ارتفع تصنيف الجامعة اللبنانية على المستوى العالمي بحسب تقرير مؤسسة (QS) لعام 2025، إلى المرتبة 567 عالميّا بعدما كانت في المرتبة 577 عام 2024.
ومن ستّ جامعات لبنانية تستجيب لمعايير (QS) وتم تقييمها في التصنيف العالمي لعام 2025، احتلت الجامعة اللبنانية المرتبة الأولى محليًّا على مستوى مؤشّرَي السمعة المهنية والسّمعة الأكاديمية.
معلوم أن مؤسسة (QS) تستند إلى جملة من المعايير لتصنيف الجامعات أبرزها السمعة المهنية والسمعة الأكاديمية ونسبة الأساتذة الحائزين شهادة الدكتوراه وتجربتهم التعليمية، إضافة إلى نسبة أعداد الطلاب والتشبيك مع المؤسسات البحثية.
وكانت الجامعة اللبنانية قد صُنّفت عالميًّا بين أوّل مئة جامعة في اختصاص الهندسة البترولية، وأول مئة وخمسين جامعة في اختصاصَي الصيدلة والعلوم الدوائية، وأول ثلاثمئة جامعة في اختصاصَي الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وذلك استنادًا إلى تقرير (QS) لتصنيف الجامعات على مستوى الاختصاصات لعام 2024.
تمكنت الجامعة اللبنانية بعد كلّ هذا التطور من تجاوز جامعات في فلسطين المحتلة تتبع للكيان الاسرائيلي وتتلقى الدعم والتمويل بصورة دائمة، وأشهرها جامعة حيفا.
وتقدّمت الجامعة الوطنية 10 نقاط عن السنة الماضية، وتجاوزت جامعات مرموقة في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.
وتضمّ الجامعة اللبنانية 16 كلية ومعهداً، و3 معاهد دكتوراه، و68 فرعاً ومركزاً، و196 مختبراً. وتحوي 375 اختصاصاً و191 مساراً تخصصياً و53 اختصاصاً في معهد الدكتوراه.
أهمية الجامعة اللبنانية
الجامعة اللبنانية هي واحدة من أهمّ المؤسسات التعليمية في لبنان، وقد أُنشئت لتحقيق عدّة أهداف رئيسة تساهم في تطوير المجتمع اللبناني وتعزيز قدراته. تتمثّل أهمية الجامعة اللبنانية في عدة جوانب، منها:
- تحقيق التعليم العالي لجميع الطبقات الاجتماعية: توفر الجامعة اللبنانية فرص التعليم العالي للطلاب من جميع الطبقات الاجتماعية، مما يساهم في تقليص الفجوة التعليمية بين الفئات المختلفة في المجتمع.
- تعزيز البحث العلمي: تساهم الجامعة اللبنانية في تطوير البحث العلمي من خلال تشجيع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على القيام بالأبحاث والدراسات في مختلف المجالات الأكاديمية.
- تخريج كوادر مؤهلة: تسهم الجامعة اللبنانية في تخريج كوادر متخصصة ومؤهلة في مختلف المجالات، مما يعزز سوق العمل اللبناني ويزيد من كفاءته.
- التنمية الاقتصادية والاجتماعية: تسهم الجامعة اللبنانية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تخريج مهنيين مؤهلين قادرين على المساهمة في تطوير مختلف القطاعات.
- تعزيز الهوية الثقافية: تساهم الجامعة اللبنانية في الحفاظ على الهوية الثقافية اللبنانية وتعزيزها من خلال تدريس التراث والثقافة اللبنانية.
اللبنانية لا تهدي شهادات
في هذا الإطار، يقول أحد اساتذة الجامعة اللبنانية، لـ"الصفا نيوز" إنّ "الجامعة اللبنانية رغم كلّ المعاناة التي تعانيها، وخصوصاً على صعيد ضعف التمويل الحكومي، بعد الأزمة الاقتصادية التي خفضت التمويل، لا تزال تحقق إنجازات في سلّم تصنيفات الجامعات اللبنانية والعربية والعالمية"، رادّاً الأسباب إلى "الالتزام والتضحيات الكبيرة لأساتذة الجامعة والكادر الإداري، خصوصاً أنّهم في السنتين الماضيتين كانوا يعلّمون بشكل شبه مجاني، وهذا ما جعل عدداً كبيراً من الأساتذة يفكّرون بالهجرة. ورغم ذلك بقيت الجامعة صامدة".
ولفت الاستاذ نفسه إلى النتائج الجيدة التي تعطيها الجامعة اللبنانية، وكلياتها التطبيقية، مستشهداً بتجربته الخاصة، إذ علّم أولاده في الجامعة اللبنانية، ثم ذهبوا لإكمال دراساتهم العليا في الخارج، ليحققّوا وعشرات الخريجين من الجامعة اللبنانية، مراكز عليا في مجالات الطب والهندسة والإعلام وغيرها من الاختصاصات.
وأعاد السرّ وراء "مستوى شهادات الأساتذة، ووجود نخبة من الاساتذة الحائزين على شهادات من جامعات أجنبية، بالإضافة إلى أنّ الطلاب يأتون من مستويات اجتماعية متوسّطة وفقيرة، تدفعهم إلى الاجتهاد في دراستهم لبلوغ مناصب عليا"، وأَضاف "الجامعة اللبنانية لا تهدي شهادات، بل تخرّج كلّ من يستحق".
ولم ينزّه الاستاذ الجامعة اللبنانية عن الأخطاء مشيراً إلى أنّها "إدارة رسمية تخضع لنظام المحاصصة في التعيينات والتوظيفات واختيار الأساتذة، على غرار باقي المؤسسات، إلاّ أنّ النظام الخاص بالجامعة، يجذب العناصر الجيّدة، فالجامعة في قانونها، هي إدارة مستقلّة، وإن تبعت في سلطتها إلى وزارة التربية".
التحديات التي تواجه الجامعة اللبنانية
على الرغم من أهمية الجامعة اللبنانية ودورها المحوري في المجتمع، تواجه العديد من التحديات التي تعيق تحقيق أهدافها بشكل كامل، ومن أبرز هذه التحديات:
التمويل: تعاني الجامعة اللبنانية من نقص في التمويل، ممّا يؤثر على جودة التعليم والبحث العلمي ويحدّ من قدرتها على تطوير البنية التحتية وتحديثها. تراجعت موازنتها من 240 مليون دولار في الـ2019، (قبل الأزمة الاقتصادية) إلى 26 مليوناً في الـ2023، أمّا حاجة الجامعة اللبنانية فتقدر بحوالى الـ75 مليون دولار.
الفساد والإدارة: تواجه الجامعة مشكلات في الإدارة والفساد، ممّا يؤدّي إلى تعطيل العمليات الإدارية وتأخير تنفيذ المشاريع الأكاديمية.
البنية التحتية: تعاني العديد من فروع الجامعة نقصاً في البنية التحتية، بما في ذلك المرافق التعليمية والمختبرات والمكتبات، مما يؤثّر على جودة التعليم والبحث العلمي.
هجرة الأدمغة: يواجه لبنان عامّة، والجامعة اللبنانية خاصّة، مشكلة هجرة الأدمغة إذ يسعى الكثير من الخريجين والأكاديميين إلى العمل أو الدراسة في الخارج بسبب قلّة الفرص وضعف الرواتب في الداخل. في خلال 11 عاماً هاجر من لبنان 626 ألف مواطن أي ما يعادل 12 في المئة من مجموع السكان. فيما 70 في المئة منهم هم من فئة الشباب، إذ تراوح أعمارهم بين 25 و40 عاماً.
ففي عام 2023 وحده ارتفع عدد المهاجرين إلى 180 ألفاً مقابل 59 ألفاً في العام 2022 بحسب "الدولية للمعلومات" لتكون هذه الهجرة الموجة الخامسة من سلسلة الهجرات التي عاشها اللبنانيون في تاريخهم وهي الأعلى على الإطلاق.
التحديات السياسية والأمنية: تؤثّر التحديات السياسية والأمنية التي يمرّ بها لبنان على سير العملية التعليمية في الجامعة اللبنانية، متسببةً في تعطيل الدراسة وخلق بيئة غير مستقرة.
التحديث التكنولوجي: تعاني الجامعة اللبنانية بطئاً في مواكبة التطورات التكنولوجية، مما يؤثر على جودة التعليم ويقلّل من تنافسية خريجيها في سوق العمل.
وهذه التحديات مجتمعة أدّت إلى تراجع عدد طلاب الجامعة اللبنانية من 87 ألفاً في العام الدراسي 2020-2021 إلى 65 ألفاً في العام الدراسي 2023-2024 ، وهو أدنى رقم وصلت إليه الجامعة اللبنانية في عدد الطلاب الذين يشكّلون 40 في المئة من مجمل طلّاب لبنان.
أمّا عدد الأساتذة في الجامعة اللبنانية فيبلغ 1,650 أستاذاً متفرغاً في الملاك، و2,500 أستاذ متقاعد على الساعة. ويواجه هؤلاء الأساتذة معضلة كبيرة تترجم بانخفاض قيمة الرواتب بالليرة اللبنانية وانخفاض القدرة الشرائية، وهذا ما يجعل الكثير منهم يلجأ إلى الهجرة.
على الرّغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الجامعة اللبنانية، يبقى دورها في المجتمع اللبناني حيوياً ومهماً. ويجب على الجهات المعنية والسلطات الحكومية أن تولي الجامعة اللبنانية المزيد من الاهتمام والدعم المالي والإداري لضمان استمرارها في تقديم التعليم العالي بجودة مرموقة والمساهمة في تطوير المجتمع اللبناني.