"دخلنا فعليّاً في الحرب"... هذا كان عنوان المشهد السياسي والشعبي والاجتماعي يوم أمس الاثنين، الآلاف من الجنوبيين والبقاعيين تركوا منازلهم، هرباً من القصف الإسرائيلي العشوائي الذي استهدف المدنيين في معظم مناطق الجنوب والبقاع. قسم من الأهالي "نفذ بريشه" وتمكّن من تأمين ملجأ له، فيما القسم الأكبر (ومعظمه من الجنوب) علق على الطرقات، في زحمة سير خانقة، لأكثر من 6 ساعات، ليحلّ الليل عليه وهو في سيارته مع أطفاله، دون ماء أو طعام، أو حتّى مال. فبعض هؤلاء قصفت منازلهم ودُمرت بالكامل، بالكاد نجوا بحياتهم، فيما سجلت الأرقام الرسمية حتى كتابة هذه السطور، أكثر من 500 قتيل و2000 جريح، ونزوح أكثر من 50 ألف شخص.
وفي مشهد إنساني، "بيكبّر القلب" بدأت مبادرات التضامن تتسارع وتتسع وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شارك عدد ضخم من المستخدمين لمنشورات تبلّغ عن شقق متوفرة بالمجان في مناطق تعد "آمنة نسبياً". كما قام العديد من الأشخاص بتأمين مواصلات مجانية للأسر النازحة، فيما انطلقت حملات على صعيد كلّ لبنان لجمع التبرعات وتأمين مراكز إيواء للنازحين.
إلى ذلك فتحت دور العبادة والمدارس والمعاهد الرسمية أبوابها أمام النازحين في مناطق بيروت والشوف - عاليه والشمال، وأبرزها: مدرسة بشامون، كيفون، القماطية، عرمون، شانيه، المشرفة، عين دارة، المعهد الفندقي الميناء طرابلس، معهد بئر الحسن، الوردانية، جون، الجية، مدرسة العاملية (رأس النبع).
في هذا الإطار تواصل موقع "االصفا نيوز" مع عدد من الناشطين الذين كانوا يشاركون هذه المنشورات حيث اعتبر أحدهم أنّه "في هذه اللحظات العصيبة من المطلوب منا التصرف وفق ضميرنا ووطنيتنا"، منتقداً "تجار الأزمات الذين يستغلّون وجع الناس ويرفعون بدل الإيجارات".
وتحدّث ناشط آخر عن تشكيل "خلية أزمة في منطقة بيروت، وعن مبادرات أخرى لخلايا أزمة في عدد من المناطق اللبنانية، تسعى إلى تأمين مراكز إيواء في أماكن عامة وخاصة"، شارحاً أنّ "العدد يفوق العرض والمطلوب تضامن الجميع".
أما عن الآلية فمن الملاحظ أنّه يتم نشر المعلومات المحدّثة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفيها المنازل التي يمكن اللجوء إليها. كما الدعوات إلى التبرع بمساعدات عينية، كفرش، ومواد غذائية، وصناديق مياه، وحليب للأطفال، وأدوية وغيرها.
وبحسب المعلومات فالمدارس تمتلئ بشكل سريع، وقد وصل عدد العائلات التي لجأت إلى صيدا إلى أكثر من ألف عائلة، أمّا في بيروت فالمدارس أيضاً بدأت تمتلئ بالنازحين".
وانتشرت مطالبات لأصحاب المدارس الخاصة لفتح أبوابها. ودعوات لتشكيل لجان طوارئ شعبية في كل المناطق لتقوم بمساعدة النازحين على إيجاد المسكن وتوفير المساعدات العينية لهم ما أمكن، خصوصاً في ظل الضائقة الاقتصادية والمعيشية. التي تعانيها البلاد من تشرين أول من العام .2019 وكان اللافت بالأمس الدعوات التي انطلقت من جهات مختلفة لترك الخلافات الداخلية جانباً والتركيز على الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني بدعم النازحين في هذه الظروف الصعبة.
في المحصّلة، نحن في مرحلة حرجة في لبنان، تتطلّب التحلّي بالوعي والحكمة، ونبذ الطائفية وخطاب الكراهية والاتحاد جميعا بوجه عدو واحد.