ربّما يُحسّن التسوّق من الحالة المزاجية السيّئة للمرء لفترة مؤقّتة، ولكنّ الشعور بالنّدم الذي يتبع متعة إنفاق مبالغ كبيرة من المال سيزيد على الأرجح الحالة المزاجية سوءاً. بينما توجد بعض الحيل التي قد تساعدك في مقاومة الرغبة بالتبذير.
ما من متعة تضاهي متعة الشراء بلا تخطيط مُسبق، أي بمجرّد ما يقع البصر على المنتج المعروض. ووفقاً لدراسة نشرت في دورية "علم النفس والتسوّق"، قد يشعر الشخص عند التسوق بمتعة وسعادة تشبه حالة النشوة التي يشعر بها مدمنو المخدرات.
وفي استطلاع للرأي أجراه موقع "إي بيتس دوت كوم" على ما يزيد على ألف مواطن أميركي بالغ، 96 بالمئة منهم قالوا إنّهم اشتروا شيئاً لأنفسهم من أجل رفع حالتهم المعنوية.
إلّا أنّ المزايا التي نجنيها من الشراء من المحال هي مزايا زائلة في الغالب، وقد تترتّب عليها الكثير من الآثار المضرّة بالحالة النفسية، وتدوم لفترة أطول. وقد تؤدّي المشاعر السلبية والحزن إلى فقدان الثقة بالنفس، وهذا الشعور هو الذي يدفع الناس غالباً للجوء إلى التسوق عندما ينتابهم الحزن.
والمشكلة أنّ هذه المشاعر السلبية قد تراودك مجدّداً في صورة رغبة بالانتقام من الذات، ووخز الضمير والنّدم، إذا كان المال الذي أنفقته مُبالغاً فيه أو يتجاوز ما كنت تُخطّط لإنفاقه.
لكن ثمّة العديد من الطُرق التي قد تولّد لديك نفس المشاعر الغامرة المُصاحبة للاندفاع في الشراء من دون أن تستخدم بطاقة الائتمان، بالإضافة إلى أنّ حالتك المزاجية لن تسوء بعدها.
من جهتها، تقول "جون كوريغان"، الأخصّائية النفسية في مدينة سيدني الاسترالية، والمتخصّصة في العلاج القائم على الرفق بالذات، وهو نوع من العلاج النفسي الهادف إلى مساعدة المرضى الذين يعانون من مشاكل نفسية ذات صلة بالخجل ونقد الذات: "عندما نعالج أنفسنا بالتسوّق، نحن في الحقيقة نحاول جاهدين أن ننظّم مشاعرنا. لا أحد يحبّ أن يشعر بالحزن أو غيره من المشاعر التي تُنغّص علينا حياتنا، ولهذا نلجأ إلى أشياء زائلة لتجعلنا نشعر بالسعادة اللحظية".
وأطلقت جينيفر ليرنر، أستاذة علم النفس في جامعة هارفارد، وزملاؤها، "يي لي"، و"إيلك ويبر" من جامعة كولومبيا، على هذه الظاهرة في إحدى الأوراق البحثية عن هذا الموضوع، مصطلح "عدم التبصّر بالعواقب الناتج عن الحزن".
وإذا فهمنا الأسباب التي تحملنا على الشراء عندما نشعر بالحزن، ولماذا يحسّن الشراء من حالتنا المعنوية، فهل من الممكن أن نخدع أدمغتنا لتعزّز المشاعر الإيجابية من دون أن ننفق الأموال؟
وتقول كوريغان يمكننا ذلك، لو أستطعنا أن نحرّك مشاعر الشفقة والترفّق في الجزء المسؤول عن تخفيف مشاعر القلق من الدماغ، وعندئذ لن ننساق من دون تريّث وراء هذه المُتع قصيرة الأجل.
وتضيف: "إنَّ الجزء المسؤول عن الشعور بالقلق والتحفيز استجابة للدوافع من الدماغ يغمر جهازك العصبي بمواد كيميائية تؤثّر على النشاط العصبي، وتسمّى النواقل العصبية، مثل الأدرينالين والكورتيزول والدوبامين، ولكن يمكنك أن تهدّئ أعصابك بتنشيط الجزء الملطّف والمسؤول عن الشعور بالترابط مع الآخرين من الدماغ، ويفرز هذا الجزء هرموني الإندورفرين والأوكسيتوسين، اللذين سيجعلانك تتفاعل بطريقة مختلفة مع العالم من حولك".
ويقول روبرت فرانك، الخبير الاقتصادي بجامعة كورنيل الأميركية، إنَّ ضبط النفس هو السبيل الوحيد للتغلّب على الرغبة الجارفة التي تدفعنا للتسوّق عندما ينتابنا الحزن.