استكمالاً لمشروعه الهادف إلى القضاء على البنية التحتية والتضييق على البيئة الحاضنة لحزب الله، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على عدة مناطق في لبنان مستهدفاً مراكز "جمعية القرض الحسن".
وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أنّ المؤسسة "تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لمنظمة حزب الله ضد إسرائيل"، مشيراً إلى أنّ الجيش الإسرائيلي "قرّر مهاجمة هذه البنية التحتية".
ووجّه المتحدث باِسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، الأحد ليلاً، إنذاراً إلى سكان لبنان، مما ورد فيه: "الجيش الإسرائيلي سوف يبدأ مهاجمة بنى تحتية تابعة لجمعية "القرض الحسن" التابعة لحزب الله - ابتعدوا عنها فورًا".
وقد دفع التحذير الإسرائيلي السكان المجاورين لفروع "القرض الحسن" في مناطق الجنوب والبقاع وبيروت إلى النزوح إلى أماكن آمنة والابتعاد عن المواقع التي هدد الاحتلال باستهدافها، وعددها 31 فرعاً.
فما هي جمعية "القرض الحسن"؟ وما مصير أموال المواطنين وذهبهم؟
تأسّست جمعية "القرض الحسن" عام 1982 عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ومنحتها وزارة الداخلية اللبنانية ترخيصاً رسمياً عام 1987. وهي تهدف إلى "مساعدة الناس من خلال منحهم القروض لآجال محدّدة"، بغية دعمهم لـ"حلّ بعض مشكلاتهم الاجتماعيّة" حسبما تعلن الجمعية على موقعها الإلكتروني.
وتقول الجمعية أيضاً إنّها "تهدف إلى تعزيز روح التعاون والتكافل والتضامن بين أفراد المجتمع"، ومن سياساتها: "منح القروض من دون تمييز أو تفرقة بسبب الدين أو المذهب أو المنطقة أو غيرها، ومنح القروض لتلبية جميع الحاجات الاجتماعية والإنتاجية، ونشر الفروع على جميع الأراضي اللبنانية توفيراً لوقت الناس وتخفيفاً لأعباء انتقالهم من الأماكن البعيدة" كما جاء على موقعها الرسمي.
وللجمعية الآن قرابة 31 فرعاً في بيروت والجنوب والبقاع.
ولطالما أثارت الجمعية جدلاً واسعاً داخل لبنان وخارجه، إذ تفرض عليها الولايات المتحدة عدة عقوبات منذ سنوات، في حين تصنّفها المملكة العربية السعودية "كياناً إرهابياً".
وتتهم الولايات المتحدة الجمعية بـ"نقل أموال بشكل غير مشروع" إلى حزب الله، و"تقوّض استقرار الدولة اللبنانية".
وتذكر الجمعية على موقعها الإلكتروني أنّها تقدم "قروضاً حسنة" إلى المواطنين من أجل مساعدتهم في تركيب نظام الطاقة الشمسية ومساعدة الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تأسيس أعمالهم ومشاريعهم الصناعية والزراعية أو تطويرها، وشراء مسكن أو بنائه، بالإضافة إلى تقديم قروض من أجل المساعدة على الزواج.
وتضيف الجمعية أنّها "تستقطب المساهمات من أهل الخير وتعطيها على شكل قروض من دون فوائد لكلّ الناس المحتاجين ولآجال ميسّرة".
ويقدّر حجم القروض التي تقدّمها المؤسسة سنوياً إلى عملائها بنحو 500 مليون دولار. أمّا حجم التعاملات فهو نحو 4 مليارات دولار. علماً أنّ شريحة عملاء المؤسسة اتّسعت كثيراً في السنوات الأخيرة بعد خروج آلاف العملاء من القطاع المصرفي اللبناني، عقب احتجاز المصارف ودائع المواطنين وتعليق عمليات القروض المصرفية.
تجربة خرق سابقة
يذكر أنّ مؤسسة "القرض الحسن" سبق أن تعرّضت لخرق إلكتروني في الماضي، إذ أقدمت مجموعة من القراصنة الإلكترونيين على اختراق حسابات جميع فروع المؤسسة، والوصول إلى تسجيلات للكاميرات المثبتة في تلك الفروع.
المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم "Spiderz" نشرت لوائح بأسماء المقترضين والمودعين في كلّ فرع للجمعية، بالإضافة إلى جميع التفاصيل المتعلقة بقيمة القروض ونسبة السداد ومعلومات شخصية عن المقترضين وموازنة الفروع والمؤسسة للعامين 2019 و2020.
مصير ودائع المواطنين
منذ اشتداد العدوان الإسرائيلي على لبنان، ارتفع منسوب القلق لدى قسم كبير من اللبنانيين، على مصير ذهبهم وودائعهم في "القرض الحسن" وسط تخوّف من استهداف إسرائيلي لفروع الجمعية. أمّا اليوم فما كان يخشاه المواطنون حصل، ودخلت الجمعية فعلاً في المحظور، بعد سلسلة من الاستهدافات الإسرائيلية التي دكّت فروعها في مناطق حي السلم وبرج البراجنة والغبيري في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وفي الجنوب والبقاع، في حين لم تشمل الغارات مراكز الجمعية في مناطق بيروت، كالنويري وسليم سلام.
في هذا الإطار، أكّد مصدر مقرّب من "القرض الحسن" لـ"الصفا نيوز" أن "لا خوف على أموال العملاء ولا على ذهبهم المودع لدى المؤسسة"، مشدّداً على أنّها "في مكان آمن..."، وعلى الأرجح هي خارج لبنان.
ولفت إلى أنّ "المؤسسة أفرغت من محتوياتها لا سيما من مستندات العملاء"، جازماً بأن الذهب والمال النقدي غير موجودين في الفروع".
وذكّر المصدر بتجربة حرب تموز العام 2006، "حين خاضت إسرائيل حرباً شرسة على الحزب ومؤسساته، ودمّرت عدّة فروع لـ"القرض الحسن". وعلى الرّغم من ذلك تمكّنت المؤسسة من الحفاظ على أموال عملائها وذهبهم".
وعن آلية تسديد القروض، بيّن المصدر أنّ "المؤسسة لا تستقبل في الوقت الحالي نقوداً، بل تكتفي بإعطاء القروض. ومن يرغب في تسديد قرضه واستعادة ذهبه، عليه الانتظار قليلاً ريثما يهدأ الوضع".