بعد ساعات على انتهاء المواجهات الضارية في دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبّا في كرة القدم، يمكن الاستنتاج أنّ القارّة الأوروبّيّة تقف للمرّة الأولى منذ أكثر من عقدين أمام منعطف تاريخيّ، إذ إنّ كلّا من باريس سان جيرمان الفرنسيّ والأرسنال اللندنيّ سيحظيان بفرصة كبيرة جدًّا لرفع اللقب الأوروبّيّ الأوّل لهما الّذي بدأ يلوح جدّيًّا في الأفق. كيف لا وباريس سان جيرمان تخطّى ليفربول، بينما عانى الريال الأمرّين ليجتاز فريق أتلتيكو بضربات الترجيح فقط بنتيجة 4-3 .

فالفريق الباريسيّ حقّق أمّ المفاجآت بإقصائه فريق ليفربول الإنكليزيّ بطل أوروبّا ستّ مرّات وأفضل فريق في العالم حاليًّا، بينما تلاعب فريق الأرسنال اللندنيّ كيفما شاء بضحيّته القويّة فريق أيندهوفن الهولّنديّ بحسمه التأهّل باكرًا في مباراة الذهاب بنتيجة 7-1.

نعم، للمرّة الأولى يبدو أنّ فريقَي الأرسنال وباريس سان جيرمان دخلا بطريقة جدّيّة نادي أبرز المرشّحين لإحراز لقب دوري الأبطال ولأسباب عدّة.

فقد برهن المدرّب الإسبانيّ لويس أنريكه أنّ فريق باريس سان جيرمان بتشكيلة مكتملة المواهب والطاقات والمتعطّشة لإحراز الألقاب هي أفضل بكثير ممّا كان يعتمده الفريق الباريسيّ حين ضمّ أبرز أسماء كرة القدم حول العالم في خلطة واحدة (ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي وسيرجيو راموس)، لأن التشكيلة أظهرت هشاشتها إلا في الاستعراض والفوقيّة.

وبهذا، ربح المدرّب لويس أنريكه رهانه بجعل باريس سان جيرمان قوّة ضاربة شابة أطاحت في طريقها إلى ربع النهائيّ فريقَ ليفربول الّذي لم يعرف لا التعادل ولا الخسارة في دور المجموعات من دوري الأبطال والمحلّق بصدارة الدوري الإنكليزيّ.

كذلك فريق الأرسنال، فهو ليس بعيدًا أبدًا بحلّته الجديدة بقيادة المدرّب الثعلب أرتيتا من جعل الفريق اللندنيّ الـ "غانرز" قوّة لا ترحم أبدًا، خصوصًا في مواجهات كأس أوروبّا، حيث إنّ الفريق الإنكليزيّ يقدّم مباريات من دون أيّ خطأ.

ولهذا، يبدو أنّ الأرسنال وباريس سان جيرمان قريبان جدًّا من حيث الواقع لإحراز اللقب الأوّل لهما في دوري الأبطال الأوروبّيّ، علمًا أنّ فرنسا لم تفز بدوري الأبطال سوى مرّة واحدة من خلال فريق مارسيليا في عام 1993 .

ولكن يبقى على الأرسنال أو باريس سان جيرمان تخطّي هاجس إسبانيا فريق ريال مدريد بطل أوروبّا 15 مرّة والّذي يريد طبعًا الدفاع عن لقبه بالاعتماد على أوراقه الرابحة في خطّ الهجوم مع الثلاثيّ المرعب البرازيليّ فينيسيوس جونيور والفرنسيّ كيليان مبابي والبريطانيّ بيلينغهام. ولكنّ ريال مدريد مقابل قوّته الهجوميّة يتعرّض في الفترة الأخيرة إلى ضعف دفاعيّ تجلّى في لقاءات الفريق الملكيّ الأخيرة في الـ "ليغا" وفي دوري الأبطال، حيث أنقذه القدر في ضربات الترجيح بعد تعادل تامّ أمام جاره اللدود فريق أتلتيكو مدريد.

وقد يكون العائق الأصعب لكلّ من الأرسنال وباريس سان جيرمان وحتّى ريال مدريد محاولة فكّ الشيفرة الكاتالونيّة، إذ إنّ برشلونة بنسخة الـ 2025 هو فريق رائع جدًّا يعوّل على النجوم الصاعدة في منتخب إسبانيا بطل أوروبّا، وهو الفائز بسهولة على بنفيكا البرتغاليّ ذهابّا وإيابّا في دور الـ 16 مع مجموعة نجوم هم ثنائيّ إسبانيا لامين يامال وداني أولمو والبرازيليّ رافينيا والبولّنديّ روبرت ليفاندوفسكي، وهو رباعيّ يخشى أيّ فريق في العالم مواجهته لأنّه يعلم أنّ ليلته قد تتحوّل إلى جحيم حقيقيّ.

لكلّ تلك الحقائق، سيكون الدور الربع النهائيّ على موعد مع قمّة مبكرة للمباراة النهائيّة عندما يلتقي الأرسنال ريال مدريد، بينما يواجه فريق باريس سان جيرمان مهمّة ليست أسهل أبدًا مع فريق أستون فيلا الإنكليزيّ والّذي قد يكون الحصان الأسود للبطولة الأوروبّيّة.

وفي بقيّة مواجهات الدور الربع النهائيّ، يلتقي برشلونة الإسبانيّ مع بروسيا دورتمند الألمانيّ في مواجهة لن تكون سهلة أبدًا، تمامًا كما اللقاء الأخير ضمن مواجهات الدور الربع النهائيّ مع مواجهة بايرن ميونيخ الألمانيّ وفريق إنتر ميلانو الإيطاليّ.