديمة!

تم إطلاق أول صحيفة في الولايات المتحدة في العام 1656 وأول تلفزيون في العام 1927، واستغرق الأمر أكثر من 271 عاما لتطور كافة وسائل الإعلام بشكل رئيسي خاصة من منظور الجمهور.

في العام 1969 شهد العالم تسليم أول رسالة إلكترونية بين بين جهازي كمبيوتر. وفي العام 1991 تغير عالمنا إلى ما هو أبعد من التعرف عليه دون أن نكون مدركين حقا للتأثير الكامل حيث تم إنشاء تداول مصطلح WWW لأول مرة. الغريب أنه من الصعب الآن تخيل أي شكل من أشكال الاتصال قبل وجود البريد الإلكتروني والرسائل النصية.

 أما العام 2004 فكان عاما لا ينسى إذ شهد إطلاق Facebook، مغيّر الحياة والسلوك البشري المتعارف عليها (للأفضل وللأسوأ) ، وبات أكثر أشكال الاتصال شيوعا في الوقت الحالي. إلى جانب Twitter و Instagram و Snapchat و Tik Tok وغيرها، تغيرت لعبة التواصل بشكل لا يمكن للعقل البشري تخيّله أو استيعابه.

باتت الاتصالات موجزة ومختصرة، نسخة حديثة من الهيروغليفية في شكل علامات تصنيف، وأصبح وضع علامات الوسم هو القاعدة. لقد أخرجت وسائل التواصل الاجتماعي التعقيد من التواصل، ولم تعد عضوية، لكنها قصيرة ومباشرة، غالباً في صلب الموضوع.  وربما أيضا أقل ودية وعاطفية وحميمة في رأي البعض.

بينما أكتب هذا، تجاوز عدد مستخدمي فايسبوك 2.8 مليارات. هذا أكثر من سكان الصين والهند مجتمعين، وتتراوح أعمار غالبية المستخدمين بين 18 و 34 عاما.  يجدنا Facebook قديمين (40 عام وما فوق) وبالتالي أقل إثارة، فكما يقول المثل: لا يمكنك تعليم الكلب العجوز حيلا جديدة.

هذا وأوجدت وسائل التواصل الاجتماعي قاموساً جديداً وقواعد خاصة بها.  تم اختراع لغة زائفة جديدة. لقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي إلى الأبد الطريقة التي نعبر بها عن أنفسنا وكيفية التحدث مع الآخرين. لسوء الحظ، وغالبا ما أصبحت مهارات المحادثة المباشرة وجها لوجه قاصرة الآن، ولم يكن كوفيد 19 إلا بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.

من كان يتخيل أن أحرف قليلة مثل "LOL و OMG و LMAO" ستحل محل الجملة الطويلة "المناسبة"؟  هذا ولم أتطرق إلى الرموز التعبيرية المفضلة لدى أجيال اليوم.

من كان يتخيل أن يأتي اليوم الذي سنقوم به بإرسال صور سخيفة لبعضنا البعض فيها آذان وأنوف الكلاب والفئران من خلال Snapchat وما شابه؟ والأسوأ من ذلك أن هذا أصبح الوضع الطبيعي الجديد؟

كان جيم موريسون متقدماً على عصره عندما قال مقولته الشهيرة" من يتحكم بوسائل الإعلام، يتحكم بالعقل".  هل هذا يعني أن السيد زوكربيرج شارف على تحقيق ذلك؟