دفعت القاضية إيفون غونزاليس روجرز لإصدار حكم مستعجل في دعوى قضائية ضد جوجل حول الطريقة التي تتبّعت بها الشركة نشاط الإنترنت للمستخدمين حتى بعد تحول المستخدمين إلى وضعية "التصفّح المتخفّي".

ومن المتوقع أن نشهد في قابل الأيام العديد من القضايا المشابهة المرفوعة ضد شركات التقنية الحديثة العملاقة، في مسائل عدّة. حيث بدأت بعض القطاعات والنقابات العمالية بالعمل على إعداد خطة لمواجهة منافسة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته التي تشهد تطوراً متسارعاً يهدّد العديد من العمال بفقدان وظائفهم. كما أنّ التطور التقني الهائل بدأت تأثيراته بالظهور في أكثر من مجال بما يؤشّر إلى تغيير بنمط العيش والتفاعل والتواصل.

وبالعودة إلى قضيتنا فقد رفضت قاضية أميركية في كاليفورنيا طلب شركة جوجل للحصول على حكم مستعجل في دعوى قضائية رفعها مستخدمون يزعمون أنّ الشركة انتهكت خصوصية ملايين الأشخاص بشكل غير قانوني، ويقول هؤلاء إنّ ذلك حدث لأنّ ملفات تعريف الارتباط والتحليلات والأدوات في تطبيقات جوجل استمرّت في تتبّع نشاط تصفّح الإنترنت حتى بعد قيام المستخدمين بتنشيط وضعية التصفح المتخفّي في خدمة جوجل كروم أو الخصائص المثيلة خلال تصفّح الإنترنت من خلال "سفاري" الذي من المفترض أنّه يتمتع بمستوى عالٍ جداً من الخصوصية والأمان، ولكن يبدو أنّ ما حدث هو عكس ذلك رغم محاولة عدد من الخبراء تبيان هذا الأمر وشرحه للمستخدمين خلال السنوات الماضية، حيث تبيّن أنّ وضعية المتصفّح الخفي التي كان مقرّراً لها أن تكون خاصّة وسرّية ليست كذلك.

وأشارت القاضية "إيفون غونزاليس روجرز" إلى المعلومات التي ذكرتها الشّركة في إشعارات خصوصيّة جوجل كروم وسياسة الخصوصية وشاشة التصفّح المتخفّي وصفحة المساعدة الخاصة والبحث والتصفّح حول كيفية تقييد وضع التصفّح المتخفّي للمعلومات المخزّنة وكيفية استفادة المستخدمين من هذه الخاصيّة والتحكّم بالمعلومات التي يشاركونها. وأشارت القاضية أنّ ما كتب في هذه الإرشادات قد يشكّل أساساً لقضيةّ قانونية قابلة للوصول إلى المحاكمة حول ما إذا كانت هذه المعلومات قد قدمت وعدا للمستخدمين قابلا للتنفيذ بأنّ جوجل لن تقوم بتجميع بياناتهم أثناء تصفّحهم بوضعية التصفّح المتخفّي.


وبناءً على الحكم، أعرب المتحدث باسم جوجل خوسيه كاستانيدا في بيان معارضة جوجل الشديدة لهذه الادّعاءات. وقال "إنّ الشركة ستدافع عن نفسها بقوّة ضد هذا الحكم أو أيّة محاولة شبيهة". وذكر البيان أنً وضع التصفّح المتخفّي في كروم يمنح المستخدمين خيار تصفّح الإنترنت بدون حفظ النشاط في المتصفح الخاص بهم أو الجهاز المستخدم، إذ تشدّد الشركة على تذكير المستخدمين في كلّ مرة يفتحون بها صفحة جديدة من خلال خاصية التصفح المتخفي أنّ مواقع ويب عديدة قد تتمكن من جمع معلومات حول نشاط التصفّح أثناء عمل المستخدمين على الإنترنت.

لكن على ما يبدو أنّ هناك مشكلة أخرى تتعارض مع حجج جوجل التي ذكرتها القاضية وهي أن المدّعين لديهم أدلّة على أن جوجل قامت بتخزين بيانات التصفح العادية والخاصة للمستخدمين في نفس السجلّات، ويتمّ استخدام تلك السجلات المختلطة لإرسال إعلانات مخصصة وموجهة للمستخدمين، حتى ولو كانت نقاط البيانات الفردية التي تمّ جمعها مجهولة في حدّ ذاتها لحظة تجميعها، إلّا أنّ جوجل قادرة، على ما يبدو، على استخدامها "لتحديد أيّ مستخدم لديه احتمال كبير للتفاعل مع الإعلانات والمعلومات الموجهة".

وردّاً على حجّة جوجل بأنّ المدّعين لم يعانوا من أيّ ضرر اقتصادي أو مالي، أشارت القاضية إلى أنّ "المدّعين أظهروا أنّ هناك سوقاً مربحاً لتداول بيانات التصفّح الخاصة بهم وأنّ جمع جوجل المزعوم للبيانات خلسة أعاق قدرة المدّعين على المشاركة في هذا السوق، ولذا تؤكد القاضية، أنّه وبالنّظر لطبيعة جمع بيانات جوجل، فإنّ المحكمة مقتنعة بأنّ التعويضات المالية وحدها ليست كافية إنّما يجب معاقبة وتأنيب الشركة حول جريمة جمع المعلومات المستمرّة لبيانات التصفّح الخاصّة للمستخدمين من دون علمهم.

يذكر أن الدعوى الأساسية كانت رفعت في العام 2020 سعياً من المتضررين للحصول على تعويضات لا تقلّ عن 5 مليارات دولار أميركي، في حين اعتبر خبراء أنّ الحكم لم يكن مفاجئاً تماماً، خاصّة وأنّ القضية كبيرة وباتت الآن على قاب قوسين من تسوية وديّة أو محكمة مدوّية، خصوصاً أنّ القضية أعيدت إلى محكمة الاستئناف الأمريكية لإعادة النظر فيها.

تجدر الإشارة إلى أن جوجل واجهت خلال مسيرتها العديد من الدعاوى القضائية التي تتصل غالباً بالخصوصية وحقوق الملكية والاحتكار إضافة على العديد من العناوين المتّصلة بالعالم الرقمي. وبحسب موقع ويكيبيديا فإنّ الشركة انتقلت من الاستعانة بمحام واحد إلى نحو 100 محام خلال أول خمس سنوات من تاريخ تأسيسها، أمّا اليوم فذراعها القانوني يضمّ نحو 400 محام.

وسبق لجوجل أن واجهت قضايا رفعتها ضدها الإدارة الأميركية وولايات عدة، إضافة إلى شركات تقنية منافسة وخصوصاً الشركات الإعلانية.