كان مفاجئًا خبر إخلاء "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة" مواقع عسكرية تابعة لها في منطقة الناعمة في قضاء الشوف، حتى بالنسبة إلى حلفائها في محور المقاومة، بحسب مصادر عليمة. 

ولا تزال "القيادة العامة" تحتفظ بمواقعٍ عسكريةٍ خارج المخيمات الفلسطينية في لبنان، منذ حقبة الحرب اللبنانية (1975- 1990). ومن أبرز هذه المواقع: قوسيا المحاذية للحدود اللبنانية-السورية في سلسلة جبال لبنان الشرقية، السلطان يعقوب في البقاع الغربي، والناعمة جنوب بيروت. ومعلوم أنّ القوى اللبنانية لم تتوصل إلى اتفاق نهائي في شأن سحب السلاح الفلسطيني خارج "المخيمات"، فقد طرح على طاولة الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس المجلس النواب نبيه بري في ربيع العام 2006، ولكن من دون أن يتوصّل المشاركون في الحوار إلى حلٍّ يرقى إلى مستوى القرار الفعلي لحلّ قضية هذا السلاح، فاستمر الوضع على ما هو عليه. 

عناصر القيادة العامّة في الناعمة باقون في مواقعهم


وكان الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة أحمد جبريل (توفي في العام 2021) قد زار لبنان عقب طرح موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات على طاولة الحوار، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حينذاك الرئيس سعد الحريري. لكن تمّ نفي أن تكون اللقاءات قد تطرقت إلى موضوع السلاح الفلسطيني. وأشيع أنّ الفلسطينيين الموالين لسوريا -وبينهم القيادة العامة- اشترطوا أن يقرّ لبنان بحقوقهم المدنية والسياسية قبل تسليم سلاحهم.  

أمّا في ما يتصل بدور المواقع من الناحية العسكرية، فيعتبر خبير عسكري وإستراتيجي أنّ "احتفاظ "القيادة العامة" بمواقعها على الحدود اللبنانية- السورية قد يسهم في تعزيز حمايتها من أيّ عملية تسللٍ إلى الداخل السوري، على اعتبار أن هذا الفصيل الفلسطيني هو حليف لدمشق. علماً بأن أهمية موقع الناعمة كانت تكمن سابقًا في قربه من العاصمة بيروت، إذ يكاد يلامس طريق بيروت- الجنوب، ولكن بعد تعاظم قوة المقاومة اللبنانية، بخاصةٍ "حزب الله"، لم يعد للموقع المذكور دور إستراتيجي- دفاعي كبير، ولربّما له مردود معنوي على "القيادة العامة" وحدها من دون سواها من الفصائل الفلسطينية بسبب الموقع الجغرافي المهم". 

بالعودة إلى إخلاء "القيادة العامة" بعض النقاط التابعة لها في الناعمة، يوضح مرجع قيادي فلسطيني أنّ "عناصر القيادة العامّة في الناعمة باقون في مواقعهم، وأنّ إخلاء بعض النقاط في هذه المنطقة جاء تسهيلًا لحركة المواطنين فيها، إثر تسليم عقارات إلى أصحابها، وإخلاء أحد الطرق، وذلك حرصًا من "الجبهة" على علاقاتها مع الجوار وتطويرها". ويختم: "من هنا تجاوبت "القيادة العامة" مع كلّ المبادرات المتعلقة بهذا الشأن". 

يُذكر أن الموقع لم يفكّك بأكمله، ولا يزال العديد من العناصر في أماكنهم. وما حصل هو إعادة انتشار بعد إخلاء بعض النقاط تسهيلًا لتنقّل المواطنين في المنطقة.