الصفا نيوز
ليس أكثر دلالة من كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله للتأكيد على صعوبة الواقع الحالي في لبنان وإنسداد الأفق المالي والسياسي على حد سواء. أن يصل حزب الله وعلى لسان أمينه العام الى حد التهديد بإتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، فيعني ذلك أن رسالته تقول للأميركي إذا كنت تعتقد أنك نلت مبتغاك بإتفاق الترسيم وبت مطمئناً الى حدود إسرائيل فلأمر ليس بهذه السهولة. كان أغلب الظن أن الإتفاق سيعود على لبنان بالمنافع الإقتصادية ورفع الحصار عنه أقله بموضوع الكهرباء فإذا بالأزمة المالية تشتد وسط إنهيار العملة الوطنية مقابل الدولار الذي لامس حد المئة الف ليرة. هي من المرات القليلة التي يقول فيها حزب الله بالمباشر كما خلف الكواليس أنه إستنفد وسائله حتى مع حلفائه لأجل الإتفاق على إنتخاب رئيس للجمهورية وهو المدرك صعوبة الإنتظار أكثر في ظل الإنهيار المالي والإقتصادي.
وأتى كلام السيد نصر الله بموازاة التحركات التي يشهدها الشارع إعتراضاً على إقفال المصارف وارتفاع سعر صرف الدولار ما يُنذر بتوسع دائرة الإحتجاجات والخشية من تدهور الوضع الأمني في الشارع. ونقلت أوساط سياسية عليمة لـ"الصفا نيوز" أن الأيام المقبلة قد تشهد تسارعاً في الأحداث نتيجة فشل المجلس النيابي في عقد جلسة تشريعية والخلافات الداخلية حول موضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بين المصرف المركزي وجمعية المصارف والحكومة. وتتابع"سيشتد الخناق على المصارف بينما لن يكون بمقدور الحكومة القيام بالإصلاحات المطلوبة، بينما صارت الجلسة التشريعية في "الباي الباي".
وتستبعد أوساط نيابية أن تنجح مفاوضات اللحظة الأخيرة في عقد جلسة تشريعية الأسبوع المقبل لإستحالة حضور رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. شهد إجتماع تكتل لبنان القوي نقاشاً حامياً حول المشاركة في الجلسة من عدمه وكان الإتفاق أن لا ضرورة لعقد الجلسة بالنظر الى جدول الأعمال، فقانون الكابيتول كونترول بالصيغة المعدة للنقاش لم يعد له جدوى، ومن الصعب عقد جلسة من أجل التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إيراهيم، لتتابع أن المزاج العام المسيحي لم يعد بمقدوره الخوض في بازار سياسي لأي إعتبار كان.
ويمثل مشهد الإنقسام في مجلس النواب والصعوبات التي تواجه دعوة رئيسه الى جلسة تشريعية دلالة على عمق الإنقسام النيابي علماً أن هناك من لا يزال يراهن أن الأمل بنجاح إنعقاد الجلسة لا يزال قائماً من أجل التمديد للواء إبراهيم بعدما كان جرى الأتفاق مع باسيل على حضور الجلسة شرط حصر جدول أعمالها بالبنود الضرورية وقد أوكل بري الى النائب علي حسن خليل التوافق معه على جدول الأعمال وحصره بمشاريع الضرورة فقط والتي كان من بينها بند يتعلق بمشروع للصرف الصحي في البترون. وهو ما فهم على أنه محاولة إستراضاء لباسيل لكن مصادر التيار الوطني الحر تنفي حصول إتفاق مماثل وتقول إن باسيل لم يمنح وعداً بحضور الجلسة لا للواء إبراهيم أو لغيره.
وقد إستنفد حزب الله من ناحيته وساطته لتأمين عقد الجلسة التشريعية وهو الحريص على التمديد للواء إبراهيم لإعتباره أن المدير العام للأمن العام لعب أدواراً ولا يزال يصعب على الآخرين تأديتها وهو يشكل نقطة تقاطع بين جميع الأطراف وصلة الوصل في ما بينهم عند اللزوم. ولكن حزب الله حسب المطلعين على أجوائه يدرك أن باسيل بات محرجاً بالرفض المسيحي ما جعله يتراجع عن حضور الجلسة. متشائم حزب الله بشأن الجلسة التشريعية ويعتبر أن كل الأطراف في لبنان باتت تبتز بعضها وكلها في موقف الضعيف العاجز. وبدرجة أعلى تشاؤماً يقارب ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية وسط غياب مؤشرات إيجابية توحي بإمكانية تحديد جلسة نيابية لإنتخاب الرئيس قريباً. وتنقل أوساط مطلعة على الموقف الأميركي أن الإدارة الأميركية لم تدل بدلوها بالموضوع الرئاسي بعد بدليل فشل إجتماع باريس الخماسي بالخروج بتصور واحد حول الموضوع الرئاسي اللبناني بينما أبلغ الفرنسيون موافقتهم على قائد الجلش العماد جوزف عون وعدم ممانعتهم بالمقابل إنتخاب سليمان فرنجية.
يدرك حزب الله جيداً أن الإستحقاق الإنتخابي أمام مخاض صعب. حتى اليوم لم يستطع تأمين أكثر من 45 صوت لمرشحه الرئاسي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بينما يمكن لقائد الجيش لولا حاجته في الوقت الراهن الى تعديل دستوري أن يحقق 87 صوتاً. وتقول الأوساط المطلعة عينها أن الثابت الوحيد في الملف الرئاسي هو تمسك حزب الله بمرشحه الرئاسي من دون إظهار الترشيح الى العلن أو إعلان فرنجية ترشيحه صراحة.يؤكد حزب الله صعوبة المرحلة على المستوى الرئاسي ورغم ذلك فلا تتحدث مصادر المطلعين على موقفه عن إستعداده للخطة باء الرئاسية. عندما سأل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن الخطة باء جاءه الجوب أن لا خطة باء لدينا وهذه تعلمناها من تجربة ترشيح عمك الجنرال ميشال عون. لكن حزب الله يدرك أن الظرف اليوم ليس مشابهاً لتلك المرحلة. وضع البلد غير مرتاح وينذر بمزيد من التدهور. في مجلس النواب طرف لديه 45 صوتاً هي كل ما يمكنه تأمينه نتيجة تمسك باسيل بمعارضته لإنتخاب فرنجية بينما يملك الطرف الآخر الثلث المعطل ولا إمكانية للتفاهم بين الطرفين.
وقائع تشي بأن إنتخاب الرئيس رحل لأشهر طويلة قد تمتد الى أيار المقبل وربما بعده وحينها ينتفي شرط تعديل الدستور لقائد الجيش فيبطل عائق إنتخابه ما يفتح على أزمة أوسع وسط رفض قاطع لباسيل إنتخاب قائد الجيش رئيساً ورفض مماثل لحزب الله وليس معروفاً هنا أيهما سيستظل موقف الآخر . يعتب حزب الله على حليفه المسيحي الرافض ترشيح فرنجية بينما لم يقدم مرشحاً بديلاً بعد، لكن باسيل لا يرى نفسه مجبراً على كشف أوراقه قبل أن يبدي حزب الله إستعداده للتراجع عن فرنجية وإنطلاق البحث في الخيارات.