قبلَ ستة عقود زارت فيروز القدس ورتّلتْ فيها واتّشحَ صوتُها بحكاياتٍ مقدسيّة أرستْ الأسس لأغنيتَي "شوارع القدس" و"زهرة المدائن".
إنّ نجاحَ أغنيتَي "القدس العتيقة" و"زهرة المدائن" لم يكن مقتصراً على صوتِ فيروز فقط، ولا على شِعْر ولحنِ الأخوين الرحباني، صدى الأغنيتين لهُ حكاية طالت لثلاثِ سنوات، حيثُ زارت فيروز القدس ليلةَ الميلاد وغرفتْ من شعورٍ صادقٍ يسكنُ "شوارع القدس العتيقة"، كما التقتْ بأهلِ "بيت لحم" واكتسبَ صوتُها قداسةً فوقَ القداسة في كنيسة المهد.
1963
نهاية عام 1963 دُعيَت فيروز إلى فلسطين للمشاركة في احتفاليةِ تراتيل بمناسبةِ زيارةِ بابا الفاتيكان إلى المدينة المقدّسة التي كانت وقتئذٍ لا تزالُ تحتَ حكمِ الإدارة الأردنيّة. توّجه عاصي ومنصور وفيروز إلى فلسطين، ورتّلت في اليوم الأول "أنا الأم الحزينة على طريق الآلام"، أمّا في اليوم الثاني فكانت التّراتيل في منطقة باب العامود.
قصّة المزهريّة
أثناء تجوّل فيروز في شوارع القدس، أوقفتها سيدة، ودارَ حديثٌ بينهما عن معاناة الفلسطينيين إبّان النكبة في العام 1948. حينها أهدت السّيدة الفلسطينية فيروز مزهريّة، فاستثمر الأخوان الرحباني الموقف لتكون أغنية "القدس العتيقة" التي تقولُ كلماتها: "مرّيت بالشّوارع... شوارع القدس العتيقة... قدّام الدكاكين إللي بقيت من فلسطين... حكينا سوا الخبّرية، عطيوني مزهريّة، قالولي هيدي هدية... من النّاس الناطرين".
1967 - 1968
عام 1967 صدرَ ألبوم "القدس في البال" ليلةَ الميلاد، والذي ضمّ "زهرة المدائن" و"القدس العتيقة" و"غابَ نهارٌ آخر" و"يافا" و"بيسان" و"سنرجع يوماً" من كلمات وألحان الأخوين الرحباني وأغنية "سيفٌ فليُشهر" من كلمات سعيد عقل وألحان الأخوين الرحباني.
في العام التّالي زار كلّ من إميل الغوري ومحي الدين الحسيني السّيدة فيروز، وكانا نائبين في مجلس النّواب الأردني عن مدينة القدس، وقد أهدياها مفتاحَ مدينة القدس التي تحملُها فيروز إلى اليوم في قلبها.
اليوم، تُتمُ فيروز عامها التسعة وثمانين، وقد مرَّ على تلكَ الزّيارة حوالي ستّينَ عاماً... أحوالُ القدس أسوأ، لكنّ هناكَ أشياءٌ أفضل، كصوتِ فيروز، وبقاء فيروز بيننا... و"طوفان الأقصى".