يومًا بعد يوم، تمضي سوريا في مسار استعادة علاقاتها الثنائية مع دول المنطقة والعالم، آخرها عودة العلاقات الدبلوماسية السورية- الإيطالية، إضافة إلى ورود معلوماتٍ موثوق بها عن زيارة وفدٍ كويتي دمشق، تمهيدًا لإعادة فتح سفارة دولة الكويت في العاصمة السورية، ولكن يبقى الحدث الأبرز، راهنًا، هو الدور الذي تؤدّيه روسيا وإيران على طريق إعادة العلاقة بين سورية وتركيا إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الكونية على سورية، في منتصف آذار من العام 2011. ويبدو أنّ قطار العلاقة بين هاتين الدولتين يمضي على سكّته الصحيحة، إن لم تعرقله بعض الألغام التي تكمن في تفاصيل عدد من القضايا العالقة المشتركة.

وبالعودة إلى العلاقات الخليجية مع دمشق، فقد وردت معلومات عن لقاءاتٍ سورية- قطرية في دمشق وفي غير مكان، وإفراج الدوحة عن أموال تعود إلى الحكومة السورية، مخصصة للاستيراد، كانت أودعتها في المصارف القطرية قبل "حرب 2011"، ولم تنف ولم تؤكد أيّ جهةٍ معنية صحّة هذه المعلومات.

وفي السياق نفسه، تبقى هناك مسلّمة ثابتة، لا تحتاج إلى إثبات، وهي أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في طليعة الدول المبادِرة إلى فكّ العزلة الدبلوماسية عن سوريا، فهي أول دولة كسرت المقاطعة العربية وسواها لدمشق، بعدما أعادت افتتاح سفارتها في العاصمة السورية في كانون الثاني من العام 2018. تبع ذلك زيارة قام بها وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى دمشق، في 9 تشرين الثاني 2021، وكانت أول زيارةٍ لمسؤولٍ خليجيٍ كبيرٍ للبلاد، بعد الحرب الكونية عليها. ومنذ ذلك الوقت، بدأ عمليًا كسر المقاطعة العربية لدمشق. بعدها، وفي إطار تعزيز العلاقات بين الجانبين الإماراتي والسوري، زار وزير الخارجية الإماراتية، العاصمة السورية، في أوائل كانون الثاني من العام 2023، وعرض مع الرئيس السوري للعلاقات بين البلدين، وسبل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وسواها بينهما.

ويأتي ذلك ضمن الدور العالمي الذي تؤديه الإمارات في حل النزاعات وإحلال السلام، كالوساطات التي قامت بها أبو ظبي بين روسيا وأوكرانيا، وأفضت إلى صفقة تبادلٍ للأسرى بينهما في كانون الثاني من العام 2022، على سبيل المثال، لا الحصر.

شجّع الدور الإماراتي في سوريا باقي دول الخليج على الانفتاح على دمشق...

وفي الإطار عينه وللغاية عينها، أي (تطوير العلاقات الثنائية)، حلّ الرئيس السوري بشّار الأسد ضيفًا على دولة الإمارات في آذار من العام 2023، وهي كذلك أول زيارةٍ له إلى دولةٍ عربيةٍ منذ اندلاع الحرب على سوريا.

وفي الواقع، شجّع الدور الإماراتي في سوريا باقي دول الخليج على الانفتاح على دمشق، خصوصًا المملكة العربية السعودية، كبرى هذه الدول، ناهيك بتأثيرها الكبير في الدول العربية والإسلامية، التي استأنفت بدورها علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وعينت المملكة فيصل بن سعود المجفل سفيراً لها فيها قبل بضعة أشهر. كذلك أكدت الكويت والبحرين أنّهما "اتخذتا قرارًا بتخفيف التمثيل الدبلوماسي مع دمشق، بناء على قرار دول التعاون الخليجي، ولكن من دون الوصول إلى القطيعة الكاملة، أي إغلاق السفارات". ولا ريب في أنّ الدور الإماراتي يبقى متقدمًا على سواه، على اعتبار أنّ أبو ظبي ذهبت فورًا إلى خطوة إعادة افتتاح سفارتها في العاصمة السورية، كذلك هي أول دولة عربية استضافت الرئيس الأسد.

ولكن، من المسلّم به أنّ كلّ هذا الانفتاح العربي وسواه على سوريا، ما كان ليحدث، لولا صمود الدولة السورية في أعتى حربٍ شهدتها المنطقة. لذا صار لزامًا على كلّ دول العالم التسليم بهذا الواقع، وبالتالي الكف عن المكابرة، وأن تحذو حذو الإمارات والسعودية وتركيا.