لا يزال اللبنانيون من دون حل لأزمة الكهرباء رغم كل الوعود التي قطعت في هذا المجال ولو لتوفير بضع ساعات من الطاقة. تلك الوعود التي قطعت الطريق على قضية الهبات والتي تم استحضار شبح العقوبات ضدها. كما أن قضية جر الطاقة من الأردن ومصر عبر سوريا ورغم كل ما صرف من جهد وحبر بقي على الورق وتم ربطه بشروط يمكن القول أنها تعجيزية. الفيول قبالة شواطئنا ومعامل انتاج الطاقة على البر متوقفة عن العمل ولسان حال المواطن اللبناني: أنظروا إليها إنها في البحر تنتظر.
[caption id="attachment_1933" align="aligncenter" width="1024"]
وكانت بوادر حل قد لاحت من خلال خطة لزيادة ساعات التغذية مقابل رفع التسعيرة الخاصة باستهلاك الطاقة وهي قضية كانت موضع رفض وممانعة ما كبد مؤسسة كهرباء لبنان خسائر فادحة. فحتى الأمس القريب كانت السلطة السياسية في لبنان ومنذ العام 1994 قد منعت زيادة التعرفة ومن الجدير ذكره أن سعر برميل النفط حينها كان نحو 22 دولاراً أميركياً. ومع ارتفاع سعر البرميل عالميا إلى حدود الـ 100 دولار أميركي. وكان قرار السلطة بتأمين الفارق بين سعر الإنتاج وسعر المبيع عبر تحويلات من الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان. هذه التحويلات بلغت قيمتها حتى العام 2020 وبحسب وزارة المالية نحو 24 مليار دولار.
إذا يتحمل قرار رفض رفع التعرفة مسؤولية الإنهيار الذي أصاب قطاع الطاقة، هذا القرار الذي تتحمله السلطات السياسية في البلد والذي كان يهدف حيناً إلى خصخصة القطاع وبيعه وحيناً إلى استخدامه في إطار منفعي ومصلحي وتوظيفي. وهو ما يتجلى اليوم في السجالات الحاصلة وفي محاولات البعض التنصل من المسؤولية وتحميلها لخصومه في السياسة.
[caption id="attachment_1931" align="alignleft" width="255"]
وكان ميقاتي وقّع بتاريخ 23 كانون الأول 2022 موافقة استثنائية على إصدار سلفة خزينة تتيح فتح 62 مليون دولار لتغطية ثمن شراء 62 ألف طن متري من مادة الغاز أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، يصار لاحقاً إلى إصدار المرسوم المتعلق بهذه السلفة عند الإقتضاء، وذلك تفادياً للخسائر المحتملة المترتبة عن الأخر في إفراغ بواخر الشحن وبغية تأمين ما يلزم من محروقات لزوم معامل الإنتاج في مؤسسة كهرباء لبنان..."
وتأتي هذه الموافقة وبحسب البيان نفسه الذي حمل توقيع ميقاتي "بعد الاطلاع على كتاب وزير الطاقة ... وبناءً على المناقصة التي أجرتها مؤسسة كهرباء لبنان والتي أثمرت توقيع اتفاق مع شركة ( Vitol Bahrain E.C)... ونظراً لعدم وجود قانون أو اعتمادات في موازنة العام 2022 يتيح فتح الاعتماد المستندي علماً أن مصرف لبنان سوف يقوم بحجز وسحب قيمة الاعتماد من حساب الخزينة عند توقيع الاعتماد وإرساله للمصرف على أن يلتزم كافة المعنيين بتأمين تمويل خطة الطوارئ واستدامته من خلال مبلغ تراكمي يصل بعد ستة أشهر إلى ما مجموعه حوالي 600 مليون دولار أميركي..."
بموجب هذا الكتاب وصلت البواخر إلى لبنان ولكنها لم تفرغ حمولتها حتى اليوم لأن وزارة المالية رفضت فتح الاعتمادات رغم انها كانت شريكاً في التوصل الى ما ورد أعلاه في القرار الذي حمل توقيع ميقاتي. وكان القرار وبحسب ما أعلن ميقاتي بعد زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري في 12 تشرين الثاني 2022، "اتفقنا على صيغة".
هذه الصيغة التي على ما يبدو لم تتم صياغتها بما يضمن توفير الأموال اللازمة لتوفير الكهرباء ولو لساعات محدودة إلا أنها وفّرت فرصةً للبواخرالراسية قبالة الشواطئ اللبنانية لتغريم الدولة نحو 36 ألف دولار يومياً، وقد قاربت الغرامات حتى اللحظة نحو 500 ألف دولار.
وتجدر الإشارة إلى أن الواقع المالي اللبناني الذي لا يعرف خفاياه سوى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة يواجه تحديات على مختلف الصعد. وهي تحديات داخلية وخارجية، لجهة الدعاوى والتحقيقات والاتهامات، وهذه المسائل تعزز ما تهمس به مصادر مطلعة من أن المصرف المركزي لا يملك المبالغ المطلوبة للدفعة الأولى من البواخر فبما بالك بالـ 600 مليون دولار لتغطية خطة الستة أشهر.