بعد غياب 6 سنوات، عاود مهرجان المسرح الجامعي فتح أبوابه من جديد، أمام طلاب المسرح وعشاقه، في دورته التاسعة عشرة التي تعقد في حرم كلية الجامعة اللبنانية الأميركية بيروت، والتي انطلقت في 8 تموز وتستمر إلى 11 منه.
يستضيف المهرجان عروضاً مسرحية من مختلف الجامعات اللبنانية، متيحاً منصّة للطلّاب بغية تقديم العروض وتبادل الأفكار والخبرات والتواصل مع محترفين وطلّاب آخرين. وسيلد هذا التفاعل مزيجًا فريدًا من المسرح والفن والثقافة.
يتضمن مهرجان هذا العام عروضاً من الجامعة اللبنانية (LU)، وجامعة بيروت العربية (BAU)، وجامعة الروح القدس في الكسليك (USEK)، والجامعة اللبنانية الأميركية (LAU). فصلاً عن ورش عمل ومحاضرات لرائدة طه، وخالد العبد الله، وحسن صادق، وحفلات موسيقية لكورال الجامعة اللبنانية الأميركية وكورال قاديشا ونادي الموسيقى في الجامعة اللبنانية الأميركية.
في هذا الإطار، قالت د. لينا خوري، مديرة المهرجان، لـ "الصفا نيوز"، إنّ "مهرجان المسرح الجامعي تأسّس في العام 1998 على يد موريس معلوف، وكان مهرجاناً دولياً يحظى بحضور عالمي. إلاّ أنّه في السنوات الست الماضية، ونتيجة الأوضاع المتردية توقّف. أمّا هذا العام فأصرّرنا على إحيائه من جديد، على الرّغم من الوضع الأمني الصعب".
وتابعت خوري "فتحنا منصّة لكلّ طلاب المسرح الجامعي في لبنان، ليقدّموا مسرحياتهم أمام جمهور أوسع، كما أتحنا لهم فرصة التعرف بعضهم إلى بعض، وتشارك الخبرات، فضلاً عن التشبيك مع خبراء في هذا المجال. هذه التجربة ستسمح بتنمية المهارات الأكاديمية للطلّاب، وتفتح لهم فرصة للدخول إلى سوق العمل من خلال متخصصين قد يعجبون بموهوبين ويقدّمون لهم الفرص. فكلّ شخص منّا مسؤول عن دعم المشاركين ونقل خبرته إلى الجيل الجديد".
وأضافت "جامعة الـLAU ستستقبل مختلف الطلاب، في مسرحيْن مجهّزين بأعلى المعايير العالمية، ليقدّموا على خشبتيهما 6 مسرحيات في اليوم، على مدى 4 أيام. فضلاً عن مشاركتهم في ورش عمل تنمّي مهاراتهم، في ظلّ أجواء إيجابية، ملأى بالمرح".
وعن واقع المسرح في لبنان ومدى جاذبيته، خصوصاً بالنسبة إلى الجيل الجديد، أجابت خوري "المسرح من أقدم الفنون وأعرقها، وهو فنّ ذو أهمية كبيرة إنسانياً، وثقافياً واجتماعياً، وما يميّزه هو أنّه حقيقي إذ يتفاعل الجمهور مباشرة مع الممثل، كما يسمح للأخير بالتفاعل مع المتلقي وإنشاء علاقة معه مختلفة عن الراديو والتلفاز".
ولم تنكر خوري أنّ انتشار المنصات البديلة، والزخم الذي تلقاه وسائل التواصل الاجتماعي ساعدا على اقبال الناس على المسرح، وتشرح "هذا الفنّ لطالما كان موجوداً، ولن يموت، وهو يحمل قيماً ومفاهيم وأحاسيس غير موجودة على وسائل التواصل الاجتماعي ولا في المنصات البديلة، عدا أنه يوفّر تجربة فريدة يصعب إيجادها في مكان آخر. ووسائل التواصل الاجتماعي ليست إلّا "موضة مؤقتة" بينما المسرح هو تاريخ".
وأكّدت أنّ "لبنان شهد في السنوات الأخيرة طفرة مسرحيات تناسب جميع الأذواق، ولو أنّ بعضها يعاني ضعفاً في المضمون. معظم هذه المسرحيات تجدّد عروضها، بعد حجز العروض بأكملها، وهو ما يؤكّد الشغف الذي يحمله المواطنون للمسرح. كما أنّ للمسرح خصائصه التي تجذب، وأبرزها أنّه يتناسب وجميع الأعمار، والإمكانات المادية".
واعتبرت خوري أنّنا "نعيش في زمن الانحطاط الأخلاقي والسياسي والقانوني والأمني، ويبقى المسرح متنفسنا الوحيد، ويبقى الأمل بأنّ هناك أناساً داخل المسرح وخارجه يؤمنون بهذا البلد. وأنا، كفنانة، أحمل مسؤولية على صعيد تقديم أجمل ما عندي، خصوصاً في ظلّ التناقض الغريب الذي نعيشه، من فقر وبذخ، مطاعم مقفلة وأخرى تعجّ بالناس، حرب ومهرجانات. نحن فعلاً بلد التناقض".
وعن النصيحة التي توجهها إلى الشباب، أجابت "كوني أستاذة جامعية منذ أكثر من 20 سنة، أنصح كلّ شخص بأن يتبع الصوت الذي في داخله. وألّا يستمع إلى كلّ ما يحكى في محيطه عن أنّ المسرح مهنة لا تخلو من العيب… إلخ. فإذا كانت هذه المهنة ستسعده، وهو يملك الموهبة، فسينجح من دون شك. والمسرح يضمّ الكثير من المهن، بالإضافة إلى التمثيل، كهندسة الصوت، والإضاءة، والكتابة، والإخراج، والإعلانات، وبالتالي يوفّر عددًا لا بأس به من فرص العمل".
وقال لـ"الصفا نيوز" الدكتور خالد عبد الله، المتخصص في الصوت والمسرح في في كلية الفنون بالجامعة اللبنانية "خلال ورش المهرجان، سأقدّم دورة تدريبية محورها مساحات الصوت الثلاث، وهي الرأس والحنجرة والرئة. سنعمل على تدريب الموجودين على تمارين صوت تمكّنهم من التحدّث بطريقة صحيحة، لأنّ معظم الناس لا يصدرون الصوت بشكل صحيح".
ولفت عبد الله إلى أنّ "هذه المادة قلما تُدرّس في الجامعات، على الرغم من أهميتها في جميع المجالات، من غناء وتمثيل وإلقاء".
وعن نسبة المنخرطين في اختصاص المسرح في الجامعات، أكّد أنّ "العدد كبير، إلاّ أنّ المشكلة تكمن في عدد المقاعد المتوافرة. ففي الجامعة اللبنانية، على سبيل المثال، يتقدّم إلى مباراة الدخول حوالى 150 شخصاً سنوياً، في حين أن الجامعة لا تقبل أكثر من 20 شخصاً للمسرح، و20 للسينما".
وشدّد عبد الله على أنّ من يملك الشغف بالمسرح، لا يلقى الدعم من محيطه، ولعلّ السبب الأوّل هو الثقافات والأفكار الموروثة، فضلاً عن أنّ هذه المهنة، لا تعتبر مهنة الأغنياء، إلاّ أن من يملك المثابر والموهوب سيصل. فأنا، للمثال درست المحاماة والفن، وعندما طلب مني الاختيار بين المهنتين جنحت إلى الفن".
1