تنتشر إعلانات مواد تبييض الأسنان بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وتستهدف جمهوراً واسعاً، خصوصاً الشباب الذين يسعون للحصول على ابتسامة مثالية. هذه الإعلانات تقدّم منتجات قد تبدو مغرية بفضل وعودها بتحقيق نتائج سريعة وفعّالة، وغالباً ما يروّج لها المؤثّرون الذين يعرضون تجاربهم الشخصية. ومع ذلك، تنطوي هذه الإعلانات على العديد من المخاطر التي يجب على المستهلكين أخذها في الاعتبار قبل الإقدام على شراء أو استخدام مثل هذه المنتجات. 

عدم ضمان سلامة المنتجات 


في هذا الإطار، تشرح طبيبة الأسنان غاييل أبي اللمع لـ الصفا نيوز" أنّه "غالبًا ما تروّج هذه الإعلانات لمنتجات تبييض الأسنان التي لا تحمل أيّ تصاريح صحية موثوق بها من الهيئات الرسمية مثل وزارات الصحة والجهات الرقابية المختصة. بعض هذه المنتجات قد تحتوي على موادّ كيميائية قوية مثل بيروكسيد الهيدروجين بتركيز عالٍ، وهو ما يمكن أن يتسبّب في تآكل طبقة الميناء الحساسة التي تحمي الأسنان، وهذا ما يزيد من حساسية الأسنان والتسوّس بمرور الوقت". 

الإضرار باللثة والأنسجة الفموية 


بالإضافة إلى الأضرار المحتملة للأسنان، تتابع أبي اللمع، فإنّ "استخدام هذه المنتجات بشكل غير صحيح يمكن أن يسبّب تهيّجًا أو حروقًا للثّة والأنسجة المحيطة بالفم. المواد الكيميائية التي تحتوي عليها بعض منتجات التبييض قد تكون قوية بما يكفي لإحداث  تآكل أو تلف دائم في الأنسجة اللثوية إذا لم تُستخدم بحذر". 

وأشارت أبي اللمع إلى أنّ هناك عاملين يلعبان دورًا في الحصول على أسنان أكثر بياضًا على الفور: 

1- إمّا أن تكون المنتجات شديدة التآكل. 

2- أو أنّها تحتوي على تركيز عالٍ وضار من عامل تبييض معيّن. 

وشدّدت على أنّه "لا تدوم النتيجة البيضاء لأنّ عملية التبييض لا تتم وفقًا لقواعد محددة، ويختفي البياض بسرعة كبيرة بسبب الملوّنات الغذائية التي تلتصق بالأسنان بشكل أسرع". 

نتائج غير مضمونة 

تعدّ الشركات والمعلنون بنتائج سريعة وفعالة، لكن في كثير من الأحيان لا تحقّق المنتجات النتائج المرجوة. قد يؤدّي استخدام هذه المنتجات إلى تبييض غير متساوٍ للأسنان أو ظهور بقع بيض غير طبيعية. كما أنّ هذه النتائج قد لا تكون طويلة الأمد، الأمر الذي يدفع المستهلكين إلى استخدام المنتجات بشكل متكرر، وهذا ما يزيد من المخاطر الصحية. 

الترويج غير الأخلاقي 

تستغل إعلانات عدة المؤثرين والشخصيات العامة للترويج لهذه المنتجات من دون إظهار الآثار السلبية المحتملة. في بعض الأحيان، يكون لهؤلاء المؤثرين علاقات تجارية مع العلامات التجارية، وقد لا يكون تقييمهم للمنتج نزيهًا أو مبنيًا على تجربة حقيقية. وهذا ما يؤدي إلى خداع المستهلكين وشراء منتجات ربّما ليست آمنة أو فعالة. 

تجاهل استشارة أطباء الأسنان 

تروّج إعلانات مواد التبييض لفكرة "التبييض المنزلي" من دون الحاجة إلى استشارة طبيب أسنان مختص. ولكن تبييض الأسنان ليس إجراءً يمكن التعامل معه بخفّة. يجب أن يتم بناءً على تقييم شامل لحالة الأسنان واللثة من قبل مختص. بعض الأفراد قد لا يناسبهم استخدام مواد التبييض لأسباب صحية محددة، مثل وجود تسوس أو حساسية مفرطة في الأسنان. 

البدائل الآمنة 

وهنا تقول أبي اللمع "وفقًا للأدبيات، فإن أفضل طريقة لتبييض الأسنان هي من خلال واقيات الفم المصنّعة بعد أخذ طبعة أسنان المريض، والتي يمكن استخدامها مدة تروام بين 45 دقيقة وساعة كلّ ليلة بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة على مدى أسبوعين. قد يستمر تأثيرها 6 أشهر حسب عادات المريض في الأكل والتدخين". 

النوع الثاني الأكثر نجاحًا من التبييض، بحسب طبيبة الأسنان، هو "التبييض المختلط الذي يتكوّن من تبييض بالليزر في العيادة ويتبعه التبييض في المنزل المذكور سابقًا. قد يستمر هذا التأثير مدة تراوح بين 8 و 9 أشهر". 

بدلاً من اللجوء إلى منتجات غير معتمدة وغير مضمونة، يُنصح باللجوء إلى الطرق الموصى بها طبيًا لتبييض الأسنان، مثل جلسات التبييض لدى أطباء الأسنان المختصين. هذه الجلسات تستخدم موادَّ بتركيز مدروس وتحت إشراف طبي، وهذا ما يقلّل من المخاطر ويضمن الحصول على نتائج آمنة وفعالة. 

وفي جولة لـ "الصفا نيوز" على بعض الصفحات والمواقع التي تروّج لمواد تبييض للأسنان، تبيّن أنّها تأتي بأشكال مختلفة، فبعضها على شكل قلم تبييض، وبعضها الآخر على شكل "لصقات"، أو شرائط، في حين يستخدم قسم آخر كـ"جيل" مماثل لمعجون الأسنان. وتبدأ أسعار هذه المنتجات من 20 دولارًا وتصل إلى 50 حدًّا أقصى، أما أبسط إجراء طبي عند الطبيب فيبدأ من 150 دولارًا فصاعدًا، وهذا التباين في الأسعار كاف وحده لتأكيد وجود أمر مريب.  

والمضحك المبكي أنّ هذه المواقع لا يحمل أي تصاريح صحية موثوق بها من الهيئات الرسمية مثل وزارات الصحة والجهات الرقابية المختصة. 

وهنا تأتي مسؤولية الفرد الذي يشتري هذه المنتجات، إذ ينبغي له التحلّي بالوعي الكافي وعدم شراء أيّ منتج غير مرخّص من قبل الجهات المعنية. 

في المحصلة، تحتاج إعلانات مواد تبييض الأسنان على مواقع التواصل الاجتماعي إلى المزيد من الرقابة والتدقيق من قبل الجهات المختصة لحماية المستهلكين من المخاطر الصحية. وعلى المستخدمين أن يكونوا حذرين ويستشيروا الطبيب قبل تجربة أيّ منتج صحّي جديد. الابتسامة المثالية لا تستحق المخاطرة بصحّة الفم والأسنان.