عُميَ البصر الاسرائيلي، علَّ أجَلْ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قد اقترب، واسرائيل التي راهنت على نوم الشعوب ليل أمس
على مرأى ومسمع العالم، أباد العدو الاسرائيلي ليل أمس ما يزيد عن 500 شخصاً جُلُهم من الأطفال والنساء والشيوخ فـلقد "قام المسيح...حقاً قام" من مستشفى المعمداني وسط غزة بعد استهدافه بغارة اسرائيلية، وصحا على اثرها الضمير العربي والعالمي في وقت متأخر من ليل أمس، واستبدلت الشعوب عبارات الشجب والاستنكار التي ذيلت بيانات أنظمتها ودولها، بالنزول إلى الشوارع والاحتجاج من فلسطين - رام الله، عمان، بيروت، تونس، نواكشوط، اسطنبول، ادلب، العقبة، تعز، الرباط، بغداد، طهران، القاهرة، ليبيا، الكويت، المغرب، الدوحة، كندا - أوتاوا، المانيا - برلين، اسبانيا - مدريد وغيرها، اشتعلت الشرارة والتحمت الساحات الانسانية لنصرة غزة وأهلها العُزَل.
نتنياهو كبش الفداء الأميركي أمام العالم
عُميَ البصر الاسرائيلي، علَّ أجَلْ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قد اقترب، واسرائيل التي راهنت على نوم الشعوب ليل أمس، أخطأت التقدير حول العواقب المحتملة لاستهداف مستشفى وكنسية وجامع في آن واحد، وبدا التخبط كبيراً وواضحاً بين طيّات صمت المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين على حد سواء، خصوصاً وأن الاخيرة هي التي تدير غرفة عمليات آلة القتل الاسرائيلية منذ وصول وزيري الدفاع الاميركي لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن الى فلسطين المحتلة، فالسيناريو الذي كان مرجحاً بالأمس للتضحية برئيس وزراء العدو وتقديمه ككبش فداء للمذبحة الفلسطينيين من قبل ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، بات شبه مؤكداً اليوم لاعتبارات سياسية كثيرة، أولها غسل ادارة بايدن يدها من الدم والتبرؤ من "القاتل" (نتنياهو) أمام العالم تحت عناوين "نشر السلام والانسانية" الذي لا تتوانى عن تسويقه من جهة، وتوظيف هذه الخطوة في انتخابياً لمصلحة الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، بالتزامن مع نضوج فكرة تأليف حكومة اسرائيلية من قوى المعرضة بحثاً عن شيء من "الأمان" بعد كابوس الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر.
تفويض شعبي لحركات المقاومة في العالم العربي
كذلك، يمكن قراءة ما حصل ليل أمس على أنه بمثابة التفويض الشعبي من كل الساحات إلى حركات المقاومة في المنطقة من أجل المُضي قُدماً لنصرة فلسطين واهلها، وما نجحت اسرائيل واميركا في بثه للغرب عبر الشبكات الاعلامية الكبرى ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال ابراز "المظلومية الاسرائيلية"، فإنها لن تنجح في الترويج له عربياً إذ إن الذاكرة العربية تختزن ما لا ينسى من المجازر والوحشية الاسرائيلية منذ عام 1948 وحتى اليوم من مجازر صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية وصولاً إلى ليل أمس.
انتشال الجثث على أضواء الهواتف الذكية
على أضواء الهواتف الذكية نظراً لسوء الأوضاع وانقطاع التيار الكهربائي بفعل الحصار الاسرائيلي على غزة، انتشلت فرق الانقاذ الفلسطينية ما يزيد عن جثث 500 شهيد من ساحة وأروقة مستشفى المعمداني معظمهم من النساء والأطفال، لترتفع معها حصيلة الشهداء منذ 12 يوماً إلى أكثر من 3200 شهيد و11 ألف جريح.
وقال وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة يوسف أبو الريش، خلال مؤتمر صحافي عقده وسط جثث ضحايا القصف إنَّ إدارة مستشفى المعمداني اتصلت بمطران الكنيسة الإنجيلية في بريطانيا وأبلغته بواقعة إلقاء قذيفتين تحذيريتين من قبل جيش العدو لاخلاء المستشفى، فسارع بإبلاغ كافة المؤسسات الدولية المعنية ثم بعث رسالة طمأنة للمستشفى وطلب من إدارته مواصلة العمل.
وأكد أبو الريش أن ممثل منظمة الصحة العالمية في القطاع الدكتور ماهر أبو ستة سأل الجانب الإسرائيلي عن أسباب عدم تحذير المستشفى قبل قصفه، فأجابه المسؤولون الإسرائيليون بأنه تم الاتصال على الهاتف ولم يرد أحد فتم التحذير من خلال هذه القذائف، وسألوه لماذا لم يخلوا المكان فوراً.
هنية: مجزرة مستشفى المعمداني ستشكل نقطة تحول وطوفانا يضاف إلى طوفان الأقصى
في غضون ذلك، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تعليقاً على مجزرة مستشفى المعمداني: "المجزرة تؤكد وحشية العدو وحجم الهزيمة المدوية التي مُني بها"، مضيفاً أن "العدو واهِم إن ظنَّ أن هذه المجازر ستغطي على هزيمته المدوية أو تدفع شعبنا للاستسلام".
وتابع هنية أن "العدو لا يحترم قِيَماً ولا قوانين ولا أعرافاً ولا شرائع"، مؤكداً أن "الأميركيين الذين أعطوا غطاءً غير محدود للاحتلال يتحملون مسؤولية مجزرة المعمداني، وأن المقاومة مستمرة ولن تتوقف إلا برحيل المحتل عن أرضنا ومقدساتنا".
ودعا الفلسطينيين في الضفة والقدس والداخل إلى الخروج في كل المدن والقرى والمخيمات في وجه المحتل، كما دعا شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى الخروج تنديداً بهذه المجزرة الوحشية، كما توجَّه إلى "أحرار العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لإدانة صريحة للمجزرة".
وختم هنية: "هذه المجزرة ستشكل نقطة تحول وطوفاناً يضاف إلى طوفان الأقصى".
بيانات عربية - اسلامية تدين مجزرة مستشفى المعمداني، وغداً يوم حداد وطني في لبنان
بدورها، أصدرت كل من قطر، السعودية، الأردن، مصر، الجزائر، لبنان، العراق، تركيا وايران بيانات إدانة لمجزرة مستشفى المعمداني في غزة، كما شجب الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط المجزرة، وكتب عبر حسابه على منصة "أكس": "أي عقل من جهنم ذلك الذي يقصف مستشفى بنزلائه عن عمد؟ آلياتنا العربية توثّق جرائم الحرب ولن يفلت المجرمون بأفعالهم. لابد للغرب أن يوقف هذه المأساة فوراً".
إلى ذلك، أصدر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مذكرة برقم 24 / 2023 تاريخ 17/10/2023 أعلن فيها أن يوم غد الأربعاء الموافق فيه 18/10/2023 هو يوم حداد وطني على الشهداء والضحايا الذين يسقطون بنتيجة المجازر والاعتداءات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي وآخرها المجزرة التي استهدفت المدنيين العزل في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة وشكّلت وصمة عار في سجل الانسانية.
وعليه، تُنكس حداداً الاعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة وتعدّل البرامج العادية في محطات الاذاعة والتلفزيون بما يتوافق مع هذا الحدث الجلل.
وصدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري بياناً جاء فيه: "الإدانة للكيان الإسرائيلي على سفكه الدم الفلسطيني مساء اليوم في المستشفى المعمداني في قطاع غزة وعلى النحو الذي حصل وحدها لا تكفي. بعد قانا والمنصوري وقبلهما دير ياسين وصلحا وحولا وبحر البقر، هي ...هي إسرائيل تصفع الإنسانية على وجهها بجريمة إبادة لا تصدق، مئات الشهداء وعدّاد القتل الإسرائيلي لا يتوقف، فهل يصحو ضمير العالم لكبح جماح آلة الابادة الإسرائيلية، التي صدقوني لا تستهدف الشعب الفلسطيني إنما تستهدف البشرية والإنسانية على حد سواء".
في غضون ذلك، دانت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان، "بأشد العبارات جريمة الحرب البشعة التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى المدنيين الفلسطينيين في المستشفى الاهلي المعمداني في غزة بعد تعرضه للقصف الاسرائيلي".
وأفادت الخارجية: "مرة جديدة تضرب إسرائيل بعرض الحائط القانون الدولي، وترتكب جريمة حرب ضد الانسانية لشعب محاصر تتم إبادته بصورة جماعية ومتعمدة.
يدعو لبنان مجدداً إلى التدخل الفوري للمجتمع الدولي لوقف المجازر الاسرائيلية وإطلاق النار، بغية إدخال المساعدات الانسانية والطبية الى قطاع غزة ومعالجة الجرحى والمصابين".
شعبياً، لم يكْتفِ اللبنانيون ليل امس بالخروج الى الشوارع فقط واطلاق الهتافات، انما تجمهروا امام السفارة الاميركية في عوكر وجرى إطلاق الغاز المسيل للدموع على المحتجين الغاضبين بعد محاولاتهم اجتياز الحواجز أمام مبنى السفارة.
ودعت الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، إلى المشاركة في تظاهرة الغضب أمام السفارة الأميركية في عوكر، الأربعاء 18 تشرين الأول في الرابعة عصرا، "تنديداً بحرب الإبادة التي تشنها آلة الحرب الصهيونية".
كذلك، شهد محيط السفارة الفرنسية في العاصمة اللبنانية بيروت تحركاً احتجاجياً غاضباً لعشرات من الشبان الغاضبين، تخلله مناوشات وتدافع مع عناصر الجيش اللبناني الذين ينتشرون أمام مدخل السفارة لمنع دخول المحتجين.
وبالتزامن أضرم شبان النار في محيط مبنى منظمة "الإسكوا" التابعة للأمم المتحدة في وسط بيروت، بعدما عمدوا إلى تحطيم وإزالة الحواجز المقامة عند مدخله.
إلغاء القمة الرباعية التي كانت مقررة اليوم في عمان
في السياق، أعلنت المملكة الاردنية الهاشمية مساء أمس أنه تقرّر إلغاء القمة الرباعية التي كانت مقررة اليوم في عمان بمشاركة بايدن والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بينما يصل بايدن خلال الساعات القليلة المقبلة الى "اسرائيل" في زيارة سريعة تحمل في طياتها مدلولات كثيرة حول التضامن الوثيق بين واشنطن وتل ابيب.
اجتماع طارئ لمجلس الأمن اليوم
يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً اليوم الأربعاء لمناقشة الهجوم على المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، وقد أفاد بيان صادر عن الأمم المتحدة بأن الاجتماع سيعقد في الساعة 10.00 بتوقيت نيويورك، لافتاً إلى أن مشروع قرار البرازيل الذي يطالب بهدنة إنسانية في غزة سيطرح للتصويت في الجلسة التي ستكون مفتوحة.
وبدوره، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه لمقتل مئات الأشخاص خلال القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني في غزة.
وكتب غوتيريش على موقع إكس "المستشفيات وأفراد الفرق الطبية محميون بموجب القانون الإنساني الدولي".
كذلك، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حماية المدنيين في غزة، وقال إن الهدنة الإنسانية أمر مُلحّ وضروري، مؤكداً أهمية افساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون تأخير.