في خطوة استثنائية لمواجهة التحديات التي تعصف بقطاع التعليم في لبنان، أطلقت مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" مشروع "التعليم المستمر في لبنان 2024-2025"، عبر مبادرة "المدرسة الرقمية". بدأ هذا المشروع في 30 تشرين الأول الماضي، ويستهدف توفير التعليم لـ40 ألف تلميذ في المدارس الرسمية، بما في ذلك المدارس التي تحوّلت مراكز إيواء للنازحين. يأتي هذا الدعم في إطار مبادرة "الإمارات معك يا لبنان"، وهي استجابة شاملة من دولة الإمارات لدعم الشعب اللبناني في الأحوال الراهنة.

انطلاقة العام الدراسي في ظروف استثنائية

بدأ العام الدراسي في القطاع الرسمي اللبناني في 4 تشرين الثاني، وسط تحديات كبيرة تشمل استخدام المدارس كمراكز إيواء، وتقليص أيام التدريس إلى ثلاثة بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية. لمواجهة هذه التحديات، أطلقت وزارة التربية مسارين للتعليم: الأول يعتمد على الحضور المدرسي الجزئي، والثاني على التعليم عن بُعد. ومع ذلك، قدّم مشروع "المدرسة الرقمية" دعماً حيوياً للمدارس، مثل ثانوية برالياس الرسمية، حيث يدرس 400 تلميذ بعد تخصيص يومي الجمعة والأحد لحصص الدعم في المواد الأساسية.

في ثانوية بر الياس، يعبّر التلاميذ عن سعادتهم بفرصة التعليم الإضافي. يقول أحدهم: "هذه الحصص تساعدنا على تحقيق طموحاتنا وتغطية المناهج بسرعة أكبر". آخرون يشيدون بالعدالة الاجتماعية التي تحقّقها هذه الخطوة، إذ أصبح التعليم خمسة أيام يعادل التعليم في المدارس الخاصة. المحتوى الرقمي، الذي تقدمه المدرسة الرقمية، سهّل عملية الفهم وسرّع إنهاء المناهج.

يوضح مدير البرنامج التربوي سامر الطويل أنّ أهم ما يميز المشروع هو إبقاء التلميذ في بيئته التعليمية الطبيعية مع أساتذته وزملائه، وهذا ما يدعم استمراريته في التعليم. كذلك تؤكد مديرة ثانوية برالياس، سوسن عراجي، أن الدعم الذي قدمته المدرسة الرقمية كان حاسماً لضمان استمرار التعليم الحضوري.

التوسّع الجغرافي للمشروع

يستفيد حالياً من المشروع حوالى 6,600 تلميذ في البقاع، و250 أستاذاً من الكادر التعليمي. كذلك بدأت المرحلة الأولى في مناطق مثل القاع وعرسال، على أن تشمل المراحل المقبلة مناطق أخرى كعكار، وبيروت، وجبل لبنان.

لا يقتصر الدعم على التعليم فقط، بل يشمل أيضاً توفير القرطاسية، والتدفئة، والسلال الغذائية للعائلات. عدا ذلك، أطلقت "المدرسة الرقمية" منصة "Keep Learning Now" بالتعاون مع وزارة التربية، لتوفير دروس المنهاج اللبناني رقمياً وبشكل مجاني عبر الهواتف المحمولة. وقد حُوّلت الدروس موادَّ تفاعلية تشمل عروض PowerPoint وفيديوهات وأسئلة تقييم ذاتي.

من المقرر أن توسّع "المدرسة الرقمية" محتواها ليشمل المنهاج باللغة الفرنسية قريباً. كذلك تستمر الجهود لجعل المنصة مرجعية دائمة للأساتذة والتلاميذ، مع تأمين الوصول المجاني إليها بفضل الشراكات مع شركات اتصالات لبنانية مثل تاتش وأوجيرو.

استمرارية التعليم أمر حيوي

ويجسد المشروع "إيمان دولة الإمارات بأنّ استمرارية التعليم أمر حيوي لدعم المجتمع من أجل تجاوز التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، وهذا ما يعزز من قدرة المجتمع على النهوض والتعافي على المدى الطويل"، وفق وكالة "وام".

وقال محمد بن عبد الله القرقاوي الأمين العام لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، إن "مشروع استمرارية التعليم الذي تشرف على تنفيذه المدرسة الرقمية من خلال اعتماد الحلول الذكية وإتاحة محتوى تعليمي رقمي وفق المنهج الرسمي اللبناني، يكتسب أهمية كبرى لحاضر طلبة لبنان الشقيق ومستقبلهم، وهو ما يعكس إيمان دولتنا وقيادتنا بالدور الحيوي الذي يلعبه التعليم للنهوض بالمجتمعات ومساعدتها على تجاوز الظروف الصعبة".

وتتولى "المدرسة الرقمية" الإشراف على تنفيذ المشروع بالتعاون مع مجموعة من الشركاء والجهات المعنية لضمان استمرارية التعليم للأطفال المتأثرين بانقطاع التعليم، بسبب نقص الموارد والافتقار الى بنية تحتية تعليمية مناسبة تلبي حاجات العام الدراسي الجديد.

ويهدف مشروع استمرارية التعليم في لبنان إلى توفير فرص تعليمية للأطفال المنقطعين عن الدراسة في مراكز النزوح في لبنان، على نحو يساهم في سد الفجوات التعليمية من خلال منصات رقمية تقدم برامج تعليمية مخصصة لتحسين مستوى الطلاب. كذلك يتيح المشروع محتوى تعليميًا رقميًا لجميع الطلاب وفق المنهج الرسمي اللبناني، مع حلول ذكية تمكنهم من الوصول إلى المحتوى حتى من دون اتصال.