يشهد لبنان انتشارًا ملحوظًا لعملة نقدية مزوّرة من فئة الـ50 دولارًا أميركيًا، ممّا أثار قلق المواطنين والجهات الأمنية على السواء. تزامن هذا الانتشار مع الأزمة الاقتصادية الحادّة التي تعصف بالبلاد، حيث تزداد عمليات التزوير في الأزمات المالية كوسيلة غير شرعية لتحقيق الأرباح. 

مصدر العملة المزوّرة 

وفقًا لتقارير أمنية ومصرفية، اطلع عليها"الصفا نيوز"، يُعتقد أّن مصدر هذه العملات شبكات تزوير منظّمة تعمل داخل لبنان وخارجه. تشير الدلائل إلى أنّ بعض هذه العملات تُهرّب من الخارج، خاصّة من مناطق تشهد ضعفًا في الرقابة المالية، بينما تُنتج كميات أخرى داخل لبنان باستخدام معدات تقنية متطورة نسبيًا.
تستخدم هذه الشبكات الأزمات الاقتصادية كغطاء، إذ يتراجع التداول الرسمي بالنقد، مما يُصعّب على السلطات تتبّع حركة العملات المزوّرة. 

وعليه، علم "الصفا نيوز" أنّ عددًا كبيرًا من المتاجر والسوبرماركات والمحال والمطاعم، يرفض تقاضي عملات الـ50 دولارًا من الزبائن خوفًا من أن تكون مزوّرة. 

خطورة العملات المزوّرة 

مصدر اقتصادي قال لـ "الصفا نيوز" إنّ العملات المزوّرة تشكّل تهديدًا كبيرًا للاقتصاد اللبناني، وتؤدّي إلى: 

  1. زعزعة الثقة بالعملة الأجنبية: يعتمد اللبنانيون بشكل كبير على الدولار الأميركي في المعاملات اليومية نتيجة انهيار العملة المحلية. وجود العملات المزورة يهدد هذه الثقة. 
  2. الإضرار بالاقتصاد: تؤدي إلى خسائر مالية للتجار والمواطنين الذين يقعون ضحية لهذه العملات. 
  3. زيادة الجرائم الاقتصادية: يدفع انتشار العملات المزوّرة إلى تعزيز السوق السوداء وارتفاع الأنشطة غير القانونية. 


كيفية كشف العملات المزوّرة 

لكشف العملات المزورة من فئة الـ50 دولارًا، يمكن اتباع الخطوات التالية، التي نصح بها أحد الصرّافين في حديثه لـ"الصفا نيوز": 

  1. الفحص اليدوي: 
    • التحقّق من ملمس الورقة: الأوراق النقدية الأصلية تحتوي على ملمس مميز يختلف عن الورق العادي حيث تكون الصورة على الورقة أكثر خشونة. 
    • الألياف الصغيرة الملونة: تحتوي الأوراق الأصلية على ألياف دقيقة تظهر على سطحها. 
  2. الفحص بالعين المجردة: 
    • الشريط الأمني: يظهر شريط أمني ثلاثي الأبعاد يحمل أرقامًا أو صورًا تتحرك عند تحريك الورقة. 
    • الختم المائي: يظهر صورة واضحة لشخصية تاريخية عند تعريض الورقة للضوء. 
    • الأرقام المتغيّرة: تتغير الأرقام الموجودة في الزاوية عند النظر إليها من زوايا مختلفة. 
  3. استخدام أجهزة الكشف: 
    • يمكن استخدام أجهزة الأشعة فوق البنفسجية التي تكشف العلامات المخفية في الأوراق النقدية الأصلية. 
    • أجهزة المسح الضوئي التي تقارن تفاصيل الورقة بعلامات العملة الأصلية.


دور السلطات والمواطنين 

  • السلطات: يجب تكثيف الحملات الأمنية لملاحقة شبكات التزوير وتوعية المواطنين بطرق الكشف عن العملات المزورة. 
  • المواطنون: توخي الحذر عند تسلّم الدولارات، خاصة من مصادر غير موثوق بها، وإبلاغ السلطات لدى الشك في وجود عملة مزورة. 

 

قوى الأمن توضح حقيقة انتشار الدولارات الزائفة في لبنان 

وإلى ذلك، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيانًا نفت فيه الأخبار المتداولة عن انتشار كميات كبيرة من الدولارات الزائفة في لبنان، لا سيما من فئة الـ50 دولارًا. وأوضحت المديرية نتائج تحقيق أجراه مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال، أكدت فيه الآتي: 

  1. مالك محل لبيع آلات عدّ وكشف الأموال قام بتحذير زبائنه وتحديث برمجيات الأجهزة لتجنّب التزوير، دون التسبب بإرباك السوق. 
  2. نقيب الصيارفة نفى وجود كميات كبيرة من الدولارات الزائفة في السوق، وأكد أن التداول بفئة الـ50 دولارًا يتم بشكل طبيعي. 
  3. مصرف لبنان أكد عدم وجود أموال زائفة تم تسلّمها من قبل المصارف اللبنانية. 
  4. لم ترد أي شكاوى عن عمليات احتيال تتعلق بفئة الـ50 دولارًا منذ انتشار الخبر. 
  5. ضُبطت 15 ورقة زائفة من فئة الـ50 دولارًا، والعمل جارٍ لتحديد المروّجين. 


ودعت المديرية العامة المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والتأكد من صحة الأخبار من الجهات المعنية، مع أخذ الحيطة في التعاملات المالية. 

من جهتها أصدرت "نقابة الصرافين" في لبنان برئاسة الدكتور مجد وليد المصري، بيانًا حول العملة المزورة من فئة الـ50 دولارًا أميركيًا، لفتت فيه إلى أنّه بعد التنسيق مع الجهاز الامني المختص - الذي قام بالدراسات والبحث والتحري الخاص به - وبعد التواصل مع عدد من الصرافين المرخّصين في مناطق عدة، تبيّن لنا أنّ المشكلة المطروحة بحقيقة التزوير مبالغ فيها وهي أصغر بكثير من الواقع المعلن عنه.  كما تبين أنّ الوضع ليس خارجًا عن حقيقة تداول العملة في الأيام العادية السابقة، وأن العملة المزورة هي واضحة بالنسبة إلى الصرافين وسهل عليهم معرفتها". 

 وارتأت النقابة أنّ "حجم المشكلة مبالغ فيه ويؤدّي لإرباك المواطن ليس إلّا، ولا داعي بتاتًا لحالة القلق والهلع المسيطر على المواطنين وعلى سوق القطع بشأن العملة المشار إليها. وتجد أنّ الحلّ للمشكلة بسيط والوضع ليس خارجًا عن المألوف".

انتشار عملة الـ50 دولار المزوّرة يُعدّ جرس إنذار يُحتّم على السلطات والمواطنين التعاون لمكافحة هذه الظاهرة التي تهدّد الاقتصاد اللبناني. بالوعي والتقنيات الحديثة، يمكن الحدّ من انتشار هذه العملات وحماية الاستقرار المالي في ظلّ الأزمات المتتالية.