تعليقاً على التطورات والحراك الأخير، القوات: المطلوب كلمتين فقط لا للحرب ونقطة أول السطر...
لأنّ المصيبة تجمع ولا تفرق، يلتئم الشّمل السياسي اللبناني على وقع "ميني حرب"، تشتدّ سخونتها يوماً بعد يوم على طول الجبهة الجنوبية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، فيخرق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الجمود السياسي ويقرّر أن يلتقي أضداده السياسيين بجولات تحمل عناوين "تجنيب لبنان الحرب" أولاً، ومن ثم تفرض الملفات اللبنانية الكثيرة والمتشعّبة وعلى رأسها الشغور الرئاسي، نفسها على النقاشات فيدخل الضيف والمضيف في التفاصيل أكثر، وتطول مدّة اللقاءات على أمل أن "تُفرَج" حيث اشتدّت الأزمة كثيراً وقد وصلت إلى مرحلة الـ"حرب" المؤجل إعلانها إلى ما بعد اشتداد وطيسها.
جولة باسيل المُرحّب بها من قبل غالبية الأفرقاء تحمل الكثير من المدلولات السياسية من حيث الشكل والتوقيت، إذ بدأت باتصال مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بقى مضمونه طي الكتمان، وانسحبت نحو لقاء كلّ من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومن استغرب زيارة باسيل إلى السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فقد يُصاب بالدهشة اليوم عندما يشاهد باسيل مصافحاً خصمه اللدود رئيس تيار المردة سيلمان فرنجية حيث من المقرّر أن يلتقيا في دارة الأخير.
هذه أهمية المواقع التي يهاجمها حزب الله
على خطّ الجبهة الجنوبية، أعلن حزب الله خلال ساعات متأخرة من ليل أمس، مهاجمة موقع خربة المنارة بالأسلحة الصاروخية الموجّهة والقذائف المدفعية وتحقيق إصابات مباشرة فيها، بالإضافة إلى قصف ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية الموجّهة والقذائف المدفعية.
وبدورها، أكَّدت مصادر إعلامية مواكبة لعمليات المقاومة في الجنوب أنّ أهمية مواجهة هذه المواقع العسكرية الإسرائيلية تكمن "في كونها خطاً دفاعياً أولاً عن مستوطنات الشمال، و"عين الاسرائيلي" بسبب موقعها الاستراتيجي على التلال والمرتفعات المُشرفة على الأراضي اللبنانية حيث تكثر فيها ابراج التنصت وجمع المعلومات العملاقة".
ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ المقاومة دمّرت جزءاً كبيراً من القدرة التجسسية للعدو، كما أنّها استطاعت شلّ حركته على امتداد الحدود، ما دفعه إلى الإعتماد على المسيّرات المسلّحة في المواجهات الأخيرة، وهذا ما أعطاه بعض التفوّق الجوي.
في غضون ذلك، أعلن حزب الله استشهاد 7 من عناصره أثناء مواجهات مع العدو الاسرائيلي خلال الـ24 ساعة الفائتة، ما رفع عدد شهداء الحزب منذ بدء المواجهات على طول خط الجبهة الجنوبية إلى 37 شهيداً.
الوطني الحر: الحرب والفراغ الرئاسي والرئيس غير الاصلاحي سواسية
بالعودة إلى الداخل اللبناني، تؤكَّد مصادر التيار الوطني الحر في حديث لـ"الصفا نيوز"، أنَّ الحرب، الفراغ الرئاسي أو تولّي الرئاسة من قبل رئيس "غير إصلاحي"، سواسية في الضرر على لبنان وشعبه، فيما تحصر أهداف الإتصالات والجولات التي يقوم بها باسيل على الأقطاب السياسية بـ"دعم الشعب الفلسطيني وإدانة آلة القتل الاسرائيلية، وتحييد لبنان وحمايته من خلال عدم الإنجرار إلى الحرب مع تأكيد حقّ الدفاع في وجه الاعتداءات الاسرائيلية، بالإضافة إلى إعادة تكوين السلطة بدءاً بانتخاب رئيس على أساس برنامج اصلاحي وتشكيل حكومة جديدة".
وتشدد المصادر نفسها، على أنّ التيار يعمل على خلق مبادرة تحفظ الوحدة الوطنية وتحمي البلد، مستبعدة أن يتحول فرنجية إلى رئيس يحمل برنامجاً إصلاحياً بتوافق بين تياري المردة والوطني الحر.
وتضيف: "شعبياً، كما كلّ اللبنانيين لا نريد الحرب لأنّنا نعرف أهوالها ونتائجها الكارثية، وقد شكّلنا خليّة أزمة في التيار للعمل على كلّ التفاصيل في حال نشوب الحرب وشهدت مناطقنا نزوحاً من أماكن التوتّر".
القوات: الحرب ممنوعة وباسيل لم يطلب موعداً لأنه يعرف الجواب
من جهتها تؤكَّد مصادر القوات اللبنانية لـ"الصفا نيوز"، أنّ لبنان اليوم وسط الحرب وليس وسط التقاطعات والأولوية لإبعاد شبح الحرب عن البلد، قائلةً: "دخلنا في الحرب، والدليل إلغاء الحجوزات، تحديد الرحلات، طلب السفارات من رعاياها مغادرة البلد".
وتشدّد المصادر نفسها على أهمية ألّا تتوسّع هذه الحرب وتضبط الجبهة الجنوبية وينفذ القرار الدولي 1701، لافتةً إلى أنّ "ما يحصل في الجنوب غير مقبول لأنّه بمثابة إقحام للبنان في الحرب من قبل فريق سياسي من دون أن يسأل أيّ فريق آخر ولذلك الحرب ممنوعة".
وتتابع: "باسيل لم يطلب موعداً من القوات اللبنانية ربّما لأنّه يعرف الجواب"، مشدّدةً على أهمّية الإبتعاد عن الفلكلور السياسي الذي يظهر هشاشة الوضع اللبناني.
وتختم المصادر: "من انقلب على اتفاق الطائف وغضَّ النظر عن امتلاك حزب الله السلاح، وعن الاحتلال السوري ومن ثم من تحالف مع الفريق الذي ورث عن السوري تمسّكه بنظام الحكم، يتكلم عن مبادرة؟ من أجل ماذا؟ المطلوب كلمتين فقط لا للحرب ونقطة أول السطر".
السفارة السعودية أجْلَت عوائل الدبلوماسيين من لبنان
وعلى وقع ارهاصات الحرب، أجْلَت السفارة السعودية في لبنان في وقت متأخّر من ليل أمس، عوائل الموظفين الديبلوماسيين عبر مطار رفيق الحريري الدولي على متن طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو السعودي".
ميقاتي من الجنوب: الجيش هو الأساس في حماية الوطن والذود عن كرامته
أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من جنوب لبنان، أنّ "الجيش ركن البنيان الوطني والأساس في حماية الوطن والذود عن كرامته"، مشدداً على أنّ "خيارنا هو السلام وثقافتنا هي ثقافة سلام ترتكز على الحق والعدالة والقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة".
وخلال جولة مفاجئة له، تفقد ميقاتي بمشاركة قائد الجيش العماد جوزيف عون منطقة القطاع الغربي في جنوب لبنان للإطلاع على الأوضاع هناك والمهمات التي يقوم بها الجيش بالتعاون مع قوات "اليونيفيل"، وزار قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش في "ثكنة بنوا بركات" في صور، وقيادة اليونيفيل في الناقورة ومقر قيادة لواء المشاة الخامس في البياضة.
وقال: "في هذا الظرف العصيب أتينا إلى الجنوب لتحية الجيش والتعبير عن تقديرنا لجهوده وتضحياته دفاعاً عن الوطن والارض والشعب. ولا شعار آخر يسمو على شعاره "شرف، تضحية، وفاء" سوى" فخر، عزة ، كرامة" تعبيراً عن اعتزازنا بما حققه ويحققه الجيش رغم الطروف الصعبة التي تمرّ بها المؤسسة العسكرية".
وأضاف خلال زيارته إلى مقر قيادة اليونيفيل: "أتينا الى جنوبنا الحبيب، الذي يدفع اليوم، كما دفع دوماً، ضريبة دفاعه عن كامل أراضي الوطن بوجه كيانٍ غاصب لا يعرف الرحمة، لنؤكّد احترام لبنان، هذا البلد المحب للسلام، ولكافة قرارات الشرعيّة الدوليّة، والتأكيد على الإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدّولي الرقم 1701، الذي تتولى اليونيفيل مسؤولية تطبيق بنوده، وإرساء الامن والاستقرار ومساعدة الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش في بسط سلطة الدولة حتى حدوده الدولية".
جنبلاط: قد نستدرج إلى حرب أقسى من حرب العام 2006
من جهته، أكَّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، أنّه "من أجواء لقاءاتي مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وكذلك مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تبين لي أننا قد نستدرج إلى حرب، وقد تكون أقسى من حرب العام 2006، إذ آنذاك كان للبنان نوع من الحماية الخارجية والعربية، فرنسا أيام الرئيس جاك شيراك، الملك عبدالله، حسني مبارك".
وقال في حديث صحافي: "تلاقينا حول كيفية اتخاذ بعض الإجراءات الداخلية، ترميم الحكومة وبعض التعيينات طرحتها شخصياً، الهيئة العليا للإغاثة، الصليب الأحمر وغيرها من الأمور الإجرائية الأساسية من أجل دعم المواطن، ومن أجل مواجهة الأسوأ"، مضيفاً بشأن الفراغ المتوقع في قيادة الجيش: "طرحت وجهة نظري، وأفضل أن يكون التمديد لقائد الجيش، حتى لو كان بقي له 3 أشهر، إذ ليس باستطاعة أحد أن يعي كم ستطول هذه الأزمة، وبذلك له الأولوية من ناحية الخبرة وله مقام معين، وطبعاً معه تعيين المجلس العسكري".
وتابع جنبلاط: "الحزب لا يزال يمسك بزمام المبادرة في الجنوب، لكن أفضل ألا تكثر تلك الجماعات التي تعمل في الجنوب تحت شعار المقاومة".
باسيل: واجبنا أن نعمل لتأمين انتخاب رئيس للجمهوريّة
توازياً، أكّد باسيل، أنّ "العنوان الأساس اليوم هو الوحدة الوطنية وحماية لبنان وواجباتنا أن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لمجزرة إنسانيّة"، لافتاً إلى أن "الحرب ستطول وواجبنا أن نعمل لتأمين انتخاب رئيس للجمهوريّة وهذا يكون بالتفاهم لأنّ الوقت ليس للتحدّي".
وقال عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة: "لا أحد يُمكن أن يجرّنا إلى حرب، إلا إذا اعتدى علينا العدو الإسرائيلي عندها نكون مُجبرين على أن ندافع عن أنفسنا"، مضيفا: "اللبنانيون جميعاً متّفقون على أنّهم لا يريدون الحرب، ولكن هذا لا يعني أن نسمح بالهجوم علينا من دون ردّ".
الخماسية العربية ـ الدولية توقف محرّكاتها في شأن لبنان وتنغمس في حرب غزة
على خط آخر، فالواقع الناشىء من "طوفان الأقصى"، وحرب التدمير التي تشنّها إسرائيل ضدّ قطاع غزة، سعياً إلى سحق حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وأخواتهما، غيّب لبنان باستحقاقاته السياسية والدستورية والاقتصادية عن صدارة الاهتمام، خصوصاً لدى المجموعة الخماسية العربية – الدولية (الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) لينصبّ الاهتمام الخارجي، كما الداخلي، على حزب الله الذي يخوض مواجهات يوميّة على الحدود ضد إسرائيل لا تخرج عن قواعد الاشتباك المعمول بها بموجب القرار الدولي 1701 لعام 2006. فهذه المواجهات يشاغل حزب الله إسرائيل بها لتخفيف ضغطها العسكري عن قطاع غزة تحت طائلة الذهاب إلى توسيع رقعة الحرب، إن فكّرت باجتياح برّي للقطاع بغية القضاء على حركة حماس وأخواتها. وذلك لاعتقاد حزب الله أنّ مثل هذا الأمر إذا حصل سيكون إنهاء للقضية الفلسطينية، وكلّ الاتّصالات الداخلية والعربية والدولية التي تجري معه مباشرة أو عبر الأصدقاء أو الموفدين تدعوه إلى عدم توسيع رقعة الحرب وتحييد لبنان عنها، لئلّا يتعرّض لحرب تدميرية لا يستطيع تحمّلها، في ظلّ الانهيار الكبير الذي يعيشه على كلّ المستويات، وينوء اللبنانيون تحته ويعيشون أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية خانقة.
وفيما أوقفت الخماسية العربية ـ الدولية محرّكاتها في شأن لبنان، انغمست في الورشة الدولية العاملة على خطّ حرب غزة، إذ خرجت الولايات المتّحدة الأميركية وفرنسا منها لتؤلّفان مع بريطانيا وألمانيا وإيطاليا "خماسية غربية" للدفاع عن إسرائيل، مرسلة أساطيلها إلى البحر المتوسط لهذا الغرض، ومؤيّدة حربها للقضاء على "حماس" في غزة، فيما نمت إلى جانبها خماسية عربية تضمّ السعودية ومصر وقطر والأردن والسلطة الفلسطينية، تدعو إلى وقف الحرب وإيجاد حلّ لقضية فلسطين على أساس "حلّ الدولتين"، وتساندها دول عربية أخرى في هذا الاتجاه، علماً أنّ بعض هذه الدول لم تنظر بارتياح إلى المدى الذي بلغه "طوفان الأقصى"، ووجدت فيه ما يهدّد استمرار مسار التطبيع العربي مع إسرائيل، حيث أوقفت السعودية كلّ الخطوات والاتصالات في شأنه، في ضوء الحرب على غزة وقبل ذلك بعدما رفضت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية المطالب السعودية وعلى رأسها التزام الكيان الإسرائيلي مبادرة السلام العربية، التي تقول بالأرض مقابل السلام وبـ"حلّ الدولتين" الفلسطينية والإسرائيلية على أراضي فلسطين المحتلّة بعد انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967.
فلسطين: 47 مجزرة خلال ساعات
فلسطينياً، في اليوم الـ18 من الحرب على غزة، واصل الطيران الإسرائيلي قصف المدنيين، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن 47 مجزرة خلفت 704 شهداء في قطاع غزة، وهو ما يرفع الحصيلة الإجمالية خلال نحو أسبوعين من بدء العدوان إلى ما يقارب الـ5800 شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 15 ألف مصاب.