لا يزال جدول الأعمال كما موعد الجلسة قيد النقاش. لم يحسم رئيس مجلس النواب نبيه برّي قرارهما بعد...
بات من شبه المؤكّد أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي سيدعو إلى جلسة تشريعية الأسبوع المقبل. بعد أن تفرغ هيئة مكتب المجلس النيابي من إعداد جدول الأعمال وإدراج البنود التي ستكون محور النّقاش النيابي تمهيداً لإقرارها، بعد انتهاء أعمال الهيئة العامّة التي دعاها رئيس المجلس إلى الاجتماع الإثنين المقبل، وفي أعقاب 48 ساعة ستتمّ الدّعوة إلى جلسة ستكون الأخيرة هذا العام.
كلّ العيون شاخصة حول بنود جدول الأعمال. القوانين المطروحة كثيرة وكلّها ملحّة وعدد قليل منها اتّسم بصفة المعجّل المكرّر الذي يفترض أن يعرض على الجدول للنقاش من دون المرور باللجان المشتركة للبتّ بأمره. تنتظر الكتل النيابية بفارغ الصبر جدول الأعمال، وكلّ يأمل أن يلبّي طموحاته. تريده القوات مقتصراً على مناقشة مشروع معجّل مكرّر تقدّمت به يرمي التمديد لولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون لمدّة عام لمنع التلاعب "بوضعية الجيش وهو من المؤسسات القليلة جداً التي ما زالت تقف على قدميها وتقوم بمهامها". ولأنّها تعتبر أن لا إمكانية لتعيين قائد جديد في ظلّ الفراغ الرئاسي، خارقة بذلك مبدأ اتّبعته في ظلّ غياب رئيس الجمهورية وهو"مقاطعة الجلسات التشريعية في ظلّ الشغور الرئاسي" بينما يرفض التيار الوطني الحر "أيّ تمديد لأيّ مسؤول تنتهي ولاية خدمته كمبدأ" يتّبعه منذ انخراطه في الحياة السياسية، وقد مارسه حتّى ضدّ نفسه مرّتين عندما رفض نوّابه التمديد لمجلس النواب، كما رفض التيار التمديد لعددٍ من الحالات في الإدارة والأجهزة الأمنية، حسب ما سبق وأعلنت هيئته السياسية. يعتبر التيّار أنّه طالما المخالفة واقعة لا محالة فلتكن لصالح تعيين قائد جديد من قبل الحكومة وليس من أجل قرار تأجيل التسريح بقرار من رئيسها نجيب ميقاتي.
لا يزال جدول الأعمال كما موعد الجلسة قيد النقاش. لم يحسم رئيس مجلس النواب نبيه برّي قرارهما بعد. يعتزم الدعوة إلى جلسة تشريعية، ووفق المعطيات المتوافرة فإنّ نائبه الياس بوصعب يعدّ جدول أعمال دسم يدرج في أوّله مناقشة قانون الكابيتول كونترول، ثم يتدرّج نزولاً إلى قانون استقلالية القضاء ونظام الشيخوخة وإقرار قانون 300 مليون دولار لبطاقة أمان وتعويضات الأساتذة وغيرها من مشاريع القوانين. لائحة من قرابة 40 مشروع قانون قد يزيد عددها أو ينقص، والأمر متوقّف على نقاشات هيئة مكتب المجلس وموافقة رئيس المجلس، هذا فضلاً عن مشاريع قوانين تتعلّق بالتمديد للقادة الأمنيين، سبق وتقدّم بها النائب بلال عبد الله باسم "اللقاء الديموقراطي" وترمي إلى تعديل مواد في المراسيم الاشتراعية التي ترعى تحديد سنّ الضابط في الخدمة في مختلف المؤسّسات الأمنية.
كما تقدّم النائب علي حسن خليل بداية العام الجاري باقتراح يرمي إلى تمديد تعيين المدراء العامّين في الإدارات والمؤسسات العامّة ورؤساء الأجهزة الأمنيّة الذين يُحالون إلى التقاعد بسبب بلوغهم السنّ القانونية قبل تاريخ 31/12/2023 لمدة ثلاث سنوات، ثمّ تقدّم نوّاب تكتّل "الاعتدال الوطني" بمشروع قرار يرمي إلى تمديد سنّ تقاعد لسنتين للمديرين العامّين للأجهزة الأمنية (قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة) للذين سيحالون إلى التقاعد قبل 31/12/2024. وليس معلوماً إذا ما كان سيصار إلى نقاش كلّ اقتراح قانون بمفرده، أم يتمّ دمجها في مشروع واحد جرياً على العادة.
رئيس المجلس يشترط لإدراج بند التمديد حضور القوات إلى جلسة التشريع بكامل بنود جدول أعمالها
انعقاد الجلسة وإن كان محسوماً حسب ما يؤكّد مصدر نيابي لـ"الصفا نيوز" إلّا أنّ ما ليس محسوماً بعد هو إدراج بند التمديد لقائد الجيش، والذي وإن أدرج فلن يكون بنداً وحيداً كما تطرح القوّات، ولا في مقدّمة البنود لكونه معجلاً مكرراً. يعني هذا أنّ نقاشه سيتطلّب مزيداً من الوقت لبنود تحتاج لجلستين أو ثلاثة إلى أن تنتهي جدول أعمالها. القوات التي قاطعت جلسات مجلس النواب واعتبرت جلساته التشريعة غير دستورية وقعت في فخّ تبرير التشريع للمجلس. فرئيس المجلس يشترط لإدراج بند التمديد حضور القوات إلى جلسة التشريع بكامل بنود جدول أعمالها، أمّا التيار فسيحضر ويناقش البنود التي يراها تتصف بصفة تشريع الضرورة.
ولا يستبعد المصدر النيابي أن يتمّ التعاطي مع التمديد لجوزف عون بالطريقة ذاتها التي تعاطى فيها النواب المسيحيين مع التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم. مماطلة حتّى موعد التسريح بلا اتفاق على التمديد. السيناريو ذاته مؤهّل للتكرار ليقع التمديد ضحية الحكومة ومجلس النواب، وكلاهما يتجنّب أخذ القرار على عاتقه. يعتبره بري من صلاحية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي بإمكان حكومته إصدار مرسوم تأجيل التسريح، بينما يريدها ميقاتي أن تصدر عن مجلس النواب بالتوافق ليتجنّب تحمّل المسؤولية أميركياً وفرنسياً وحتّى عربياً وهنا لبّ الموضوع، فالتمديد مطلباً غربياً وعربياً يتجنّب برّي أو ميقاتي مخالفته ولذا ليس محسوماً إدارجه على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وإن طرح فهل يستمرّ النصاب القانوني في الجلسة إلى أن يحين موعد نقاشه؟ هذا غير معلوم بعد.
حتّى الأسبوع المقبل تكون استكملت الاتصالات السياسية، وبناءً على اجتماع هيئة مكتب المجلس يمكن التنبّؤ بمجريات الجلسة، ومن جدول أعمالها سيتحدّد تعاطي النوّاب المسيحيين معها حضوراً أو مقاطعة، وفي كلا الحالين فالثابت واحد وهو خروج القوات على مبدئها بالمقاطعة وخوض معركة التمديد لجوزف عون بتماه مع رغبة الخارج. بتحديد جدول الأعمال يفتح برّي باب المقايضة بين التشريع والتمديد للقائد فهل تلاقية القوات؟ وماذا سيكون عليه موقف التيار وحزب الله حيال التصويت؟ لاشيء محسوم بعد وباب الاجتهاد مفتوح على كلّ الاحتمالات.