ينشر "الصّفا نيوز" هذه المقالة المترجمة بتصرّف نقلًا عن مجلة "Challenges ".

منذ وفاة والده في كانون الثاني الماضي، تولّى أكرم صفا، الابن الأكبر، زمام الأمور، ويطمح الشاب البالغ من العمر 25 عامًا إلى توسعة الإمبراطورية العائلية في مجالات الشحن والطاقة والعقارات.

في هذه المقابلة، يكشف الرئيس التنفيذي لمجموعة بريفنفيست القابضة عن بعض طموحاته.

واحدة من السمات العديدة التي ورثها عن والده هي صعوبة تحديد موعد معه. فترتيب لقاء مع أكرم صفا ليس بالأمر السهل. وريث إمبراطورية الملياردير الفرنسي - اللبناني إسكندر صفا يزور يومًا أحد المواقع الكبرى للشركة في أبو ظبي، ويجول في اليوم التالي في حوض بناء السفن التابع لشركة "CMN" في شيربورغ. وبعده ، قد تجده في دومين دو باربوسي قرب مدينة كانّ، وهو مجمّع عقاري ضخم يمتد على مساحة 1350 هكتارًا، أي "ثماني مرات أكبر من مساحة موناكو".

في النهاية، نجحت مجلة "Challenges" في إجراء أول مقابلة معه منذ وفاة والده، المعروف بلقب "ساندي"، وكان اللقاء في أحد المطاعم الراقية في الدائرة الثامنة في باريس.


"أنا جزء من هذا العالم منذ ولادتي"

بوجه شاب ومصافحة حازمة، لا يبدو أنّ أكرم صفا، الابن الأكبر البالغ من العمر 25 عامًا، يخشى من ثقل ما ورثه عن والده. إرث يضمّ أحواض بناء السفن في شيربورغ وحوض السفن البحري الألماني في كيل وفي أبو ظبي، وممتلكات عقارية ضخمة (موندوليو وسان تروبيز)، ومجموعة لوجستية بحرية (AMT) والمجلة الأسبوعية "Valeurs Actuelles". يقول أكرم: "عملت رسميًا في المجموعة ثلاث سنوات، لكن في الواقع، كنت جزءًا منها منذ ولادتي".

مبتسمًا يضيف خريج جامعة جورجتاون الأميركية وأحد طلّاب المدرسة السويسرية المرموقة Aiglon College: "عندما كنت في الرابعة من عمري، راح والدي يأخذني معه إلى اجتماعاته، وكنت أحيانًا أنام على طاولة مكتبه!".

أكرم، الذي يرث المجموعة إلى جانب شقيقه الأصغر أليخاندرو (22 عامًا) الذي يُنهي دراسته في لندن، وعمه أكرم (66 عامًا)، واثق من قدرته على مواصلة مسيرة نجاح إمبراطورية صفا، التي تُقدّر عائداتها بمليار يورو وتوظّف 2000 شخص.

في السنوات الثلاث الماضية، لم يكن أكرم مجرد وريث، بل أخذ يسعى إلى جذب عملاء جدد لسفن المجموعة، من الزوارق الاعتراضية السريعة (HSI 32) إلى الكورفيتات (Baynunah Mk2). يقول: "وظيفتي تشمل أيضًا التفاوض على العقود. يجب أن نفهم أنّ الفرص التي تتاح لنا كبيرة جدًّا، خاصة في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية".

الفرص الواعدة كثيرة

تسعى شركة CMN للحصول على عقد لصيانة 58 سفينة من طراز HSI 32 اشترتها السعودية. كذلك تجري مفاوضات محورها بيع الكويت زوارق اعتراضية، يبلغ طول الواحد منها 37 مترًا، وسفن صواريخ Baynunah. والكويت هي سوق كبيرة، يأمل الرئيس التنفيذي الشاب أن يحصل على دعم قوي من الحكومة الفرنسية. يقول: "لدى فرنسا فرصة ذهبية في الكويت، لكن يجب استغلالها. وإلّا فإنّ دولًا أخرى ستفوز بالعقد".


كواليس اللقاء

جرى اللقاء هذا الصيف في فندق بلازا أثينيه في باريس (الدائرة الثامنة). كان أكرم صفا قد عاد للتو من مجمّع دومين دو باربوسي. وتمّ تحديث هذه المقابلة من خلال مكالمة هاتفية في 6 أيلول الجاري.

لتحقيق الخرق التجاري الكبير الذي يسعى إليه، يعتمد أكرم صفا على الابتكار. يقول: "نحن متقدّمون جدًا في تطوير مسيّرات بحرية طول الواحدة منها 15 مترًا، وقد جرى اختبار بعض النماذج الأولية منها، وهي تلقى اهتمامًا لدى الدول الخليجية. كذلك عقدنا محادثات مع رواد الذكاء الاصطناعي العسكري في الولايات المتحدة، مثل Saronic وShield AI، لدمج أنظمتهم في سفننا".

وقد وضع أكرم صفا نصب عينيه تحدّيًا كبيرًا: غزو السوق الأميركية العملاقة في مجال البحرية. ويضيف: "مجموعة سفننا، التي يراوح طول إحداها بين 10 و180 مترًا، مصممة بدقة لتلبية الحاجات الأميركية. أمّا التحدّي الآن فهو العثور على الشريك الصناعي المناسب لتأمين موقعنا هناك، لأنّ الوجود المحلّي شرط أساسي في الولايات المتحدة".

الطموح الكبير الآخر لأكرم هو تنويع أنشطة أحواض بناء السفن نحو القطاع المدني. وقد حققت CMN خطوة مهمة في العام 2023 لدى فوزها بمناقصة لبناء المحطة القطبية "Tara Océan". هذه السفينة الفريدة يبلغ طولها 24 مترًا وتستهدف الجليد القطبي لدرس تأثيرات التغيّر المناخي، وهي حاليًا في مراحل التجميع النهائي في شيربورغ. يقول صفا: "البناء يسير بشكل جيد، ومن المتوقع أن تكون المحطة جاهزة في كانون الثاني أو في شباط. انها لمدعاة فخر كبير أن نصمم مثل هذه السفينة التي ستستضيف العلماء في القطب الشمالي طوال خمسة وعشرين عامًا".


إطلاق 6,000 وظيفة

لكنّ المشروع الأكثر طموحًا يتعلّق بالطاقة المتجددة. إذ إنّ شركة HydroQuest التابعة لمجموعة CMN مستعدة لإطلاق مزرعة تجريبية للتوربينات البحرية بالتعاون مع المنتج Qair، ستُركّب في مضيق بلانشارد (مانش)، في قلب أحد أقوى التيارات البحرية في أوروبا. يقول أكرم صفا: "إذا دعمت الدولة هذا القطاع في إطار البرنامج المستقبلي للطاقة المتجددة (PPE)، يمكننا تحقيق 1.5 جيغاوات من القدرة في العام 2030، وهو ما يعادل قدرة مفاعل نووي EPR، واستيلاد حوالى 6,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة".

وإلى ما تطمح المجلة الأسبوعية "Valeurs Actuelles" بعدما أقال إسكندر صفا المديرَ السابق للتحرير، جيفروي ليجون، في العام 2023، إثر انحراف الخط السياسي للمجلّة نحو اليمين المتطرّف، داعمًا إريك زمور دعمًا واضحًا؟ أجاب أكرم صفا: "كانت هناك تجاوزات، لكن تلك الفترة أصبحت من الماضي. سنستثمر في 'Valeurs Actuelles' من أجل جعلها مجلة كبيرة، والخط الأحمر الذي أضعه هو أننا يجب أن لا ندعم أحدًا بشكل أعمى".


المعركة القانونية

الخبر السيئ الوحيد (والبارز) هذا الصيف، كان إدانة بعض الشركات التابعة لـPrivinvest في قضية الفساد الشهيرة بـ"الديون المخفية" لدولة موزمبيق. في 29 تموز، حكمت محكمة بريطانية على هذه الشركات، المتهمة بتوزيع رشًى على مسؤولين حكوميين ومصرفيين بغية الفوز بعقود، وبدفع 825 مليون دولار إلى دولة موزمبيق. علّق أكرم صفا على هذه المسألة: "سنتقدم باستئناف. لكن هذا الحكم، على أي حال، لا يؤثر في أنشطتنا البحرية". وأضاف: "لن أعلّق أكثر من ذلك على قضية لا تزال في طور النظر، لكن أود أن أذكر أنّ الشركات المعنية حققت في الملف نفسه انتصارًا في العام 2019 عندما ربحت القضية التي رفعتها وزارة العدل الأميركية على أحد مديريها، جان بستاني".

وحصلت المفاجأة الكبرى لدى تبرئة محكمة في نيويورك بستاني، المدعوم منذ البداية من إسكندر صفا. وقتذاك، قال رئيس Privinvest لـ "Challenges": "لا نتخلّى عن أفراد العائلة"، وألمح إلى احتمال مقاضاة وزارة العدل على أمل الحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت بالمجموعة. بعد سنوات من المعارك القانونية، فاز "الأسد العجوز" أيضًا في العام 2022 باستعادة أحواض بناء السفن اليونانية Hellenic ، التي كانت قد صادرتها الحكومة اليونانية. الروح القتالية وروح العائلة: جزء أساسي من إرث "ساندي".