[caption id="attachment_1436" align="aligncenter" width="1024"] رغم الظروف التي يمر بها لبنان من المتوقع أن تشهد سماء بعض المدن اللبنانية إطلاق ألعاب نارية لمناسبة حلول العام الجديد[/caption]

درجت العادة ان ينتظر اغلب اللبنانيين واللبنانيات توقعات سهرة رأس السنة. وهي توقعات بعضها "يستند" إلى علم الفلك والأبراج والتنجيم أو هكذا يقال. وبعضها فيه دور لوحي ما، لا يجوز مقاطعته خلال البث المباشر على الهواء او على قناة التواصل، بين العالم بخفايا الأمور ومصدر الوحي الأعلى. وبعضه له علاقة بكائنات فضائية او بجلسة تبصير.

التوقعات هذه ليست لعبة تلفزيونية لليلة واحدة بل هي حدث يتم استثماره على مدى أسبوع أو أسبوعين كحد أقصى. وبدأ الترويج على الشاشات الصغيرة لعمالقة التوقعات في لبنان. ولكل شاشة نجومها، وإن تنقلت ماغي فرح مع الأبراج من محطة إلى محطة. وعلى رغم محاولات بعض الشاشات المحلية مع تراجع متابعتها اللجوء مراراً إلى استضافات متكررة من هذا النوع في محاولة لبث الروح في بث ميت. إلّا أن الرهان اليوم أن يكون التلفزيون هو رفيق الساهرين في ظل الأزمة المالية وشح الدولار في جيوب اللبنانيين وهو عملة الحفلات الفنية في المربعات الليلية التي كانت قبلة مستقبلي ومستقبلات العام الجديد.

المشاهد اللبناني ينتظر إذا ما سيعده به منجّمه المفضّل من تطورات ليطمئن إلى مستقبله. هل سيرتفع سعر صرف الدولار؟ أم أن النفط والغاز سيبثان الروح في الليرة فتستعيد بعضاً من كرامتها المهدورة بين صيرفة ومصارف وصرافين. هل سيحمل العام فرصة عمل في الخارج؟ هل سيكون الحصول على جواز السفر ممكناً؟ هل سيشهد العام الجديد اختراع آلية ما تتيح البدء باستجرار الطاقة من الأردن والفيول من العراق ومصر؟ هل ينجح المجلس النيابي بانتخاب رئيس للجمهورية يليه تكليف رئيس بتشكيل الحكومة وتتشكل هكذا حكومة من دون عراقيل أو شروط أو مقاطعة؟

هذه التوقعات وإن لم يجب عنها نجوم سهرة رأس السنة يمكن أن يتولاها نجوم من نوع آخر، هم من أهل أو أبناء أو أولاد عم الإعلام او الإعلان او عالم السياسة المدفوعة بشغف او بأجر، أو بكليهما.

يأتون بتوقعات يومية تجتاح الشاشات والصفحات المطبوعة أو المضيئة. وهم ينتظرون دورهم بعد سهرة التنجيم ليدلوا بدلوهم. لم يكن في الأمر غرابة لو كانت توقعاتهم مبنية على تحليل يستند الى وقائع او مؤشرات سياسية او جيوسياسية او ما شابه. ولكن المشكلة انها توقعات يطلقها عمالقة التحليل والتطبيل.

المحللون والمحللات وليس من باب الحلال والحرام ولكن من باب الاسترزاق ينشغلون ويشتغلون على استخدام كل ما أمكن لتصوير انفسهم وكأنهم وحدهم من يملك كلمة السر، أو التنبؤ بحدث مستحيل ألّا يحدث. وهذا ينطبق على جميعهم أو جميعهن وكل فرد منهم جماعة قائمة بذاتها. يخبرك أحدهم عما دار في خلوة خاصة بين زعيمين في عاصمة غربية بعيدة. وتشرح لك احداهنّ كيف ان اوضاع البلاد ستنقلب رأساً على عقب خلال ساعات او أيام كحد أقصى. وعلى هذا المنوال يجزم العارف بخبايا اتصالات رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن بما نحن مقبلون عليه في مرقد العنزة في جبل لبنان.

للحقيقة ليست المشكلة في كثرة من يعمل في مجال التنجيم و"التحليل" ولا في من يقرأ هكذا تحليلات مبنية على تخيلات غالباً سببها تخمة. المشكلة في أن اغلب من يطلقون هذه التحليلات اليوم هم أول من يبادر الى نعيها أو إنكارها غداً. وللغد تحليل آخر. كل هذا ولم نتحدث بعد عن التحليلات المترجمة من لغات اجنبية على صلة بمطابخ السياسات العالمية التي يتم إسقاطها على الواقع اللبناني أو على رؤوس اللبنانيين.