منذ انطلاق المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري في حزب الله لمواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، في العام 1982، كانت مسألة تسليحها، ولا تزال، قيد المتابعة الحثيثة من دول المحور الغربي الداعم لإسرائيل، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية التي مارست بدورها ولا تزال تمارس الضغوط على الدول الداعمة للمقاومة اللبنانية، وفي طليعة هذه الدول، سوريا وإيران، اللتان تتعرضان للاعتداءات العسكرية من القوات الأميركية والإسرائيلية، بالإضافة إلى لجوء "المحور الأميركي" إلى فرض الحصار الاقتصادي والعقوبات على دمشق وطهران، بسبب سلوكهما السياسي، وخصوصًا بسبب دعمهما حركات المقاومة في المنطقة.  


اليوم، وبعد توصّل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بوساطة أميركية، عقب شهرين من الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان، سبقتها حرب بين حزب الله والجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين، امتدت طوال عام كامل، عادت مسألة تسليح "الحزب" عبر سوريا إلى واجهة الاهتمامات الدولية. فما تأثير نتائج الحرب المذكورة على مسألة "التسليح"؟ هنا، تلفت مصادر في المعارضة السورية إلى أنّ "المعركة الأخيرة التي خاضها حزب الله في وجه إسرائيل، أظهرت أنّ لديه كمّيّة كبيرة من مختلف أنواع الأسلحة، وخاصة الصواريخ، وبالتالي يبدو أنّ لديه مخزونه الوافر من السلاح، وليس في حاجة إلى التسليح في المدى المنظور".  

وتشير المصادر إلى أنّ "السلاح المرسل إلى حزب الله لا يمرّ عبر الحدود الشرعية اللبنانية-السورية، ولا عبر طرق مكشوفةٍ، كي تتم مراقبتها من جهاتٍ دوليةٍ أو غير ذلك". ولا ترى "تغييرًا كبيرًا في موازين القوى على الأرض، تتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرض شروط جديدة مهمة خارج بنود القرار الدولي 1701. وبالتالي لن يختلف المشهد في جنوب لبنان عما كان عليه بعد انتهاء عدوان تموز 2006".  

"السلاح المرسل إلى حزب الله لا يمرّ عبر الحدود الشرعية اللبنانية-السورية، ولا عبر طرق مكشوفةٍ، كي تتم مراقبتها من جهاتٍ دوليةٍ أو غير ذلك"

وتعتبر المصادر عينها أن لا "فرق بين "عدوان تموز" والحرب الراهنة، إلّا من ناحيتين، الأولى: تبادل الأسرى بين "الحزب" وتل أبيب كما حدث في العام 2006، والثانية: انقسام الرأي العام اللبناني والعربي في شأن دور المقاومة اللبنانية الراهن،إذ كانت تحظى بتأييد جميع السوريين خلال عدوان تموز 2006، أمّا اليوم فقد تراجع هذا التأييد، بعد انخراط الحزب في الحرب السورية، على سبيل المثال". وعن تهديدات نتنياهو لسوريا ورئيسها بشار الأسد، تؤكد المصادر المعارضة أنّ "هذه التهديدات محاولة لاسترضاء الإسرائيليين الرافضين اتفاق وقف النار مع لبنان لا أكثر".  

وفي السياق عينه، أي (منع تسليح المقاومة في لبنان)، تقول مصادر سياسية سورية "ليس لدى الحكومة الإسرائيلية ورئيسها رصيد تغيّر فيه المعادلات القائمة راهنًا بين لبنان وسوريا وفلسطين. فقوات الاحتلال الإسرائيلي لم تتمكن في عدوانها الأخير على لبنان من إعادة تجربة اجتياح 1982، واحتلال أجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانية، ثم إدخال قوات متعددة الجنسيات إلى لبنان لفرض واقع سياسي جديد فيه. فقد ولّى هذا الزمان بفضل ثبات مجاهدي المقاومة وتصميمهم على دحر العدو". وتشير إلى أنّ "الوقائع الميدانية أثبتت أنّ قوات الاحتلال كانت في حال استعصاء عسكري، والدليل الواضح إلى ذلك، أنّها لم تتمكن من احتلال منطقة إستراتيجية واحدة في جنوب لبنان، والبقاء فيها. كذلك فشل نتنياهو في إعادة المستوطنين إلى شمال فلسطين، كما "وعد" في بداية الحرب، في خريف العام الفائت. لذا لا توحي نتائج الحرب أنّه قادر على فرض إملاءاته على مثلث "لبنان- سوريا- فلسطين".

وفي هذا السياق أيضًا، يؤكّد مرجع قريب من المقاومة أنّ "الوضع على حاله، ولم يتغيّر شيء، وكل ما نسمعه كلام بكلام". ويرفض الخوض في أيّ حديث يتعلّق بالتسليح عبر سوريا، أو سواها.
وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، يكتفي مرجع في دمشق بالقول "إنّ جلّ ما يهمّنا أن يكون لبنان بخير، وكلّ ما توافق عليه السلطات اللبنانية، توافق عليه سوريا. وفي شأن مراقبة الحدود المشتركة، فهي قائمة أصلًا، وهناك نقاط رسمية للدولتين على هذه الحدود".