المبادرة القطرية التي ترافقت مع أحاديث عن إغراءات مالية قطرية تُحضر لإنعاش الإقتصاد اللبناني عبر ودائع وقروض ميسرة ومشاريع تنموية وغيرها إذا ما نجحت، فضلاً عن ضخّ أسماء جديدة لتولّي رئاسة الجمهورية من خارج الأسماء المعلومة، حيث برز اسم مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري كإسم وسطي...

إذا ما سلكنا درب التكرار الذي تردده الصحف ووسائل الإعلام المحلية، ننعي إلى السادة القراء المبادرة الفرنسية ونغوص في تحليل مفردات المبادرة القطرية التي يحملها أبو فهد جاسم آل ثاني، الذي وصل الى بيروت نهاية الأسبوع الفائت والذي قيل أنه يحمل مبادرة جديدة تختلف تماماً عن مبادرة باريس التي حملها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وفيما لم تتطابق "المعلومات" الصادرة عن هذا الفريق أو ذاك، لم يرتسم سيناريو واضح المعالم حول ما استدعى من آل ثاني الحضور إلى بيروت وعقد غالبية لقاءاته بعيداً من الإعلام.

المبادرة القطرية التي ترافقت مع أحاديث عن إغراءات مالية قطرية تُحضر لإنعاش الإقتصاد اللبناني عبر ودائع وقروض ميسرة ومشاريع تنموية وغيرها إذا ما نجحت، فضلاً عن ضخّ أسماء جديدة لتولّي رئاسة الجمهورية من خارج الأسماء المعلومة، حيث برز اسم مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري كإسم وسطي ربما يلتقي عليه المنقسمون حول المرشحين الرئاسيين الأكثر جدية، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المدعوم من قبل الثنائي الوطني والمرفوض من قبل أكبر كتلتين مسيحيتين (التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية)، وبين قائد الجيش العماد جوزيف عون غير المعلوم من يؤيّده ويعمل على وصوله جهارةً إلى قصر بعبدا، وبين من يرفضه كخيار رئاسي لاعتبارات مختلفة كون الأخير ليس مرشحاً رسمياً حتّى الساعة لأنّه على رأس عَمله ومسألة الإتيان به توافقياً للرئاسة تحتاج إلى تعديل دستوري. 

الأصلاء في حسم الأزمة الرئاسية اثنين لا ثالث لهما واشنطن والرياض وخطوة البخاري ليست عابرة 

من جهتها، ترى مصادر مواكبة للحركة الدولية على الساحتين اللبنانية والإقليمية أن التداول بالمسألة الرئاسية ما يزال بين الوكلاء فعلى الرغم من أنّ قطر وفرنسا ومصر أعضاء أساسيين في اللجنة الخماسية الموكل إليها البحث عن مخرج ينهي الأزمة اللبنانية إلّا أنّ الأصلاء فيها اثنين لا ثالث لهما هما الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية واللتين لم تتبنيان مبادرة رئاسية واضحة حتّى الساعة، لافتةً إلى أنّ ذلك بدا واضحاً من خلال الرسالة التي أوصلتها الرياض خلال زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة، من خلال جمع النواب السنة في دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في اليرزة، وأنّ تلك الخطوة لم تكن عابرة بل لإفهام من يعنيهم الأمر بأنّ الرياض متى ما قررت الإنخراط في الأزمة الرئاسية فإنّها قادرة على الحسم بغضّ النظر عن الخيار الذي سوف تسلكه والذي من المرجح أنه سيبنى وفق الستاتيكو الإقليمي والدولي الجديدين. 

المرحلة مرحلة "تقطيع وقت" بانتظار التسوية الكبرى 

وتشير المصادر نفسها إلى أنّ القطبة المخفية بين الدول الإقليمية تكمن في أولوياتها وموقع لبنان على سلّم تلك الأولويات، في ظلّ انسداد الأفق الداخلي، معتبرةً أنّ المرحلة مرحلة "تقطيع وقت" بانتظار استكمال ما بدأ من إنفراجات والمتمثلة بفتح السفارات وتبادل الدبلوماسيين بين طهران والرياض مروراً بالمفاوضات اليمنية - السعودية، وصولاً إلى وضع الإتفاق النووي الإيراني على طاولة "فيينا" من جديد قبل أيام.

داخلياً، لا جديد يُذكر فإذا ما رُصدت تصريحات المعنيين بالأزمة الرئاسية الاسبوع الفائت أو حتى الذي سبقه، نرى أنّها هي نفسها ولكن بتعابير مختلفة، إلٌا أنّ الحدث الأبرز كان للسفارة السعودية في اليوم الوطني السعودي الـ93 لتأسيس المملكة الذي أقيم في وسط بيروت، حيث أكّد البخاري في كلمته أنّ الفراغ الرئاسي مثير للقلق، قائلاً: "لطالما أكدنا أنّ الحلول المستدامة تأتي فقط من داخل لبنان لا خارجه".

وأضاف: "الاستحقاق الرئاسي شأن سيادي داخلي ونحن على ثقة بأنّ اللبنانيين قادرون على تحمّل مسؤولياتهم التاريخية والتلاقي"، مشدداً على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية قادر على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني، "سنواصل جهودنا المشتركة للحث على انتخاب رئيس".

باسيل حضر الاحتفال الذي  السفارة السعودية 

كذلك، بدت لافتة تلبية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل دعوة البخاري لحضور حفل الاستقبال بمناسبة اليوم الوطني السعودي، كما فضَّل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الحضور شخصياً معتبراً في حديث صحافي على هامش الإحتفال بأن المناسبة تستحق المجازفة الأمنية. 

واستبعد جعجع إمكانية إجراء انتخابات رئاسية قريباً رغم المساعي السعودية والقطرية، قائلاً: "دود الخل منو وفيه".


على خط آخر، خرق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي جدار الصمت حيال الأحداث التي تجري في السويداء مشاركاً مقطع فيديو من الاحتجاجات التي تعم المحافظة السورية منذ أسابيع، حيث رُفعت صور كبار القادة الدروز بينهم صورة مؤسس الحزب التقدمي الزعيم كمال جنبلاط، معلّقاً عبر حسابه على منصة "اكس" بعبارة: "يا حيالله".