في الحرب الإسرائيلية على لبنان، استخدمت إسرائيل صواريخ مختلفة الأحجام والقدرات التدميرية بهدف تحقيق أقصى قدر من الضرر والدمار والتأثير العسكري. ولم تقتصر آثار هذه الصواريخ على قتل المدنيين، وتدمير البنى التحتية، لا بل تعدّت ذلك إلى التسبب في مخاطر صحّية كثيرة.
ومن أبرز تلك الصواريخ:
الصواريخ الموجهة
جو-أرض (AGM)، وهي تُطلَق من الطائرات الحربية لضرب أهداف دقيقة. ومنها:
صاروخ سبايس (Spice): هو موجّه بالأقمار الصناعية ويتميّز بقدرته على ضرب الأهداف بدقة عالية ويعتمد على تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي في توجيهه. يُستخدم لضرب الأهداف الحيوية مثل منشآت القيادة والتحكم.
صواريخ هيلفاير (Hellfire): هي صغيرة الحجم تُطلق من طائرات الهليكوبتر لضرب الأهداف المدرعة والمخابئ.
الصواريخ الباليستية التكتيكية
تتميز الصواريخ الباليستية بقدرتها على ضرب الأهداف البعيدة بدقة، وتستخدم لضرب مواقع عسكرية وبنى تحتية. من الصواريخ التي قد تكون استخدمت في الحرب:
صواريخ لورا (LORA): هي باليستية تكتيكية يصل مداها إلى 400 كيلومتر وتستخدم لضرب أهداف ذات أهمية إستراتيجية.
صواريخ أرض-أرض
استخدمت إسرائيل أيضًا صواريخ أرض-أرض لضرب أهداف متعدّدة داخل لبنان، ومنها:
صواريخ جراد (Grad): هي قصيرة المدى تستخدم لضرب التجمعات السكانية والمواقع العسكرية على مسافات قريبة.
الصواريخ المضادة للمخابئ
لضرب الأنفاق والمخابئ المحصنة. وقد استخدمت إسرائيل صواريخ خاصة قادرة على اختراق التحصينات، مثل:
صواريخ GBU-28: تُعرف بأنّها "مخترقة للتحصينات"، وهي مصممة لضرب الأهداف تحت الأرض مثل الأنفاق أو المخابئ المحصنة في عمق سحيق.
الصواريخ الحرارية والفوسفورية
استخدمت إسرائيل أيضًا أسلحة حرارية وفوسفورية تعتبر مثيرة للجدل لأنّها قد تسبب أضرارًا كبيرة للبشر والبنية التحتية، بالإضافة إلى أنّها تتسبب في حرائق واسعة النطاق:
القنابل الفوسفورية: تُستخدم لإشعال النيران وتدمير المنشآت والمعدات، ولكنها تتسبب في حروق شديدة للمدنيين، وهي محظورة بموجب العديد من الاتفاقات الدولية.
الصواريخ المضادة للطائرات
للتصدّي لأيّ تهديدات جوية محتملة، استخدمت إسرائيل صواريخ مضادة للطائرات مثل:
صواريخ باتريوت (Patriot): وهي ذات أنظمة دفاعية تعترض الطائرات والصواريخ.
المخاطر الصحية
في هذا الإطار، قال لـ "الصفا نيوز" الصحافي المتخصص في القضايا البيئية مصطفى رعد إنّ "الدخان المتصاعد من القنابل والصواريخ الإسرائيلية التي تقصف لبنان يمثّل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة. فالمواد الكيميائية والملوثات الموجودة في هذا الدخان تتسبب في مشكلات صحية للسكان المدنيين، وخاصة لأكثر الفئات ضعفًا، مثل الأطفال وكبار السن".
وأشار رعد إلى أنّ "المخاطر الصحية الناجمة عن هذا الدخان تشمل: أمراض الجهاز التنفسي، إذ يحتوي الدخان على جسيمات دقيقة ومواد كيميائية ضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية الطيارة. هذه الملوثات تهيّج الجهاز التنفسي، فيتسبب ذلك في الربو والتهاب الشعب الهوائية. ويمكن أن تتفاقم حالة المصابين بأمراض تنفسية مزمنة نتيجة التعرض المستمر لهذا الدخان".
كذلك تحتوي بعض القنابل والصواريخ على مواد كيميائية خطيرة مثل الفوسفور الأبيض، الذي، بحسب رأي رعد، يتفاعل مع الأنسجة الحية على نحو ضار. التعرض لهذا النوع من المواد يمكن أن يتسبب في حروق خطيرة، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى الوفاة. ويحتوي الدخان الناتج من الانفجارات على مواد مسرطنة مثل البنزين والمعادن الثقيلة. التعرض المستمر لهذه المواد يزيد من خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان، خاصة سرطان الرئة والجلد".
وتؤثر بعض المواد الكيميائية الموجودة في الدخان، مثل أول أكسيد الكربون والرصاص، في الجهاز العصبي المركزي، يضيف رعد، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مشكلات مثل الصداع، والدوار، واضطرابات الذاكرة، والتغيرات السلوكية.
ويكمل رعد "أما استنشاق الدخان الكثيف لفترات طويلة فقد يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. وتعزز المواد الملوثة في الهواء تكوّن الجلطات وترفع الضغط في الدم، وهذا ما يعرض الأفراد لمخاطر صحية جسيمة".
مخاطر بيئية
عدا تأثيره المباشر على الصحة، يؤدي الدخان الناتج من الانفجارات إلى تلوث البيئة. يرى الصحافي المتخصص في الشؤون البيئية أنّ الجسيمات الكيميائية التي تهبط على الأرض بعد الانفجار تتسرّب إلى المياه الجوفية وتلوث التربة، وهذا ما يؤثر على النظام الغذائي للسكان من خلال المياه الملوثة والمحاصيل الزراعية.
والدخان الكثيف الناتج من القصف لا يؤثر جسديًا فحسب، بل له أيضًا تأثير نفسي كبير على حد قول رعد، فالشعور بالاختناق وصعوبة التنفس تحت الدخان الكثيف يسببان الخوف والذعر، ويزيدان من مستويات التوتر والقلق في صفوف الناس.
سحابة من السموم
في سياق متصل، أوضح نقيب الكيميائيين في لبنان، البروفيسور جهاد عبود، لـ "الصفا نيوز" أنّ "الكميات الضخمة من القنابل التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، سواء كانت محظورة دولياً أم لا، تكوّن سحابة من السموم فوق العاصمة وضواحيها".
وأشار إلى أنّ "قياس نسبة التلوث والسموم المنتشرة في الهواء بسبب العدوان الإسرائيلي صعب حالياً، ولكن بالاستناد إلى الخبرة يمكن القول إنّ الهواء في العاصمة أصبح ملوثاً بفعل كثافة القذائف التي أُسقطت على الضاحية الجنوبية والمواقع المستهدفة، والتي قد تكون مخازن لمواد خطرة ومسرطنة".
وأضاف عبود: "هناك احتمال كبير بأنّ إسرائيل استخدمت صواريخ تحتوي على اليورانيوم المخصب في موقع الذي تمّ فيه اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله". ودعا الحكومة والجهات المختصة إلى التحرك وإجراء الفحوص اللازمة للتأكد من ذلك، ثم تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي في حال ثبوت استخدام هذا النوع من القنابل.
نوع السموم وتأثيرها الصحي
على الرغم من أنّ معدن اليورانيوم ثقيل جداً، وأنّ الغبار الناجم عنه عند الانفجار لا يتجاوز الكيلومترين، فإنّه يبقى من أخطر المواد الكيميائية الناتجة من العدوان. وبيّن عبود أنّ هذه المادة الثقيلة تتسبب في توقف الأعضاء الحيوية في الجسم عن العمل، بما في ذلك الكلى، وتؤدي إلى الإصابة بأمراض سرطانية.
ولفت أيضاً إلى أنّ "استخدام اليورانيوم الممزوج باليورانيوم المشعّ، حتى لو كان بكميات صغيرة، يمكن أن يؤدي مع مرور الوقت إلى تشوهات خلقية في الأجيال المقبلة، كما حدث في الفلوجة عند استهداف الأنفاق. أما القنابل التقليدية، فإنّها تنتج موادَّ كيميائية ثانوية قد تسبب أمراضاً سرطانية قاتلة".
بالنسبة إلى المواد الكيميائية الناتجة من القصف، ذكر عبود أنّ "الفوسفور يتسبّب في حروق في الجلد وفي العينين والوجه، وفي حال استنشاقه يمكن أن يؤدّي إلى تليّف في الرئتين".
وأكد أن "الفوسفور يزول مع مرور الوقت، ولكن المواد المشعة تبقى مدة طويلة تصل إلى 400 عام. وإذا استُخدمت هذه القنابل في المناطق الجبلية، فإن تساقط الأمطار قد يؤدي إلى تسرب المواد المشعة إلى المياه الجوفية، وتالياً إلى تلوّث المياه المستخدمة للشرب، والتي قد تختلط بهذه المواد الخطرة".
الحلول والإجراءات الوقائية
لمواجهة هذه المخاطر، من الضروري أن تتخذ السلطات الصحية والمنظمات الإنسانية إجراءات عاجلة، منها:
- توزيع الكمامات الواقية على السكان.
- تقديم الإرشادات الصحية حول كيفية التصرف في حالات الطوارئ.
- توفير خدمات طبية خاصة لمعالجة الأمراض الناجمة عن التعرض لهذا الدخان.
- تحسين التوعية العامة حول مخاطر التلوث الناجم عن القصف والعمل على تقديم الدعم النفسي إلى المتضررين.
ختامًا، يشكّل الدخان الناتج عن القصف الإسرائيلي على لبنان تهديدًا مزدوجًا للصحة والبيئة، وهذا ما يتطلب تدخلًا سريعًا للتقليل من أضراره.